دروس ودلالات من انتصار الرمادي
يحتفل العراقيون هذه الايام بذكرى تأسيس الجيش العراقي والذي كانت نواته الاولى قد تشكلت في العام 1921م من خلال تأسيس فوج اطلق عليه تبركاً وتيمناً (فوج موسى الكاظم) ، ويتزامن هذا الاحتفال بقواتنا المسلحة الباسلة مع الانتصار الكبير الذي تحقق أخير في الانبار وتم فيه تحرير مدينة الرمادي وتطهيرها من الدواعش الارجاس بعد معارك وعمليات نوعية لقواتنا الامنية استطاعت من خلالها سحق فلول الجواحش وتخليص الرمادي من حكم الدولة الارهابية الداعشية .
لقد بعث الانتصار الحاسم لجيشنا العراقي في الرمادي عدد من الرسائل التي لخصها سماحة المرجع اليعقوبي في خطابه المعنون بـ (تحرير الرمادي أعاد للمؤسسة العسكرية الوطنية هيبتها وأسقط رهانات أضعافها ) والذي صدر بعد اعلان تحرير الرمادي وتخليصها من شذاذ الافاق والذي هنأ فيه العراقيين والاحرار في العالم اجمع بهذا الانتصار الباهر لجيشه الباسل على شراذم التكفير والذبح التكفيرية .
الدروس التي استخلصها سماحة المرجع اليعقوبي لتكون محصلة للنتائج الايجابية العديدة التي افرزها الانتصار تلخصت بمحاور ونقاط عديدة وفي مقدمتها هي الصورة المشرقة للعنفوان والبطولات التي (سطرها المقاتلون الأشاوس) والتي رأى سماحة المرجع أنها (صور مشرقة تربط الحاضر بالماضي) لما حفلته من معاني الاقدام والشجاعة والتضحية التي حفلت بها سجلات تاريخ عصر النبوة وبطولات شباب الرسالة ، ويؤكد سماحة المرجع على ان ذلك النصر وصوره المشرقة التي سطرها المقاتلون كانت نتيجة علو الهمة وصفاء النية وانبثاق الهمة والشعور بالمسؤولية من قبل القيادات والمقاتلين بحجم الامانة الملقاة على عاتق قواتنا العسكرية في مواجهة التكفيريين والقضاء على عصاباتهم الاجرامية لتخليص البلاد وابناء العراق من خلال استئصال الورم الداعشي السرطاني وتطهير الارض من شرورهم .
الدرس الثاني من وحي انتصار الرمادي الذي اشار له المرجع اليعقوبي هو ان هذا النصر العسكري والميداني لقواتنا العسكرية هو انتصار على (دعاة الفتن والتقسيم والفرقة والاحتراب بين الاخوة) ، وهو نصر مهم وضروري لأن يقطع الطريق امام دعاة الفتنة ومثيري النعرات من السياسيين الطائفيين الذي لا يجيدون العزف سوى بهذه النغمة النشاز لأنها رأس مالهم الوحيد للمتاجرة في مواسم الانتخابات ، الانتصار الذي تحقق من قبل القوات العسكرية العراقية أسقط رهانات مثيري الفتن لأن قطعات الجيش التي يجتمع تحت راية الوطن فيها كل العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم القومية والدينية والطائفية ساهم في قطع الطريق امام الأبواق الطائفية والقومية لمحاولة افساد فرحة العراقيين بالنصر وعجز الاعلام الطائفي عن ابتكار القصص والحكايات الكاذبة والملفقة التي اعتاد ان يطلقها أبان كل نصر يتحقق من قبل قواتنا العسكرية وسندها الحشد الشعبي وقوات العشائر .
ومن الدروس الاخرى التي افرزها انتصار الرمادي هو نجاح مؤسستنا العسكرية وتشكيلاتها المسلحة في اسقاط رهانات اعداء العراق بإضعافها او الغاء وجودها او تهميش دورها وهو المخطط الذي سعى اليه من يريد تدمير العراق وتقسيم أرضه منذ ساعات التغيير الاولى في 2003م عبر قرار برايمر سيء الصيت بحل الجيش العراقي وصولا الى منعطف سقوط الموصل وباقي المدن في قبضة الدواعش مما ساهم في تعريض وجود المؤسسة العسكرية للانهيار او الانهاء ، وكذلك مما ساهم في مظاهر الاقتدار العسكري الاخير لقواتنا الامنية في الرمادي هي الحرفية والدقة التي تعاملت بها الاجهزة الامنية وقيادتها العسكرية مع عملية تحرير الرمادي دور بارز في إظهار القوة الحقيقية والمؤثرة لقطعاتنا العسكرية خصوصا بعد ان تخلصت تلك المؤسسة جزئيا من قيود وسيطرة القيادات الفاشلة والفاسدة عن مراكز القرار فيها بالإضافة الى تميزها بالاستقلالية والمهنية الصرفة .
ومن الدروس المهمة الاخرى لانتصارات قواتنا الامنية والتي بينها سماحة المرجع في بيانه هو دعوته للقيادات السياسية (الارتقاء الى مستوى هؤلاء الابطال المضحين) ويذّكر سماحته هؤلاء المتصدين لإدارة شؤون العملية السياسية بضرورة التفكير بجدّية لحل مشاكل البلاد ، وهذا التفكير الذي يقصده سماحة المرجع يعني الشروع والمبادرة الى إيجاد الحلول للازمات والاخفاقات والتخبط الذي يئن منه جسد الدولة المتخم باطنان من المشاكل والتعقيدات والاهمال والعجز على كل المستويات بدأً من الامن شبه المفقود الى الرفاه المفقود تماما ، لذلك فأن وعي القيادات يجب ان يترفع عن النزاعات الضيقة والصراعات الجانبية في هذا المرحلة التي تمثل منعطفاً حقيقيا في تاريخ العراق نظراً لحجم المخططات التي تستهدف اضعاف العراق من خلال تقطيع أوصاله الى ثلاث اقاليم قومية وطائفية .
المرجع اليعقوبي في نهاية خطابه يحث العراقيين على (التأمل) في حيثيات المعركة وتحليلها لاستخلاص مكامن القوة واسرار الانتصار والعمل على إدامة عوامل النهضة التي انبثقت من ثنايا هذا الانتصار للحرص على ديمومتها وتنميتها والانتباه والعلاج لمكامن الضعف والزوايا التي يتم من خلالها تمرير المخططات الشيطانية لإعداء العراق ، ويذكر ويؤكد سماحته على اهمية (وحدتنا وإخلاصنا) في إظهار مظاهر العزة والقوة للعراق والتي ترهب العدو وتجعله ضعيفا ومتهاوياً ومندحراً امام تلاحم وشجاعة ووحدة ابناء العراق في قواتنا الامنية وحشدنا الشعبي ومتطوعو عشائرنا الغيارى .
.