على الورق
في صبيحة يوم الإثنين التاسع من ربيع الأول، لأول عام من حادثة الفيل، الموافق للعشرين من أبريل من سنة 571 م ولد نبي الرحمة والرسول الكريم وخاتم النبيين وأشرف المرسلين وأكرم الخلق: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر.
وذكرت بعض الروايات أن أمه آمنة بنت وهب لم تجد في حملها ما تجده النساء عادة من ألم وضعف، بل كان حملًا سهلًا يسيرًا مباركًا، كما روي أنها سمعت هاتفًا يهتف بها قائلًا:
“إنكِ قد حملتِ بسيد هذه الأمة، فإذا وقع على الأرض فقولي: إني أعيذه بالواحد من شر كل حاسد، وسميه محمدًا”.
ولما وضعته أمه خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب، حتى أضاءت منه قصور بصرى في أرض الشام وهو المولود في مكة، وفي مطلع ربيع الأول من كل عام يتذكر المسلمون هذا اليوم العظيم وهذا النور المبين كيف لا وفي هذا الشهر ولد الصادق الأمين، وكما في كل مرة يختلف المسلمون على شرعية الاحتفال بين المحلل المشجع وبين من يحرم الاحتفال ويعطيه وصف البدعة والضلالة.
على شبكات التواصل الاجتماعي كما عند كل موضوع ترى الخلاف ظاهرًا وجليًا، وترى تنابز الجهال واضحًا وبينًا، لتتعالى الأصوات بالسب والشتم وحتى التكفير في كثير من الأحيان والله المستعان!
وهنا العجب العجاب كيف لشخص يتحدث في موضوع يتعلق بأطهر الخلق حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم كيف له أن يخرج عن منطق الحديث وأن يفتح للسانه العنان ليتكلم بأي كلام!
وعلى جانب الطرقات وفوق البيوت والسيارات ترى أعلامًا ترفرف وتنتشر الملصقات في كل مكان (كما في العراق) كمظهر جميل وتعبير راقٍ عن الحب للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم تحمل معظمها شعارًا واضحًا “محمد قدوتنا”.
قدوتنا صلى الله عليه وسلم ومن يرضى بغيره قدوة، قدوتنا رسول الله ولن نرضى بغيره قدوة، محمد قدوتنا وحبه يجمعنا، ما أجملها وأصدقها وأروعها من عبارات تبتسم روحك ويبستم قلبك قبل أن ترتسم البسمة على محياك وأنت تقرأها بقلبك الصادق ولسانك الطاهر.
قدوتنا صلى الله عليه وسلم وعلى هديه نسير ومن هداه نستنير ومن نبع سنته نستقي ومن سيرته نتزود بالتقى والصبر والرضا والصدق والأمانة والإخلاص والشجاعة والذكاء وخذ ما تشاء من الصفات والمكارم الحسنة.
ويبقى كل هذا حبرًا على ورق!
عذرًا لم أخطئ التعبير ولست أجرح مشاعرك ولا أتعدى الحدود في المقال اسمح لي هذه المرة أن أصارحك لأن كل شيء سيبقى حبرًا على ورق!
كيف؟!
كانت قريش وحتى بعد إعلان الرسول عن دعوته الجديدة تثق تمامًا أن الرسول هو الصادق الأمين وتثق بأخلاقه وصفاته كانت تؤمنه على الأمانات ومنهم من كان يعلم أن الدين الجديد حق، كل هذا لم يكفِ لتهدم قريش أصنامها الحجرية ولا أصنام التكبر والغرور فبقي كل ما سبق حبرًا على ورق!
كان النصارى يعرفون أن محمدًا رسول الله كما ذكر كتابهم الذي يحملونه ويفخرون به لكن هذا لم يكفِ أن يؤمنوا بما يحمل فكان ما سبق حبرًا على ورق! وعذرًا فمع فارق التشبيه بينك أخي القارئ وبينهم فالأمثال للتوضيح وتضرب الأمثال ولا تقاس، لكن الأمر يحتاج أن تقف طويلًا للتفكير.
أيها الصديق شعارات جميلة تلك التي نرفعها لكنها ستكون أجمل إن كانت على الواقع تطبيقًا وعملًا، سيكون جميلًا أن تغير صورتك الشخصية تعبيرًا عن الحب للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، الأجمل أن تغير صفاتك الشخصية بما يتناسب والشعار “محمد قدوتنا”.
جميل أن تحتفل بحب الحبيب محمد، لكن الأجمل أن تحب الرسول حقًا وأعني اتباعًا، جميل أن تضع شعار “محمد قدوتنا” في مكان عملك، لكن الأجمل أن تكون صادقًا أمينًا، أتمنى أن يكون ربيع الأول ربيعًا يحيي القلوب، وأن يكون البداية في طريق الهداية، وألا ترفع الشعارات من القلوب وإن رفعت من الأزقة والبيوت، وأن يكون بداية التغيير لشخصك لتكون كما أراد حبيبك لا كما تريد نفسك.
نسأل الله الهداية والسداد.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست