السوريون يختلفون حول زهران علوش -
تنوعت آراء السوريين حول مقتل زعيم جيش الإسلام زهران علوش، ففيما اعتبره البعض ثائرًا معتدلًا ومجاهدًا كبيرًا شكل رحيله خسارة فادحة، اعتبره البعض الآخر إرهابيًا ساهم في عمليات القتل والترويع.
بهية مارديني: انقسم السوريون حول زهران علوش قائد جيش الاسلام، الذي قضى أمس في غارة روسية على ريف دمشق مع قيادات من الجيش الحر، فمنهم من اعتبره مجاهدًا كبيرًا وخسارة كبيرة، وصنف العملية الروسية بأنها مساندة للارهاب بدل اجتثاثه وتقويضًا للجيش الحر، فيما اعتبر المقربون من النظام أن علوش قاتل، وقد أمطر دمشق بالقنابل وينفذ أجندات غير سوريّة.
إلى ذلك، نعى الائتلاف الوطني السوري المعارض زهران علوش ومجموعة القادة الذين استهدفوا معه في الغارة، وقال في بيان، تلقت "ايلاف" نسخة منه: "إن تلك الجريمة تؤكد أهداف الغزو الروسي لبلادنا، ومنها مساندة الإرهاب والنظام المستبد، واستئصال قوى الثورة المعتدلة، وتأتي بعد أيام من مؤتمر قوى الثورة والمعارضة في الرياض، والذي أكد الالتزام بالحلِّ السياسي، ووقعته القوى العسكرية المشاركة، ومنها جيش الإسلام.
خدمة للإرهاب
واعتبر الائتلاف "أن ما تقوم بها روسيا الغازية يمثل خدمة واضحة للإرهاب وتنظيم داعش، وذلك عبر ضرب وإضعاف فصائل الجيش الحرِّ التي تصدَّت للإرهاب وقوَّضت أركانه، ومحاولةٌ جليَّة لإجهاض جهود الأمم المتحدة للعودة إلى مسار التسوية السياسية، ويؤكد أنها تتجه لتصعيد خطير، وتنفيذ عمليات اغتيال واسعة، مما يناقض موافقتها الملتبسة على قرار مجلس الأمن رقم 2254".
ودعا المجتمع الدولي ومجلس الأمن لإدانة تلك الجريمة، بما تمثله من خرق للقرار 2254، وتقويض لمصداقية الدول الموقعة عليه، كما دعا الهيئة العليا للمفاوضات لاجتماع طارئ لدراسة الموقف وتداعياته، واتخاذ ما يقتضيه عقب جرائم الاحتلال الروسي ضد المدنيين السوريين وتصاعدها على نحو خطير.
وعلمت ايلاف أن الائتلاف سيطرح على الهيئة انسحابها من عملية التفاوض وسط التصعيد الروسي في قتل السوريين جميعًا وتحدي موسكو لكل القرارات الدولية وسط صمت العالم، وقال مصدر سياسي"إن السوريين سينظرون الى أي شخص يذهب الى المفاوضات مع النظام وسط هذه الظروف خائنا للدم السوري".
وأكد قاسم الخطيب، عضو الائتلاف، في تصريح لـ "ايلاف"، أن النظام الذي وافق على القرار الدولي وأعلن عن ذهابه الى نيويورك يوم 22 يناير المقبل "يراهن على غموض القرار الأممي الأخير من جهة، وعلى الدعم الروسي القوي الذي يرتكب كل يوم مجزرة جديدة".
وأشار الخطيب الى أن "بيان جنيف كان واضحًا وتحدث عن هيئة حكم انتقالي ومؤتمر الرياض الأخير تحدث عن حل سياسي وعملية شاملة، فيما وزير خارجية النظام وليد المعلم يتحدث عن حكومة وحدة وطنية فقط، وهذا ينسجم مع رؤيتهم لأولوية محاربة الارهاب، أما نحن فرؤيتنا أيضا واضحة"، مشددًا على أن "لا قضاء على الارهاب في ظل وجود الأسد واستمرار حكم عصابته".
إرهابي موصوف
فيما اعتبر منذر خدّام، القيادي في هيئة التنسيق الوطنية المقربة من النظام والمحسوبة على أنها من معارضة الداخل، أن "علوش ارهابي موصوف يحمل مشروعًا سياسيًا متطرفًا"، لكن المجتمع الدولي عامة لم ينقسم حول تصنيف علوش كما بعض أطراف ومجموعات الجيش الحر، اذ أن جيش الاسلام شارك بعد مشاورات في مؤتمر الرياض للمعارضة السورية والذي ضم المعارضة العسكرية المعتدلة.
