الحرة الفلسطينية وانتفاضة القدس
تعاقبت على فلسطين العديد من الانتفاضات الشعبية والعديد من الحروب الهمجية، قدم خلالها الشعب الفلسطيني العديد من التضحيات في سبيل أن ينال حريته، فأصبح معلمًا لكل الشعوب التي تسعى لخلع ثوب الاضطهاد وارتداء ثوب العزة والكرامة.
وفي طريق نيل الحرية أثبتت الحرة الفلسطينية أنها جزء لا يتجزأ عن شعبها، بل نتجرأ ونقول أنها قلب الوطن النابض والباعث للثورة والحرية، فهي أم وأخت وابنة وزوجة وعمة وخالة وجدة لشهيد أو أسير أو جريح وهي الشهيدة والأسيرة والجريحة.
وتجلّت أسمى أفعالها في دفاعها عن مقدساتها ورباطها في ساحات المسجد الأقصى لمنع تنفيذ المخططات الصهيونية والتي كان آخرها مخطط تقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانيًا ومكانيًا والذي على إثره انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، كما وأنها مع انطلاق الانتفاضة كانت جنبًا إلى جنب مع أبنائها وإخوتها الثائرين المنتفضين في وجه الظلم الصهيوني.
هناك من حملت سكينها وانطلقت، وأحكمت حزام أمان سيارتها، وهناك من جهزت ابنها بجَهاز السكين ودعوة صادقة وقبلة حارة على جبينه مدركةً أنه سيذهب للصيد ومن هناك للجنة.
وأخريات أقسمن على حماية المسجد الأقصى والرباط فيه لمنع قطعان المستوطنين من استباحة الحرم الشريف رغم قرارات الإبعاد الصادرة بحقهن والغرامات المالية المفروضة عليهن.
وأخرَ ساهمن من خلال مناصبهن في النضال سواء في الكنيست الصهيوني أو في المجلس التشريعي.
لو عدنا بالذاكرة قليلًا للوراء قبل اندلاع الانتفاضة وتوقفنا في مدينة الخليل والشابة “هديل الهشلمون” التي أعدمت بدم بارد على مسمع ومرأى من العالم أجمع فضلت الرصاص على رفع حجابها، ولو تقدمنا بالذاكرة قليلًا وتوقفنا في مدينة القدس لرأينا جرأة غير مسبوقة على ضرب اليهود لحرائرنا وأعول ذلك السبب على أن الاحتلال رأى ما يحدث في مصر لنساء مصريات من اعتداء وغيره وكذلك الأمر في سوريا، فأصبح هناك تطاول على حرائرنا، لكنه لم يدرك أننا نقطع اليد التي تتطاول عليهن بل ونحرمها الحياة، فكان هذا السبب الثاني لانطلاق الانتفاضة.
أدركت الحرة الفلسطينية دورها منذ الأزل ومازالت مدركة له حيث كان الميدان شاهدًا على تواجدها، وهي تعلم أنها تستطيع أن تقدم الكثير فمثلًا:
– الحرة الفلسطينية “الأم”: تملك الدور الأكبر في خدمة الانتفاضة والقضية بشكل عام، من خلال كونها أمًا حنونًا وعطوفًا ومربية جيدة تربي أبناءها على أننا أصحاب الحق والحق يجب أن يسترد آخذةً بيد ابنها وزوجها إلى الجهاد من أجل الحرية، وأن تستقبل ابنها الشهيد استقبالًا يليق بمقامه وهنا لا أستطيع أن أذكر تلك النقطة دون ذكر أم الشهيد “مهند الحلبي” وأمهات الشهداء جميعًا صبرهم الله.
– الحرة الفلسطينية العاملة في مجال الإعلام: تستطيع أن توصل رسالة شعبها للعالم أجمع مظهرة للعالم مشاهد العنف التي يمارسها الاحتلال ضد شعبها من تدنيس للمقدسات، وإعدامات ميدانية، وقتل للحرائر والأطفال والشيوخ واقتحام المنازل وتفتيشها وتدميرها أو صبها بالاسمنت وكذلك تطاول المستوطنين على أهلها في القدس العاصمة.
– الحرة الفلسطينية العاملة في مجال التمريض: يتمثل دورها في تقديم إسعافات للمصابين وكذلك دورات إسعافات أولية للشباب الحر.
– الحرة الفلسطينية العاملة في مجال التعليم: تأخذ على عاتقها أن تعمل على توعية الجيل الناشئ بحدود وجغرافية وطنه، وتوضح له مخططات الاحتلال الصهيوني وأثرها على الوطن.
– الحرة الفلسطينية العاملة في البرلمان: بإمكانها الحديث وبكل جرأة عن ممارسات الاحتلال ضد شعبها الأعزل ورفع كل جرائم الاحتلال لدى محكمة الجنايات الدولية وخير من استغلت دورها هنا وكلهم خير السيدة “حنان الزعبي” من خلال تواجدها في الكنيست الصهيوني.
– الحرة الفلسطينية التي تسكن في الغربة: تستطيع أن تنظم حملات دعم ومساندة لشعبها وكذلك جمع تبرعات لإعادة إعمار منازل الشهداء الذين تم تدمير منازلهم كعقوبة لهم على تضحيتهم من قبل المحتل.
وما زالت الحرة الفلسطينية تفاجئنها بقدراتها الهائلة في التضحية والعطاء وهي التي صنعت الميدان برجاله الأبطال ووقفت جنبًا إلى جنب مع الحر الفلسطيني.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست