هل يستأذن البارزاني من طهران؟
حدثت تغيرات كبيرة في دبلوماسية دول الشرق الاوسط في الأسبوع الماضي، حتى ان بعض المراقبين قد تفاجأ من هذه التغييرات، فقد بدأت بالتقارب التركي والإسرائيلي، وصولا الى انشاء التحالف الاسلامي "السني" للتصدي للإرهابيين، وبتأييد من الولايات المتحدة، وعدم وجود اي امتعاض من الجانب الروسي، وهذا يدل على انه بعد 100 عام على توقيع اتفاقية سايكس بيكو، سوف تنشأ سايكس بيكو جديدة.
إننا لا نستطيع ان نقول بأنه لم يكن للكورد اي دور في الاتفاقيات السابقة، إلا انه كان مثل "الكارت" بيد اللاعبين الكبار في المنطقة، لكن هذه المرة، فقد اختلف الوضع تماما، واصبح الكورد هم من ضمن اللاعبين الكبار، واستطاعوا ان يتحرروا من كونهم "كارت" (رابحا كان أم خاسر) ليلعب به الآخرون، ولكن يجب على الكورد ان يبقوا ويحافظوا على بقائهم مع الكبار.
ان الذين قاموا برسم خارطة منطقة الشرق الاوسط قبل 100 عام، كانوا من الدول الغربية، وقاموا بتوزيع المناطق على هواهم وبما تقتضيه مصالحهم، وفي ذلك الوقت لم يستطع الكورد ان يحافظوا على المناطق التي حصلوا عليها، لكن بعد 100 عام اصبح الكورد من الشركاء الاساسيين في المنطقة ويجب ان يعرفوا من اين تؤكل الكتف.
من جانب آخر، هناك اهمية للتحالفات العسكرية بين الدول التي يكون السنة الأكثرية فيها، نستطيع ان نلخصها في ثلاث نقاط وهي:
الأهمية الأولى: لن تقوم الدول الغربية بتكرار التجربة التي صارت بين افغانستان وأمريكا، والثانية يجب وضع حدود للنفوذ الإيراني والشيعي في المنطقة، والثالثة ان داعش ومن يشابهها لن تقوم بعملياتها فقط في دول الشرق الاوسط، فقد قاموا بهجماتهم في باريس ايضا، وقد يقومون بها في مناطق اخرى.
بعد الربيع العربي، لم تتواجد استراتيجية واضحة بين الولايات المتحدة وبين السنة في المنطقة، مما ادى الى إنبثاق شتاء قارس بدلا من ولادة ربيع سياسي بعد هذه الاحداث، وبدل ان يصبح تنظيم داعش المدافع عن السنة المغيبين في المسرح السياسي العراقي، وان يضعوا حدا للنفوذ الايراني والشيعي في المنطقة، قاموا بتقوية ايران اكثر، وجعلوها تمد وتبسط نفوذها أكثر من خلال الاعمال التي قامت بها، لذلك عرفت بعض الدول السنية في المنطقة بأنه حان الوقت الاستغناء عن داعش كممثل لهم، وان يقفوا بقوات اكثر فاعلية امام الدولة الايرانية.