ولكن خدّام أشار الى" أن على الذين ينعون علوش ويعدونه مناضلا ثوريا أن يرفعوا صوتهم ضد من يؤخر عملية تصنيف المجموعات المسلحة في سوريا لفرز الارهابي منها من غير الارهابي، وأعني أميركا وحلفاءها، فكلما تأخر ذلك تأخر اعلان وقف اطلاق النار وتأخر البدء في الحل السياسي"، وقال: "هذا الوضع يصب في مصلحة النظام وروسيا لانهما يغيران موازين القوى على الأرض بسرعة".
هذا ولا يزال الخلاف ساريًا بين الروس والاميركيين على نقطتين، أولاهما محاولة الروس فرض أسماء على قائمة المعارضة للمفاوضين عن طريق ستيفان ديمستورا، الموفد الدولي، وثانيتها على من تضم قائمة الارهاب، واضافة فصائل بعينها وابعادها عن المفاوضات، ومن بينها أحرار الشام.
واعتبر الخطيب "ان تأخر اعلان الوفد المعارض للمفاوضات مع النظام هو بسبب تقارير حول الرغبة الروسية باضافة شخصيات جديدة غابت او استبعدت عن مؤتمر الرياض ويعتبرها النظام قريبة منه أو من حلفائه وتصب رؤيتها في خانته".
من جانبه، عيّن جيش الإسلام قائدا عاما جديدا له هو "أبو همام بويضاني"، خلفا لـ "زهران علوش"، والمعلومات عنه شحيحة وغير مؤكدة، الا أن "عصام بويضاني" الملقب "أبو همام" ينحدر من دوما، وهو من مواليد العام 1975.
سيرته الذاتية
أما زهران علوش، الذي قتل في 25 (ديسمبر) الجاري مع عدد من قيادات في فصائل مسلحة بغارة روسية في منطقة المرج في الغوطة الشرقية، وهو من مواليد العام 1971، وقد عمل في مجال الدعوة في مدينة دوما في الغوطة الشرقية، مكملاً لمسيرة والده عبد الله في الدعوة السلفية، فسافر إلى المملكة العربية السعودية حيث أكمل التعليم الشرعي في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وعاد ليعمل في المقاولات في سورية، بالإضافة لنشاطه في الدعوة السلفية.
تم اعتقاله بتهمة الدعوة السلفية في عام 2010 ليفرج عنه بموجب عفو رئاسي مع بدايات الانتفاضة السورية عام 2011 حيث شكلت التظاهرات في سورية في بدايتها ضغطاً على النظام جعله يطلق سراح عدد من المعتقلين فخرج من السجن في 22 يونيو 2011 ، ورأى علوش أن هذا النظام لا يمكن إسقاطه إلا بالقوة، فانخرط في العمل المسلح منذ بداية التسليح السوري، وأسس تشكيلاً عسكرياً باسم سرية الإسلام، ثم تطوّر مع ازدياد أعداد مقاتليه ليصبح لواء الإسلام، وفي أيلول (سبتمبر) 2013 أعلن عن توحّد43 لواء وفصيلًا وكتيبة في كيان جيش الإسلام، الذي كان يعد وقتها أكبر تشكيل عسكري معارض، وكان يقوده علوش، قبل أن ينضم هذا الجيش إلى الجبهة الإسلامية التي شغل فيها علوش منصب القائد العسكري العام.
ركز علوش على التربية العقدية في صفوف جيشه، بالإضافة إلى تمارين اللياقة البدنية والتدريبات العسكرية، وتكون الجيش إداريا من مجلس قيادة و26 مكتبا إداريا و64 كتيبة عسكرية، وانتشر في مناطق كثيرة من سورية، وقد شارك في كثير من العمليات العسكرية في مختلف المدن السورية، منها كتيبة الباتشورة للدفاع الجوي في الغوطة الشرقية، والفوج 274 ثاني فوج عسكري، ورحبة إصلاح المركبات الثقيلة، وقاعدة الجيش السوري وكتيبة المستودعات وكتيبة البطاريات وكتيبة الاشارة والدفاع الجوي.