رأي: مقتل علوش واستهداف المعارضة بدلا من داعش.. الأسد يحاول حصر الاختيار بين النظام والتنظيم
مقال للينا الخطيب، وهي باحثة مشاركة في مركز "مبادرة الإصلاح العربي". والمقال يعبر عن وجهة نظر الكاتبة ولا يعكس بالضرورة رأي CNN.
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- قتل قائد جماعة "جيش الإسلام" في سوريا، زهران علوش، ونائبه، يثير مخاوف جدية حول مستقبل المفاوضات المقررة بين النظام السوري والمعارضة، ويلقي بظلال من الشك حول نوايا النظام.
أراد علوش في البداية استخدام "جيش الإسلام" كبديل للائتلاف الوطني السوري، ليمهد الطريق في نهاية المطاف للمطالبة بدور سياسي بارز لنفسه في سوريا، ما بعد عهد الرئيس السوري الحالي بشار الأسد.
وفي الوقت الذي كان فيه رئيس المخابرات السعودية، الأمير بندر بن سلطان، مسؤولا عن قضية سوريا في الرياض، استخدم علوش الدعم التركي والسعودي لجذب الجماعات المتمردة المختلفة للاندماج مع جماعته، مما جعل من "جيش الإسلام" واحدا من أكبر الجماعات المسلحة في سوريا. ولكن طموحاته تسببت في علاقة عدائية بين جماعته وكل من الجيش السوري الحر في جنوب سوريا والشخصيات المعارضة غير المسلحة في المنطقة.
قد يهمك.. دمشق: بندر "أمير ظلام وهابي" وعزله تصدع بالحلف الشيطاني
وبعدما تولى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ملف سوريا، خفضت السعودية من تمويل الجماعة في محاولة للضغط على علوش ليوافق على التعاون مع الجيش السوري الحر. ويبدو أن الاستراتيجية نجحت، إذ شارك "جيش الإسلام" في الاجتماع الذي عُقد في الرياض في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول، والذي جمع بين الفصائل الرئيسية من المعارضة السورية للمرة الأولى من أجل الاتفاق على موقف موحد بشأن الانتقال السياسي في سوريا.
أقرأ.. محلل أمريكي لـCNN: منصب محمد بن نايف أهم تغيير بالسعودية ومعظم السعوديين محافظون أكثر من العائلة المالكة
ولطالما استفاد النظام السوري وحليفته الرئيسية، روسيا، من الانقسامات في صفوف المعارضة السورية، وعندما بدأت فصائل المعارضة المختلفة في إظهار إشارات خطيرة بالتنسيق فيما بينها، بدأ الأسد وموسكو بعرقلة هذه العملية.
واتخذت موسكو قرار تصعيد تدخلها في سوريا من خلال بدء حملة القصف الجوي التي تم تسويقها على أنها تستهدف داعش ولكنها في الواقع تضرب في أغلب الأحيان المعارضة السورية، وجاء القرار بعدما بدأت جهود السعودية لتوحيد المعارضة باكتساب الزخم.
وتأتي وفاة علوش، سواءً كان ذلك نتيجة غارة جوية سورية أو روسية، بعد أسبوعين فقط من حدث مهم في عملية التنسيق بين المعارضة في اجتماع الرياض. كما يأتي قبل شهر من بداية المفاوضات بين النظام والمعارضة، ويأتي أيضا قبل بضعة أيام فقط من إعلان النظام السوري أنه سيقبل بدء المفاوضات مع المعارضة رهن تشكيل لجنة تفاوض تأكد النظام من مصداقيتها.
أيضا.. واشنطن: روسيا وضعت نفسها في "موقف محفوف بالمخاطر" بسوريا.. ومقتل علوش يُعقد الوضع
ولذلك فإن توقيت وفاة علوش يلقي بظلال من الشك على مدى صدق موقف النظام المعلن نحو المفاوضات، وخصوصا مع استمرار الغارات الجوية الروسية التي تستهدف الجماعات المعارضة للنظام. إن التخلص من علوش وغيره من زعماء المعارضة هو محاولة من قبل النظام وحلفائه لتقسيم الجماعات، مما قد يؤدي إلى جعل اتفاق الرياض عديم الجدوى. ويمكن للنظام بعد ذلك أن يدعي عدم وجود أطراف موثوقة في صفوف المعارضة ورفض التفاوض معها.
كما يستفيد الأسد من نمو التنظيم الذي يستهدف الجيش السوري الحر وغيره من الجماعات المعارضة للنظام، إذ يأتي تصاعد نفوذ داعش على حساب المعارضة المعتدلة، ليخدم أيضا موقف الرئيس السوري الذي يدعي أن نظامه هو البديل الوحيد للجماعات المتطرفة.
ووافق النظام على صفقة من شأنها أن تسمح لمقاتلي داعش وجماعات أخرى متمردة بسحب مجنديهم من مخيم اليرموك في دمشق. وستساعد هذه الخطوة النظام على ترسيخ سيطرته على العاصمة، ولكنه سيكون مفيدا أيضا لداعش، لأن مقاتليه سيُنقلون إلى معقلهم في الرقة، الذي يواجه حاليا ضغوطا من الأكراد الذين تدعمهم الولايات المتحدة ومن العرب. والقضاء على قادة "جيش الإسلام" الذين يسيطرون حاليا على ضاحية الغوطة بشرق دمشق، يضعف وجوده بالمنطقة، مما يزيد من إحكام قبضة النظام على العاصمة.
وما تهدف استراتيجية النظام لتحقيقه هو سيناريو يظل فيه العنصران الفاعلان الوحيدان المتبقيان في سوريا هما النظام وداعش، والذي من شأنه أن يقضي بالكامل على سيناريو المفاوضات، لأن الاختيار عندئذ سيكون محصورا بين النظام والتنظيم.