اخبار العراق الان

الجبوري: ما تم تحقيقه في الرمادي انجاز كبير وسيكون مدخلاً لعملية تحرير نينوى

الجبوري: ما تم تحقيقه في الرمادي انجاز كبير وسيكون مدخلاً لعملية تحرير نينوى
الجبوري: ما تم تحقيقه في الرمادي انجاز كبير وسيكون مدخلاً لعملية تحرير نينوى

2015-12-31 00:00:00 - المصدر: وكالة القرطاس نيوز


مستقبل العراق ما بعد تنظيم "داعش" محكوم وفق رئيس البرلمان سليم الجبوري، بقدرة الاطراف العراقية على ضمان وحدة الدولة، حتى في حال توجهت الى خيار الأقاليم، لكن طبيعة الحرب ذاتها تفرض ايضاً الاستفادة من الإيجابيات التي شهدتها معركة تحرير الرمادي وقبلها تكريت كنموذجين مختلفين لآليات تحرير الأرض من "داعش".

الجبوري الذي تحدث في حوار اجرته معه "الحياة" عن مخاوف التغيير الديموغرافي، ومحاولة كسر هيبة المؤسسات الرسمية والدولة من خلال من اطلق عليهم "دعاة اللادولة" يؤكد ان العراق مطالب باستثمار الزخم الإسلامي والعربي لتشكيل "التحالف الإسلامي" لضمان أن يكون هذا التحالف عوناً له. وهنا نص الحوار :

> الرمادي تحررت، فإلى ماذا يدعو رئيس البرلمان خصوصاً على صعيد استعادة المدينة حياتها الطبيعية؟

- ما تم تحقيقه في الرمادي انجاز كبير، حققته القوات العراقية بدعم وإسناد التحالف الدولي على رغم كل العراقيل التي وضعها تنظيم "داعش" لمنع تقدم القوات، لكن في النتيجة، تم تحرير الأنبار باقتدار، ونحن نقول ان المواجهات العسكرية عادة ما تخلّف ازمات انسانية، ونعرف ان المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها "داعش" هم رهائن للتنظيم، يحاول استخدامهم كدروع بشرية. ونحن ندعو الى منع اي محاسبة للسكان والمدنيين بجريرة "داعش" بخاصة أننا ندرك جميعاً ان الكثير من السكان لم يكن باستطاعتهم الخروج من الرمادي، ونحن اذ نبارك للقوات العراقية هذا الإنجاز الكبير الذي نعتقد جازمين بأنه سيكون مدخلاً لعملية تحرير نينوى، نرى ان ما ستنتهي اليه معارك الأنبار سوف ينعكس إيجاباً أو سلباً على عملية تحرير نينوى، فإذا تمّت مراعاة الجوانب الإنسانية في عمليات تحرير مدن الأنبار خصوصاً الرمادي، فإن تلك ستكون رسالة محفزة لسكان نينوى للتعاطف مع القوات المحررة. وبالعكس فإنه في حال حدوث آثار كارثية في ما يتعلق بالسكان، لا سمح الله، فإننا سنخسر عملية تحفيز سكان نينوى.

> هل تعتقد بأن وصفة معركة تحرير الرمادي يمكن ان تطبق في الموصل وفي بقية مناطق الأنبار كالفلوجة والقائم، والمقصود مشاركة الحشد الشعبي في المعركة أوعدمها؟

- للأسف أصبح لدينا الآن نموذجان، الأول هو نموذج عمليات تحرير ديالى وصلاح الدين، وكانت هناك قضايا استوقفت المتابعين خصوصاً ما يتعلق بتهديم الدور، وحدوث عمليات محاسبة ومعاقبة. صحيح ان هذا الفعل تمت معالجته من خلال مشاركة الحشد الشعبي والعشائر والأهالي بعودة النازحين، وأن نسبة عالية من سكان صلاح الدين وديالى عادوا الى منازلهم وما زالوا يتدفقون، لكن ما زالت عالقة في الذهن ممارسات أثّرت في طعم النصر وحسبت على من قام بعملية التحرير، والخوف بأن بعض الممارسات في عمليات التحرير يمكن ان تنقلب الى عمليات ثأر وانتقام، وأنا أبرّئ من قام بعمليات التحرير من هذه الممارسات خصوصاً من هو قادم من محافظات لم يسيطر عليها الإرهاب، وقدم تضحيات وشهداء، وحقق نصراً كبيراً.

اما النموذج الثاني فهو ما حصل الآن في الرمادي، من خلال الاستعانة بالتحالف الدولي في شكل او آخر في عملية التحرير، وكل نموذج له سلبياته وإيجابياته، فما حصل في الأنبار يعاب عليه التأخر والتلكؤ والإستراتيجية الطويلة الأمد. نحن نعتقد بأن تحرير نينوى وبقية المناطق المحتلة يجب ان يتم من خلال التفاعل بين الجوانب الإيجابية في النموذجين المذكورين، والتخلي عن الجوانب السلبية فيهما. وأنا مؤيد بقوة للمؤسسة الرسمية من الجيش والشرطة في عمليات التحرير وتقوية دورها وأن تكون هي محور عمليات التحرير، مع إسنادها من أطراف اخرى، اما تهميش هذه المؤسسة وتعدّد القيادات في عمليات التحرير فإنه سينتج سلبيات لا نريد مواجهتها غداً.

> هل تنطلق في مخاوفك من فرضية ان "من يحرّر الأرض هو من يحكمها" وهل تعتقد بأن هذا حصل في ديالى وصلاح الدين وفي مناطق في الموصل وكركوك. فالقوى المحرّرة هي التي تحكم عملياً؟

- أنا لا أنكر أننا في بادئ الأمر ومع ملاحظاتنا للممارسات التي حدثت انتابتنا هذه المخاوف، وشعرنا بأن هناك عملية تغيير ديموغرافي يمكن ان تحصل بعد التحرير، وما عمّق شكوكنا ان بعض المناطق التي تم تحريرها تم وضع حواجز مصطنعة ذات بعد سياسي لمنع عودة سكانها إليها، وقد تحدّثنا بصراحة حول هذه المخاوف، مع كل القيادات السياسية والميدانية أيضاً، وأستطيع القول اليوم إننا حصلنا على تطمينات واضحة وجريئة في شأن عودة السكان الى ديارهم التي هجّروا منها بسبب الإرهاب، وعليه زالت الكثير من هواجسنا وشكوكنا، ودليل ذلك أننا بدأنا هذه الأيام بمشروع جاد انطلق في ديالى وسيمضي في صلاح الدين في عملية إعادة كبرى للنازحين، ووضعنا قواعد لعودة أهل منطقة "يثرب" في صلاح الدين على سبيل المثال، وتحديدات جديدة لعودة مناطق محيط بغداد.

الرسائل الإيجابية التي وصلتنا من "أطراف متنفّذة" في هذه القضية ولديها استعداد للتعاون منحتنا تطمينات لبناء مشروع لتحقيق الاستقرار للمستقبل.

> تقصد قيادات "الحشد الشعبي" عندما تشير إلى "أطراف متنفّذة"؟

-أحياناً من الحشد، وأحياناً من القوات الرسمية خصوصاً في مناطق العظيم ومنصورية الجبل ويثرب وغيرها.

> ما نوع التطمينات؟

- التطمينات نتجت من إدراك الجميع ان سياسة "الغلبة" غير نافعة في العراق، وغير مجدية وقد تخلّف آثاراً سلبية لا تقل خطورة عن "داعش" والمجموعات الإرهابية، وبالتالي، وصلنا الى مرحلة ان نتعاون بمشروع قائم على "عودة النازحين" و"وحدة العراق واستقراره" و"ألاّ يكون العراق جزءاً من المحاور الإقليمية وأن تكون للعراق علاقات حسنة مع كل دول الجوار". هذا ما اتفقنا عليه مع قيادات من الحشد الشعبي ومع القيادات السياسية الرئيسية سواء في بغداد او اقليم كردستان.

> بالحديث عن العلاقة مع دول الجوار، كان لديك موقف مختلف عن الحكومة والأطراف السياسية الرئيسية من اعلان "التحالف الإسلامي" اخيراً؟

- يجب أولاً ان نبتعد عن التخوّفات المسبقة من الأصدقاء والجيران، وتخوّفنا المسبق هو رسالة سلبية لإمكانية مساعدة الآخرين لنا. العراق في أمس الحاجة الى هذه المساعدة شريطة ألاّ تكون على حساب سيادته ووحدته، والمطلوب ان نحسن استثمار تحفز المجتمع العربي والإسلامي والدولي لمحاربة الإرهاب وهو الخطر الأكبر الذي يواجه العراق اليوم، لنتمكن من استثمار الإيجابيات ونمنع السلبيات. ولذلك تحدثت شخصياً مع القيادات السياسية العراقية وقلت:" ما المانع من استثمار الزخم الإسلامي والعربي الحالي في عملية مواجهة "داعش"، على اساس ألاّ يؤثر ذلك في وحدة العراق وسيادته وأن يكون العراق محوراً له؟" وهذا الموقف ذاته عندما تحدثنا عن "التحالف الرباعي" واعترضنا حينها على ان هذا التحالف هو حالة مفروضة على العراق" وهذا مرفوض من جانبنا، فنحن نطالب بالتنسيق والتعاون مع قيادة العراق،

بصراحة ليس من مصلحة العراق ان يخسر زخم المجتمع العربي والإسلامي الآن، وفي هذا الظرف.

> هل ثمة نوع من البرود في بغداد حول اعادة افتتاح السفارة السعودية مثلاً تسبب في تأخير الافتتاح؟

- مع ان الجدل أثير كثيراً حول موضوع السفارة، إلا أنها افتتحت فعلاً والموظفون باشروا عملهم، وعلى وشك أن يكون السفير حاضراً خلال أيام لرفع العلم السعودي على السفارة. وهذا الأمر سوف يتيح للعراق فرصة كبيرة لبناء علاقات التعاون مع المملكة وهي علاقات لايمكن الاستغناء عنها، نحن نؤمن بمدّ جسور الثقة مع الدول العربية ودول المنطقة وفق مبدأ الاحترام والمصالح المشتركة، ومتيقّنون من أن الدول العربية تبحث في أن يعود العراق ليأخذ دوره الريادي في المنطقة. ولم نلاحظ ان هناك أطماعاً عربية لسلب العراق هذا الدور. وعلى هذا الأساس نطمح إلى أن تكون العلاقات متميزة أيضاً مع تركيا ومع إيران على أساس ثوابتنا الوطنية. وعلى هذا الأساس يمكن العراق ان يلعب دوراً أفضل في المنطقة من دوره الآن.

أتحدث دائماً عن أن إمكانيات سلطنة عمان أقل من العراق، لكن دورها محوريٌ في حل أزمات المنطقة، والعراق علاقاته جيدة مع إيران وتركيا والدول العربية، ويمكن ان يؤدي هذا الدور في شكل فاعل.

> لكن هناك من يقول ان لدى العراق خطوطاً حمراً داخلية وإقليمية في علاقاته الخارجية، ومن يتصدّى لدور إقليمي بالحجم الذي تقترحه عليه أن يتحرك بلا خطوط حمر؟

- هناك استفزازات، وهناك رؤية قاصرة تنطلق من بعد طائفي احياناً، ومن بعد قومي أو سياسي وحزبي أحياناً أخرى، لايفترض ان تتحكم مثل هذه العوامل بسياسة العراق ورؤيته في التعامل مع المنطقة. الأصل اننا يجب ان نفكر كدولة والبحث عن سبل حماية انفسنا ومصالحنا، وليس بالضرورة ان نتعامل على اساس عاطفي. تصدر هنا وهناك تصريحات استفزازية، لكنها تحسب على من صدرت منه، والمسار ان الدولة لديها توجه لعلاقات جيدة مع الجيران.

"داعش" على رغم شروره منحنا فرصة مضافة على صعيد تعميق علاقاتنا مع محيطنا العربي والإسلامي والدولي، فتهديد "داعش" أصاب الجميع، ومخاوف دول الجوار مناسبة لتكون تلك الدول سنداً. البعض يرغب في عزلة العراق، وهذا أمر مرفوض.

> اختطاف الصيادين القطريين أخيراً في العراق، هل تعتقد بأنه يندرج في محاولة فرض العزلة؟

- التقيت حول هذا الموضوع بوفد قطري، كما التقيت بشخصيات داخلية عراقية مؤثرة انطلاقاً من حرصنا على هيبة الدولة، وأعتقد بأن ماحصل "مخز" فهؤلاء ضيوف تم اختطافهم على ارضنا، ومن المعيب ان يحاول البعض إلصاق خطف الصيادين بالعراق كدولة وشعب، ولذلك تم استنفار كل الإمكانات لمحاولة معالجة هذه الأزمة، وكان للمرجعية الدينية في النجف موقف واضح بإدانة عملية الاختطاف، للأسف حتى الآن لا نمتلك الرؤية الدقيقة لمعرفة لماذا اختطف الصيادون وإلى أين تم اقتيادهم؟ لكن نقوم بمساعٍ في هذا الجانب.

> البعض يقول إن مثل هذه الأحداث ومنها قضية الصيادين والعمال الأتراك وغيرها، هي بمثابة رسائل إلى الدول الأخرى للتفاهم مع دول معينة قبل العراقيين لضمان مصالحها في العراق؟

- لا أخفيك .. أن الدولة التي تضعف يستفيد الآخرون من ضعفها، ويجب ألاّ نسمح بذلك، عندما نترك التحكّم بالعراق للدول الأخرى لن نكون صانعي قرار وسنصبح أدوات، البعض، نعم، يريدنا اأن نكون أدوات، مصلحته تقتضي أن نكون أدوات.

> بعض العراقيين تقصد؟

- نعم.. ما اردت قوله ان الصراع في العراق اليوم هو بين دولة بكل مؤسساتها وأرادتها وسيادتها، وبين "لا دولة" تريد ان تستفحل وتتغوّل على حساب المؤسسات لأن مصالحها تقتضي ان تتحكم بالرؤية ومسارها لمصلحة هذه الدولة او تلك.

> ما تقييمك لطريقة التعاطي الرسمي العراقي مع أزمة توغّل الجيش التركي أخيراً إلى القرب من الموصل؟

- نحن نعتقد بأن تركيا كحال كل دول الإقليم أيضاً تشعر بالقلق حول أمنها وتطوّرات المنطقة، ونحن ليس من مصلحتنا أن نتقاطع مع تركيا في هذه المرحلة، كما ان على تركيا أن تدرك أن العراق بلد لديه سيادة وأن تحترم هذه السيادة.

> لكن أطرافاً تركية تتحدث عن سيادة العراق باعتبارها منتهكة؟

- هناك سياق بروتوكولي في التفاهمات، يجب عدم تجاوزه، فالعراق دولة مستقلة وذات سيادة بصرف النظر عن الوضع الشاذ الحالي، أنا جاد في تسوية هذه القضية وقد تكون لدي زيارة إلى تركيا في هذا الإطار، بالتفاهم مع الحكومة العراقية، وأنا أدعو إلى سحب القوات العسكرية التركية وإذا كانت هناك رغبة من تركيا في إرسال مدربين الى العراق على غرار دول اخرى فإن ذلك يكون عبر التفاهم مع الحكومة العراقية.

> هناك انتقادات كبيرة توجه الى البرلمان العراقي على مستوى الإصلاح والتشريع والرقابة، وهناك تلكؤ في تمرير قوانين أساسية؟

- الفصل الماضي شهد تشريعات معطّلة من سبع سنوات مثل قانون الأحزاب وشبكة الإعلام العراقي وقانون العمل والاستثمار، وهناك مشاريع المصالحة الوطنية وبعض القوانين العالقة، وضعنا خطة لحل كل المشاكل التي تعيق تمرير القوانين في الفصل المقبل الذي يبدأ في منتصف كانون الثاني (يناير) وسيتم تمرير قانون المحكمة الاتحادية، كما أوشكنا على الانتهاء من قانون العفو العام، وأيضاً تعديلات قوانين الاجتثاث من خلال إلغاء هيئة المساءلة وحظر حزب البعث، أما قانون الحرس الوطني فإن فيه مشكلة تعيق التوافق عليه ومع ذلك سنمضي باتجاه تشريعه، حصل التباس في فهم البعض أن الحرس الوطني هو تعبير عن إرادة خارجية، والحقيقة ليست كذلك، فالقانون يسعى إلى ان يتسنى للسكان في المناطق التي سيطر عليها "داعش" ان يشاركوا في تحريرها وأيضاً مسك الأرض بعد طرد التنظيم.

> يقول البعض ان مرحلة ما بعد "داعش" تتطلب وسطاً سياسياً سنياً منسجماً وغير منقسم لمنع تكرار الأزمة مستقبلاً، من هذه الزاوية هل ترى مثل هذه الفرصة مستقبلاً؟

- أزمة "داعش" والصراع السياسي في العراق أحدثا انقسامات في مختلف المكوّنات، لكن في الوسط السني هناك فرصة اليوم لتوحيد الرؤية حول الإيمان بالدولة.

> رفض فرضية الإقليم السني مثلاً؟

- حتى لو كانت هناك أقاليم يجب أن تكون في إطار الدولة الموحّدة.

> الأقاليم لا التقسيم؟

- رؤية العراق كدولة واحدة يجب أن تحكم الجميع، وهذا أمر لا مناص من الاتفاق عليه، لضمان الأمن والسلم سواء في العراق أو في المنطقة أو العالم.

صحيفة الحياة -