مصر: حرس الحدود يقتلون شابًا عاريًا هرب من غزة -
قتل حرس الحدود المصرية شابًا فلسطينيًا عاريًا هرب عبر البحر من قطاع غزة المحاصر، وفيما أعلن البعض بأنه مختل عقليًا، أكدت أسرته بأنه طبيعي، وأنه كان يسعى منذ فترة طويلة للدخول إلى مصر، لكنه لم يستطع.
إعداد ميسون أبو الحب: شيء ما دفع اسحاق خليل حسان، 28 عامًا، الى عبور الحدود الفاصلة بين قطاع غزة ومصر من جهة ساحل البحر المتوسط الخميس الماضي، وسار عاريا تمامًا في مياه البحر الضحلة ليحقق ما هو مستحيل بالنسبة للفلسطينيين، وهو الهروب من قطاع غزة.
وبينما أكد مسؤولون فلسطينيون أن حسن كان مختلًا عقليًا، نفت أسرته الأمر، مؤكدةً أنه بكامل قواه العقلية ولكنه كان يائسًا، وكان يحاول طوال العام دخول مصر بطريقة شرعية لعلاج اصابة قديمة، ولكن دون جدوى.
مأساة
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن شقيق حسن ابراهيم قوله: "اعتقد اسحق ان المصريين سيتعاملون معه مثل تعامل الاوروبيين مع اللاجئين السوريين"، ولكن، وما ان عبر حسان الحدود وقطع خطوات قليلة حتى فتح عليه حرس الحدود المصريون نيران اسلحتهم وزرعوا طلقاتهم في جسده.
وقالت الصحيفة إن حرس الحدود المصريين قتلوه في الحال، وسجلت عملية القتل في شريط فيديو، معتبرة ان هذا الشريط يؤكد شيئا واحدا وهو ان حسان لم يكن يمثل اي خطر داهم على أحد.
بعد توقف اطلاق النار سحب الجنود المصريون جثة حسان التي بدت بدون حياة من الماء، فيما استمرت الكاميرا تصور لتظهر صورة تذكر برحلات المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط، ولتذكر ايضا بمأساة فلسطينيي غزة الذين لا يستطيعون التحرك لخطوات قليلة خارج حدودهم.
إغلاق الحدود
خلال السنتين الماضيتين، ازدادت صعوبة عبور الحدود بين قطاع غزة ومصر، وهو ما خلق حالة من اليأس في صفوف الفلسطينيين المحاصرين بين مصر واسرائيل، التي تقيد العبور ايضا الى غزة.
وقد ابقت حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحدود مغلقة لـ 339 يوما هذا العام، وفقا لوزارة الداخلية في غزة، وهناك 25 الف شخص ينتظرون العبور، منهم فلسطينيون مرضى يريدون الحصول على علاج، او شباب يريدون الدراسة في الخارج، حسب قول مسؤولين في الوزارة.
وقامت السلطات المصرية بتدمير العديد من انفاق التهريب تحت خط الحدود مع القطاع، والتي كانت احدى سبل الربط بين غزة والعالم الخارجي، وقد برر المصريون اجراءاتهم بالقول إنها ضرورية لمنع تسلل ناشطين وتهريب اسلحة، لا سيما وان مصر تواجه تمردًا في شبه جزيرة سيناء.
وفي الوقت نفسه، يبدو ان حرس الحدود يستخدمون القوة بشكل اكبر ضد اي شخص يحاول العبور، وقد اطلق حرس حدود مصريون النار في الاسابيع الستة الماضية وقتلوا عشرين مهاجرًا سودانيًا على الاقل حاولوا العبور الى اسرائيل.
سلام أبدي
وامتنع متحدث عسكري مصري من التعليق على قتل حسان، ولكن البعض عبّر عن أمله في أن يؤدي موته الى الضغط على مصر للتخفيف من الحصار، وقال محمد لباد، الذي نظم تظاهرة امام السفارة المصرية في غزة الاحد: "ربما كسر محمد الحصار بطريقته الخاصة وحصل على السلام الابدي".
وكانت فضائية الجزيرة أول من بث شريط الفيديو عن مقتل حسان، وقالت إنه يعاني من لوثة عقلية، وهو ما اكده مسؤولون في حركة حماس ايضا، وقال اياد البوزوم، المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن حرس الحدود الفلسطينيين حاولوا منع حسان ولكنه افلت منهم، ثم اضاف بأن المصريين "قتلوه بدم بارد"، وتابع: "هذه جريمة ترتكب في وضح النهار وانتهاك صريح للقانون الدولي، فالرجل كان اعزل تماما وهو مريض عقليا".
ليس مجنونًا
غير ان اسرته تنفي تمامًا اصابة حسان بأي لوثة عقلية، وقالت إنه كان يريد تأثيث شقته والبحث عن زوجة، وقال أقرباؤه ايضا إنه درس الانكليزية في منظمة اميركية غير ربحية توفر التعليم والتدريب في الشرق الاوسط.
ولكن عائلته قالت ايضا إنه كان يتلهف لمغادرة القطاع، وكان قد اصيب بطلق ناري في عام 2007 عندما اندلع قتال بين فصائل فلسطينية في سوق كان هو موجودا فيه، وقال شقيقه ابراهيم: "لم يكن يستطيع النوم في الليل بسبب الالم"، واضاف ان حسن سافر الى مصر مرة واحدة في حياته بعد اصابته بفترة قصيرة لغرض العلاج، وقد حاول الوصول الى مصر ثلاث مرات هذا العام، غير ان الحدود ظلت مغلقة".
قصة تعني الجميع
ولامت اسرته حرس الحدود الذين لم يمنعوه من العبور، كما قالت إن هذا الحادث يثبت ان الحكومة المصرية قمعية بقدر الحكومة الاسرائيلية او ربما أكثر منها، وقال والد حسان: "حزني عميق. بثوا الشريط على قناة الجزيرة، وأنا اتساءل لماذا لم يوقفوه؟ لماذا ظلت الكاميرا تشتغل؟ الحكومة هنا لا تأبه لأحد. كل الشباب يعانون من الضغط، وهم لا يوفرن لهم اي نوع من الحماية".
وقال بوزوم من وزارة الداخلية الاحد إن المصريين وعدوا بإعادة جثة حسان في غضون ايام، ولكن الاسرة ما تزال في انتظار تأكيد وفاته، فيما لم تشارك اسرته في المظاهرة امام السفارة المصرية، والتي نظمتها حركة حماس، لكنهم عبروا عن امتنانهم لهذا الدعم، حسب قول شقيقة حسان، واضافت: "هذه القصة لا تتعلق بحسان وحده، إنها قصة الجميع، الكل يشعر الان ان اولادهم قد يتحولون الى اسحاق في اي لحظة".