اخبار العراق الان

سورية القلب المجروح

سورية القلب المجروح
سورية القلب المجروح

2016-01-01 00:00:00 - المصدر: ساسة بوست


هنا بلاد العرب أوطاني، حيث فيها الألم والقلب مجروح، في أعزّ بلد أستنشق هواءه، إنها سوريا شام الهوى، ذات يوم كانت الابتسامة منها تملأ بها الدنيا، وزهور تنبع منها رائحة شهية، وأسواق شعبية فيها ذاك الحب والتسامح بين الأقلية والأغلبية، موطن حمل كل أنواع الإنسان من كل مكان، كان الشتاء فيه دافئا للأطفال، والربيع فسحة للتجوال، والصيف فرحة وانتصار، يُكرّم فيه الأبناء بعد اجتهاد، والخريف فيه بداية أخرى نحو الانتصار.

الطفل نحو مدرسته الجميلة النظيفة الآمنة الدافئة، والموظف نحو مؤسسته، والعائلة في بيتها آمنة مستقرة، ذاك البيت السوري ذو اللون الأبيض تتخلله أزهار الياسمين تسر الناظرين، ليلا ترى النجوم ساطعة والقمر مضيئًا، ثم بعدها ترى السحاب ينزل منه المطر، يفرح الناس بها، ثم صباحا يخرج كل واحد نحو شُغله، ثم عند الرجوع يجد كل واحد بيته آمنا وابنه الصغير نائمًا وزوجته الجميلة مسرورة، ثم يتفقد جيرانه فيجد الكل بخير وعافية، هكذا كانت سورية الهوى.

لم يبقَ الحال كما هو، بعد الفرح والسرور يأتي الحزن والشرور، استيقظتُ حينها في ذاك اليوم فتحت التلفاز، خبر مفيد مليء بالسياسة، حيث خرج السوريون بمطالبهم مثل بقية الآخرين، بعد مدّة أصبح الوضع لا يبشر بالخير، واجه الحاكم الفرح بالحزن والسرور بالشرور، منها بدأت حكاية سوريا القلب المجروح، لم تعد الأسواق الشعبية فيها ذاك الحب والتسامح بين الأقلية والأغلبية، أصبح الشتاء فيها باردًا على الأطفال، والربيع فسحة نحو المجهول، والصيف يُكرم فيه الأبناء بزيارة السجون أو القبور، والخريف بداية نحو الحزن، فلا مدرسة آمنة تستقبل الأطفال، ولا مؤسسة لم تدمر، فأصبح الموظف بلا عمل، والعائلة بلا بيت، ذهب البيت ذو اللون الأبيض بأزهاره الجميلة، وأصبح الليل تضيئه القنابل والسحاب يُنزل البراميل المتفجرة، يخاف منها الناس، وفي الصباح يتفقد الكل موتاه والسير نحو دفنها، ثم عند الرجوع ذاك الفرد الذي دفن جيرانه يجد بيته قد قصف وابنه الصغير قد مات وزوجته في عداد المفقودين، هكذا هي سورية اليوم.

لم تتوقف معاناة سورية على هذا، بل زاد بكاء الطفل والأب والأم، وزاد حزني، بعد دخول الجنس غير العربي في زيادة إضاءة سمائها، بعد طلب من حاكمها الذي أراد أن يُكرم شعبه بجعل الليل مثل النهار، تتجول فيه البراءة دون عوائق الظلام، أصبح هناك في سماء سورية الهوى ضجيج من الازدحام المروري الذي ينزل رعوده كل يوم على البراءة الموعودة من حاكمها المبتسم في وجه القنابل، والغاضب في وجه أبناء بلده.

انتشر الموت وراحت كرامة السوري، تشتتت العوائل بين العالم المليء بالشرور، فيه مجتمع دولي لم يرضَ بعدد 300 ألف من القتلى السوريين ربّما يريد أكثر من هذا وكأنه يقول لهم أنتم لستم أفضل من مجازر رواندا، هو الذي كان السبب في جرح القلب السوري، ناسين أنّ القلب المجروح قد يُسبب الوفاة لصاحبه.

بعد الشرور سيعود السرور والفرح بدل الحزن، حمامة السلام سترفرف في سماء سورية، وستنتصر على ضجيج الازدحام المروري، وقنابله وسمومه القاتلة للبراءة، سينتصر ذاك الطفل الغريق في سواحل المتوسط، وذاك المهاجر في بلاد الغرب، وذاك الإنسان المريض والمضطهد داخل سورية، ويعود وجه الصغير النائم في أمان والزوجة الجميلة المسرورة، والبيت ذو اللون الأبيض المزهر الجميل، ويعود الشتاء الدافئ والربيع المُزهر والصيف المُريح والخريف الجَميل لسورية، ولا يموت قلبها المجروح بل يحيا ويعيش في سلام.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست