الاذاعة الفنلندية : أسئلة ملحة حول التوطين في فنلندا: كيف يتم التوطين وهل تواكب خدمات التوطين العصر؟
الاذاعة الفنلندية : أسئلة ملحة حول التوطين في فنلندا: كيف يتم التوطين وهل تواكب خدمات التوطين العصر؟
هلسنكي / يورو برس عربية
نشرت هيئة الاذاعة الفنلندية اليوم ثلاثة مقالات مترجمة من الفنلندية للعربية حول وضع طالبي اللجوء.
ومن خلال ترجمة المقالات الى اللغة العربية تهدف هيئة الاذاعة الفنلندية إلى تقديم بعض المعلومات عن الاندماج لطالبي اللجوء، كما أنها تقصد إلى تسليط بعض الضوء على المناقشة في وسائل الاعلام الفنلندبة بشأن اندماج طالبي اللجوء في المجتمع الفنلندي.
وبدورنا نشكر الزملاء في هيئة الاذاعة الفنلندية على تزويدنا بالمقالات المترجمة الى العربية ، وخصوصا الزميلة Aisha Zidan أملين ان يستمر هذا التعاون في الاتجاهين ، اي ترجمة المقالات من الفنلندية الى العربية، وكذلك ترجمة افكار وهموم وطموحات اللاجئين من العربية الى الفنلندية لتصل الى المواطن الفنلندي ايضا، تحقيقا للاندماج الذي يسهل من حياة اللاجئين ويسرع انخراطهم في المجتمع.
وتقوم "يورو برس عربية" بإعادة نشر المقالات التي نشرتها هيئة الاذاعة الفنلندية تباعا.
المقال الثاني
عدد طالبي اللجوء الذين قدموا إلى فنلندا هذا العام كبير بدرجة استثنائية. ورغم أنهم لن يحصلوا جميعا على تصريح الإقامة، فإن المجتمع الفنلندي يجد نفسه أمام مهمة توطين جسيمة بشكل غير مسبوق
تندرج خدمات التوطين عادة ضمن مسؤوليات مكاتب العمل والموارد المعيشية، ولكن الوضع الحالي سينعكس أيضا على الخدمات الاجتماعية والصحية، وعلى خدمات الإسكان كذلك. وينادي بعض الخبراء بإصلاحات كبرى على مستوى خدمات التوطين. وقد جمعت هيئة الإذاعة الفنلندية هاهنا بعض القضايا الرئيسية المرتبطة بالتوطين
من هي الفئات التي يشملها التوطين؟
في العام المقبل، ستكون فنلندا أمام مهمة توطين جسيمة جسامةً استثنائية. ذلك أن عدد طالبي اللجوء الذين جاؤوا إلى فنلندا هذا العام فاق الثلاثين ألفا. ويقدر أن عدد الأشخاص الذين سيحصلون على تصريح الإقامة سيبلغ نحو عشرة آلاف شخص. ومع ذلك، فإن هذا العدد أكبر بكثير مقارنةً بالسنوات السابقة
وبالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الحاصلين على حق اللجوء إلى فنلندا سيتمكنون من جلب أفراد أسرتهم من خلال نظام جمع شمل الأسرة. ويعتقد الخبراء أن جمع شمل الأسرة يُسهِّل اندماج المهاجرين. ذلك لأنّ بناء حياة جديدة أمر صعب عندما يحمل المرء همّ والديه، أو زوجه، أو أطفاله البعيدين عنه
قانون التوطين لا ينطبق فقط على اللاجئين وعائلاتهم. مبدئيا، يحقُّ لكل من هاجر إلى البلاد الاستفادة من برنامج التوطين. ولكن بعض المهاجرين لا يحتاجون لهذه الخدمات في الواقع
تقول موظفة التخطيط السيدة تيرهي مارتينز من مركز التنمية الاقتصادية والنقل والبيئة لإقليم أوسيما: نادرا ما يلجأ من هاجر إلى فنلندا بقصد الدراسة أو العمل إلى خدمات التوطين. وذلك لأن لديهم في الغالب شيء ما يربطهم مسبقا بهذا المجتمع
متى يبدأ برنامج التوطين؟
تنظّم مراكز الاستقبال دروسا في اللغة الفنلندية، فضلا عن دورات إعلامية حول المجتمع الفنلندي يستفيد منها المهاجر حتى قبل الحصول على حق اللجوء أو على تصريح الإقامة. عدد ساعات تدريس اللغة الفنلندية يختلف باختلاف الموارد في مراكز الاستقبال. ومن أهم منظمي أنشطة التوطين نذكر المنظمات المختلفة والكثير من المتطوعين الذين يديرون دورات اللغة والأنشطة المختلفة الأخرى في الكثير من الأقاليم
غير أن التوطين لا يبدأ رسميا إلا عندما يحصل طالب اللجوء على تصريح الإقامة. يضطر طالب اللجوء إلى انتظار صدور قرار تصريح الإقامة لعدة أشهر - ومن المرجح في الوقت الراهن أن تطول قوائم الانتظار أكثر. غير أن ذروة عملية التوطين لن تبدأ في الظهور إلا في ربيع وصيف العام المقبل
عندما يحصل طالب اللجوء على تصريح الإقامة، يُجرى له مسحٌ أولي أحد أهدافه تقييم تاريخه التعليمي والمهني وكذا مهاراته اللغوية. إذا كان المهاجر الحاصل على تصريح الإقامة في سن العمل، فعادة ما يتم هذا التقييم في مكتب العمل. أما إذا كان الحاصل على تصريح الإقامة في سن التقاعد مثلا، أو إذا تعلق الأمر بربة بيت، ففي مثل هذه الحالات يتم توجيه المعني بالأمر إلى خدمات البلدية
بعد فترة وجيزة من إجراء المسح الأولي، يتم إعداد خطة توطين للمهاجر. في هذه الخطة، يتم تحديد الخدمات التي من شأنها المساعدة على الاندماج في المجتمع الفنلندي. عادة ما تتضمن خطة التوطين تعليم اللغة، والتعريف بالمجتمع، وتعليم المهارات الضرورية لدخول سوق العمل. ومن بين الأمور التي يمكن القيام بها كجزء من تدريب التوطين نذكر التعليم الثانوي أو التدريب المهني
تقول السيدة تويّا سوينينين مديرة الهجرة في مكتب العمل والموارد المعيشية لدائرة أوسيما: نحن نعرف جنسيات طالبي اللجوء الذين هم في طريقهم إلينا. لهذا، فقد بدأنا مسبقا بتدريب موظفينا حول النظم التعليمية المعتمدة في هذه البلدان حتى تتسنى لنا الاستفادة من خلفيتهم التعليمية بأفضل طريقة ممكنة
أما بالنسبة لربات البيوت والمتقاعدين وذوي الاحتياجات الخاصة، فأنشطة التوطين الموجهة لهم أنشطة أخف. فثمة دروس لغة خاصة بربات البيوت على سبيل المثال. كما أن توطين الأطفال يختلف عن توطين الكبار. الأطفال الذين في سن المدرسة يوضعون في أقسام تُحضرهم لدخول المدرسة الابتدائية بعد وصولهم مباشرة، حتى وإن كانوا لم يحصلوا على تصريح الإقامة بعد
هل يبنغي تعجيل بدء عملية التوطين؟
دعت جهاتٌ عديدة هذا الخريف إلى الزيادة من أنشطة التوطين والتعجيل ببدئها منذ مرحلة الإقامة في مركز الاستقبال. إذْ يُخشى أن تُأخِّر أشهر الانتظار عملية التوطين. يتم التخطيط على سبيل المثال للبدء بإجراء المسح الأولي منذ مرحلة الإقامة في مركز الاستقبال
ويأمل وزير العمل السيد ياري ليندستروم (من حزب الفنلنديون الأساسيون بالفنلندية) بدوره أن يقوم طالبو اللجوء بأعمال ما خلال مرحلة الإقامة في مركز الاستقبال من قبيل إزالة الثلوج والعمل التطوعي. يحصل طالبو اللجوء على تصريح العمل في فنلندا في غضون ثلاثة أشهر إذا كانت لديهم أوراق ثبوتية. أما في حالة عدم توفر طالب اللجوء على أوراق ثبوتية، فإن الحصول على تصريح العمل يستغرق ستة أشهر. وتتم، في الوقت الراهن، دراسة إمكانية تسريع الحصول على تصريح العمل
إلى أين ينتهي الأمر بطالبي اللجوء بعد حصولهم على تصريح الإقامة؟
ترى السلطات أن أحد أكبر التحديات في الأشهر المقبلة هي إيجاد أماكن لطالبي اللجوء في البلديات. فقد يجد الحاصلون على حق اللجوء أنفسهم عالقين في مراكز الاستقبال إذا لم يمكن العثور على أماكن في البلديات بسرعة كافية. فكلما طال الوقت الذي يقضيه الحاصل على حق اللجوء في مركز الاستقبال، كلما تأجّل التوطين، وتأجل البدء في التأسيس للحياة في الموطن الجديد
تقول مديرة التطوير في مكتب العمل والموارد المعيشية في إقليم أوسيما السيدة تويّا سوينينين: - قد لا يتسنّى على الفور الحصول على أماكن في البلديات. ولذلك فإننا نحضر أنفسنا للقيام بأعمال التوعية في مراكز الاستقبال
وتأمل وزارة العمل والمعيشة أن تكون ثمة إمكانية لتوفير أماكن في البلديات، وخاصة في البلديات التي تقع فيها مراكز الاستقبال. لأن ذلك سيحقق استمرارية بالنسبة للحاصلين على حق اللجوء. كما أن اندماج الأطفال والشباب يسهُل إذا تابعوا دراستهم في نفس المدرسة التي بدأوا فيها. ويرى بعض الخبراء أن نسبة كبيرة من الحاصلين على حق اللجوء سينتقلون للعيش في المدن الكبرى على أي حال. ذلك لأن فرص العمل والتكوين أكبر فيها
هل تواكب خدمات التوطين العصر؟ هل يكفي زيادة الموارد من أجل إنجاز مهمة التوطين الجسيمة؟
من الواضح أن خدمات التوطين ستوضع على المحك في العام المقبل. فحسب ما صرّح به السيد إيلكّا هاهتيلا، رئيس شؤون الهجرة والتوظيف في بلدية هلسنكي، فإن زيادة أماكن التدريب وزيادة الموارد لا يكفي لأن خدمات التوطين؛ حتّى في الوقت الراهن؛ لا تنجح في سائر الحالات. ويرى السيد هاهتيلا أن من الضروري تطوير سبل التعاون والتنسيق بين مختلف القطاعات والجهات
يقول السيد هاهتيلا: لا يكفي أن يُجري كل قطاع إداري تعديلات على إدارته بمعزل عن القطاعات الأخرى، ولا أن تتم زيادة الموارد هنا وهناك. فمثل هذه التعديلات هي بمثابة مُسَكّن قصير الأمد. ونحن نعاني في الوقت الراهن من نقص كبير في الرؤية
يعتقد السيد هاهتيلا أن خدمات التوطين تحتاج إلى تجديدات شاملة وخاصة فيما يتعلق بتعليم الكبار. وهو يؤمن بأن من الأفضل أن تهدف الدروس والتدريبات بشكل أكبر إلى تعلم مهنة معينة، وأن تُصمَّمَ بشكل يجعلها أكثر ملاءمة للمهاجرين
ويضيف السيد هاهتيلا قائلا:لا أريد أن يصبح الناس عاطلين يبحثون عن عمل دون توفرهم على الشروط الضرورية لدخول الحياة العملية
وقد أشارت السيدة سوينينين من مكتب العمل والموارد المعيشية في إقليم أوسيما إلى نفس المشكلة. ذلك أن عملاء مكاتب العمل والموارد المعيشية في الوقت الراهن يتكونون من فئات معينة من المهاجرين، وكذا من فنلنديين محليين من الأفضل لهم في الواقع أن يدرجوا تحت نطاق خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية التابعة للبلدية. والحكومة بصدد النظر في هذه الأمور كذلك حاليا
تقول السيدة سوينينين: فبالنسبة للأُميين مثلا، قد يكون طريق الحصول على عمل طويلا جدا. فنادرا ما يكونون قد حصلوا في أوطانهم على أية خلفية تعليمية من شأنها أن تساعدهم على الحصول على عمل. ومن جهة أخرى، لدينا أيضا عملاء عانوا من التعذيب أو مروا بتجارب مؤلمة أخرى. في مثل هذه الحالات، لا يكون مكتب العمل والموارد المعيشية بالضرورة المكان المناسب لمساعدتهم
يأمل السيد هاهتيلا أن تُراقب جودة دروس اللغة التي يتم شراؤها من القطاع الخاص بشكل أكثر دقة. ذلك أنه يشعر بالقلق بشأن دروس اللغة التي لا تأخذ بعين الاعتبار بالشكل الكافي لا خلفيات الناس التعليمية شديدة الاختلاف، ولا نقط انطلاقهم. ومن المهم أيضا استمرارية توفر الخدمات حتى لا تكون ثمة فجوات بين الأنشطة
كم تستغرق إجراءات التوطين من الوقت؟ وما هي الإعانات التي تمنح للحاصلين على حق اللجوء؟
عادة ما تستغرق إجراءات التوطين ما بين سنة وثلاث سنوات. ولكنها قد تمتد إلى خمس سنوات في الحالات الخاصة. يحصل المهاجرون عادة على معونة دعم سوق العمل باعتبارهم عملاء لمكاتب العمل والموارد المعيشية، شأنهم في ذلك شأن بقية العاطلين الباحثين عن العمل. غير أن الحصول على الدعم مشروط بالمشاركة في الدروس والتداريب بالنسبة لكل من المهاجرين والفنلنديين الباحثين عن عمل على حد سواء. لذلك، فإن الانقطاع عن حضور الدروس أو التدريبات يؤدي إلى إيقاف الدعم. ولكن، إذا حصل المرء على وظيفة أو مقعد للدراسة فلا يصبح بحاجة بالضرورة للمشاركة في إجراءات التوطين
أما من لا يستطيعون العمل، فلا يندرجون ضمن التأمين ضد البطالة، وإنما يحصولون مبدئيا على نفس تعويضات الضمان الاجتماعي التي يحصل عليها الفنلنديون. عادة ما تندرج تحت هذه الفئات ربات البيوت، أو غير القادرين على العمل. وتسعى الحكومة إلى بحث إمكانية إخراج الحاصلين على حق اللجوء من دائرة تعويضات البطالة القائمة بحيث يتم خلق نظام ضمان اجتماعي مشروط وأقل تكلفة خاص بهم. غير أن الخبراء يرون أن ذلك قد يكون مخالفا للدستور
إذا لم يتمكن الشخص من تعلم اللغة بما فيه الكفاية خلال فترة التوطين، أو إذا لم يتمكن من الالتحاق بصفوف الدراسة أو بسوق العمل، عندئذ قد تصبح مواصلة مسار التوطين أمرا يحمل في طياته تحديات شتى
ما هي المجموعات ذات المكانة الأضعف بشكل خاص؟
من خلال تصريحات السلطات، نستشف أنّ الأميين وربات البيوت مجموعتان توطينهما أصعب من غيرهما
تقول السيدة تويّا سوينينين ممثلة مكتب العمل والموارد المعيشية في إقليم أوسيما: النساء المنحدرات من خلفيات ثقافية معينة قد يكنَّ في وضعية هشة. فقد يحملن ويلدن عدة مرات مثلا مما يجعل مشاركتهن في أنشطة برامج التوطين متقطعة
وثمة فئة هشة أخرى وهي فئة الشباب الذين وصلوا إلى فنلندا في سن ما بين 15-17. ذلك لأنه لم يعد بإمكانهم الالتحاق بالتعليم الأساسي الفنلندي
ما هي المبالغ المالية المرصودة لعملية التوطين؟
كانت الحكومة قد قدرت الموارد المرصودة لنفقات التدريب على التوطين في السنة القادمة بـ60،5 مليون يورو. غير أن مشروع الموازنة التكميلي الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني أضاف مبلغ 23،8 مليون على المبلغ السابق. وتغطي هذه الأموال تدريب التوطين، واختبارات اللغة، وكذلك مسوحات الكفاءة، في جملة أمور أخرى
أما تعويضات البلديات فثمة وعود بتعويض قدره 162 مليون يورو في العام المقبل. وتعتقد مديرة الهجرة بوزارة العمل السيدة كريستينا ستينمان أن تكلفة التدريب على التوطين وحدها سترتفع في العام المقبل بنحو 30 في المئة مقارنة مع السنة المالية المشرفة على الانتهاء
وتقول ستينمان: ومن المرجّح جدا أن نضطر لمراجعة هذه المبالغ مرة أخرى
من الصّعب الآن تقدير السعر النهائي لعملية التوطين. فبالإضافة إلى التكاليف المذكورة، ثمة تكاليف إضافية ستقع على عاتق القطاعات الأخرى أيضا بطبيعة الحال من قبيل قطاع التعليم والرعاية الاجتماعية والرعاية الصحية
يبرَّرُ الاستثمار في برامج التوطين بأنّه الطريق إلى إشراك المهاجرين في المجتمع الفنلندي. إن سياسة التوطين الناجحة من شأنها أن تجعل من الحاصلين على حق اللجوء قوى عاملة تستفيد منها فنلندا
عائشة زيدان, هيئة الإذاعة الفنلدية