المغرب.. هل تستجيب الدولة إلى حملة المطالبة بإلغاء معاشات البرلمانيين والوزراء؟
الرباط، المغرب (CNN)— مرّ أزيد من أسبوع على تصريحات الوزيرة المنتدبة المكلّفة بالماء، شرفات أفيلال، في برنامج تلفزيوني، عندما بخسّت من قيمة معاشات البرلمانيين لتجد نفسها عرضة لانتقادات كبيرة، إلّا أن الفضاء الافتراضي لا يزال يغلي في المغرب بمطالب إلغاء هذه المعاشات، إذ تستمر الحملات بالارتفاع وإثارة انتباه الرأي العام الوطني والدولي.
الحملات الافتراضية ليست وليدة هذا الأسبوع في المغرب، فمنذ سنوات، والنشطاء المغاربة يخلقون حملات كثيرة في عدد من المجالات، منها ما نجح في بلوغ أهدافه، ومنها ما بقي حبيس الفضاء الإلكتروني، غير أن المتتبع لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب، يدرك وجود رأي عام افتراضي قوي، استطاع أن يجلب اهتمام رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، الذي انتقد هذا الأسبوع سخرية رواد فيسبوك منه.
ومن أكبر الحملات الافتراضية التي حققت نجاحًا قويًا، هناك حركة 20 فبراير التي بدأت في مجموعة على فيسبوك، وتحوّلت إلى أكبر حركة احتجاجية يشهدها المغرب في العقود الأخيرة، وكذلك هناك الحملة التي قامت ضد قرار العفو الملكي على مواطن إسباني اغتصب 11 طفلًا مغربيًا، ممّا أدى إلى التراجع عن العفو، والحملة التي رفضت زيارة الشيخ محمد العريفي إلى المغرب مؤخرًا.
غير أنه في الجانب الآخر، هناك حملات متعددة بقيت حبيسة الفضاء الافتراضي، ولم تراوح مكانها حتى انتهت إلى النسيان، ومنها الحملة الوطنية لإلغاء مهرجان موازين، التي ضعفت كثيرًا أمام الحضور الجماهيري الكبير لفقرات المهرجان، وحملة رامية إلى رفع التجريم عن المثلية، انتهت للمعارضة الكبيرة التي لاقتها من طرف الأوساط المحافظة.
وحول قدرة الحملة على دفع الدولة نحو إلغاء معاشات البرلمانيين والوزراء، يقول محمد أمين، مؤسس صفحة الحملة على الفيسبوك ، لـCNN بالعربية: "الأمر متعلق بكيفية النظر ألى هذا المطلب بالذات، أعتقد أنه يجب على الدولة أن تحقق المطلب بحكمة الوضعية الراهنة والصعبة التي يعيشها المواطن، وأن تبدي تفهما كبيرا بالاستجابة الفورية لهذا المطلب".
ويضيف محمد:"الدولة بجميع مؤسساتها تعلم أن الاقتصاد المغربي على وشك السكتة القلبية بحيث إن المديونية تجاوزت نسبًا هائلة، وبالتالي على الجميع المساهمة في إنقاذ هذا الاقتصاد. ورجال السياسة من برلمانيين ووزراء هم من يجب أن يكونوا في المقدمة، بدل اكتفائهم بإخبارنا عن وجود أزمات في البلاد".
ياسر الخلفي، صحفي مغربي اشتغل في الانترنت منذ سنوات، يتحدث عن أن مبادرة المطالبة بإلغاء معاشات البرلمانيين والوزراء تبقى "مبادرة مهمة، لا سيما أنها وجدت ترحيبًا من بعض البرلمانيين الذين عبروا عن استعدادهم للتنازل عن هاته المعاشات، وهذا يمثل نجاحًا نسبيًا وإن لم يتبعه إجراء تفعيل".
ويضيف الخلفي لـCNN بالعربية: "أنا متفائل بهذه الحملة القوية، وليس بعيدًا بأنها ستحقق هدفها بدفع البرلمان إلى إلغاء معاشات البرلمانيين والوزراء. وإن لم يتحقق هذا الهدف، فالأهم أنها فتحت نقاش ضروريًا التفت حوله معظم فئات الشعب".
غير أنه داخل الحزب الذي يقود الحكومة المغربية، هناك من ينظر بعين الشك إلى هذه الحملة:" توقيت هذا النقاش ليس بريئًا، وأعيد فتحه عندما أعلنت الحكومة عن إصلاح على المدى البعيد يهم أنظمة التقاعد. هذه الحملة يستفيد منها المتضررون من مناهضة الفساد ومن العمل على التوزيع العادل للثروة" يقول حسن حمورو، عن حزب العدالة والتنمية.
ويضيف حمورو لـCNN بالعربية: "لا أعتقد أن الحملة، وعلى أهميتها، ستدفع الدولة نحو إلغاء معاشات البرلمانيين والوزراء، يمكن أن تحدث مراجعة مستقبلًا لكن ليس تحت الضغط، فالدولة لا تتفاعل مع أي حملة تظهر في الفضاء الافتراضي"، مضيفًا: "المعركة الحقيقية اليوم هي محاربة الفساد، وليس التوقف عند معاشات البرلمانيين والوزراء".
جدير بالذكر أن القانون المغربي يضمن للبرلماني، سواء أكان في الغرفة الأولى أو الثانية، معاشًا بقيمة 5 ألاف درهم (506 دولار) إذا أكمل ولايته التشريعية الأولى (خمس سنوات)، وتتم طريقة الاحتساب عبر إضافة ألف درهم عن كل سنة تشريعية، ممّا يمكن من رفع المعاش حسب السنوات التشريعية شريطة عدم تجاوز 15 ألف درهم (1517 دولار)، بينما هناك ظهير شريف يمكّن الوزراء من معاش تصل قيمته إلى39 ألف درهم (3946 دولار).
تعرّف أكثر على الموضوع من خلال هذه القصة: مطالب إلغاء معاشات البرلمانيين والوزراء.. كرة الثلج التي تكبر في المغرب
تغطية ذات صلة