مترجم: كيف تُسامح نفسك وما أهمية ذلك؟
ارتكبتَ خطأً، اتخذت قرارًا غير صائب، جرحت مشاعر شخص ما، فشلت في امتحان، لم تُكمل واجباتك اليومية، استيقظت متأخرًا، نسيت أن تدفع فاتورة ما، لم ترتق لمستوى تطلعاتك ولو بالقليل.
لم تُفلِح في شرح نقاطلك أثناء اجتماع أو عرضٍ مهم، فاتك موعدٌ هام، فاتتك حفلة عيد ميلاد حبيبك، كنتَ مُحْرَجًا في تلك الحفلة الكبيرة، كما أن الارتباك الذي حلّ بك لم يختف.
تجلعنا مثل هذه الحالات ساخطين على أنفسنا حيث نتساءل لماذا نحن حمقى أو ضعفاء أو غريبي الأطوار أو سخيفين أو حتى مساكين، فنعاقب أنفسنا بحرمانها من النوم ونتوجه إلى تقسيم قائمة المهام، فتخيب ظنوننا بأنفسنا مما يدفعنا الى التفكير فقط بهذه الأمور.
ومع ذلك فهذه هي اللحظات التي يكون فيها الصفح عن الذات أمرًا مهمًا.
تقول الطبيبة النفسانية آشلي آدر، استشارية معتمدة، بأن الصفح عن الذات هو تحمل المسؤولية عن تصرفاتنا برأفة وبجدّية، كما أشارت أنه بتلك الطريقة فكل منا يقول لنفسه:” أنا مُتَحسّر أنك تصرفت بهذه الطريقة فأنا أتفهم الدافع، وأود أن أحبك بدلاً من أن أعيبك عليها.”
فكيف إذن تُسامح نفسك؟
قات “’آدر” بأن الرحمة هي أساس المسامحة، فهي تتطلب ممارسة وقد تكون صعبة في البداية. لكنها تزودنا بطريقة صحية لنصبح أقوى. إنها تعزز صحتنا وسعادتنا فضلاً على أنها تُلهِمنا وتشجعنا.”
فلنأخذ المثال الآتي: أنت على مقربة من التاريخ المحدد لتسليم مقالٍ ما ولكنك لست مستعدًا لكتابته إطلاقـًا، فتقول لنفسك: “يجب أن أكتب هذا المقال حالاً وإلا فأنا شخص فظيع وكاتب فاشل”.
هل يشجعك مثل هذا القول على أن تمضي قدمًا وتكتب المقال؟
وفي المقابل، ماذا يحدث لو قلت لنفسك “لست مستعدًا لكتابة هذا المقال فالأسبوع كان طويلاً وشاقـًا ولا أشعر بأني قادر على الكتابة، لِم لا أضع مسودّة فقط.”
مجرد مخاطبة نفسك بهذه الطريقة تحسّن مزاجك ومن المُحتمل أن تدفع بك إلى العمل على المقال، فالتسامح فعال ونافع.
إليك الخطوات الخمس التي شاركتها “آدر” من أجل تعزيز تسامحك مع ذاتك آخذة الرأفة كأساس:
ركّز على التسامح بشقيه:
وفقـًا لـ”أدر”، فإن التسامح له مرحلتان، فالأولى هو أن نسامح أنفسنا عن أي فعل مؤذٍ أو إساءة قمنا بها، كارتكاب خطأ في العمل أو جرح مشاعر شخص ما. أما الثانية فهي أن نقر بأننا بشر نمتلك مشاعر معقدة وتصرفات لا نستطيع التحكم بها رغم أننا مسؤولون عنها. وأخذت كمثال التحول إلى موقف الدفاع عندما نحس بتهديد ما على الرغم من أن ذلك الشخص لم يقصد إزعاجنا.
يتطلب هذا فعلاً عملاً شاقـًا؛ فإمكانية أنك تستطيع فعل ذلك هي أخبار سارّة، وفي حالة ما احتجت مساعدة يمكنك زيارة أخصائي في أي وقت.
تعاطف مع الآخرين:
كثيرًا ما يكون تعاطفنا مع غيرنا أسهل من تعاطفنا مع أنفسنا، فكّر بما سيكون عليه شعورك حيال شخص آخر في نفس الوضعية. اقترحت آدر التأمل في هذا السؤال “هل تستطيع النظر إلى شكوكك وتفهم كيف كنت تبذل قصارى جهدك ماليًا واجتماعيًا وأكاديميًا بالموارد المتاحة لك؟”
اعمل على المسألة وكن راضيًا عن نفسك:
كانت إحدى زبائن “آدر” تعاني من اضطراب مستعصٍ ما أدّى بها الى عدم حبها وتقبلها لذاتها، حيث قالت بأن المريضة كانت ترى بأن مشاكلها النفسية اقتحمت كل علاقاتها. فتعاونتا، الطبيبة والمريضة، على مسألة حب الذات وتقبلها الى جانب التقليل من حدة الاضطراب الذي كان لسببين وراثي وكيميائي، كما أن هذا الاضطراب زاد من إحساسها والذي بدوره حسّن في علاقاتها وعملها على نحو فريد.
وفقـًا لـ”آدر” فإن المريضة دخلت معالم تقبل الذات والصفح عنها حيث استطاعت أن تُفصح عما يُخالجها قائلة: “أتمنى فعلاً لو لم يكن الاضطراب صراعًا بهذا الشكل، فقد يكون مرهِقـًا ومُنهِكـًا لي وللناس من حولي. أسعى جاهدة لأتغلب عليه كي لا يتحكم في ردة أفعالي ولا في قراراتي، ولكن في بعض الأحيان يتحكم فيها. فهذا ليس خطأي ولكنه حقيقة التعامل مع الاضطراب.”
استعمل عبارات مشجعة:
انتبه إلى ما تقوله لنفسك، حاول أن تستعمل عبارات مشجعة وصادقة. إليك ما شاركته “آدر” كأمثلة واقعية:
“يا الله، أردت ذلك حقـًا ولكن لم تسر الأمور على ما يُرام، طبعًا أحاسيسي مجروحة”
“يرتكب الناس الأخطاء دائمًا، فنحن بشر.”
“أكره التعلم بهذه الطريقة ولكن ها أنا أفعل ذلك.”
جرّب الخيال:
تصوُّر الأشياء قد يكون فعّالا، تقول آدر: “تخيّل احتواءك لنفسك في قلب أو في كف يدك، تخيّل أنك تحتضن نفسك، إرسال المحبة بتلك الصورة سيساعد في تعميم المشاعر الإيجابية والتي بدورها تزيد من الإحساس بالرحمة.”
تؤكد آدر من جديد على أهمية تقبل فكرة أنك إنسان يخطئ بطبعه ويتخذ قرارات غير مُوفّقة. وتضيف قائلة بأنك ستكسب كثيرًا إن تبنيت هذا الموقف، وهذا لا يعني رفضنا التحسين في المرات المقبلة ولكن هو ببساطة مواجهة الأحاسيس والتعقيدات التي تجعل منا أناسًا مفعمين بالحيوية وفريدين.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».