المتحاربون يتقاسمون خارطة الجوع في سوريا
تتقاسم أطراف الصراع في سوريا جريمة حصار وتجويع المدنيين في عدد من المدن والقرى، حيث بلغت مستويات الجوع أرقاما غير مسبوقة في بلد عرف أنه سلة غذاء في المنطقة لكثرة خيراته وتنوعها.
وفي أحدث أرقام الأمم المتحدة هناك أربعة ملايين ونصف المليون سوري يصعب الوصول إلى مناطقهم لمساعدتهم منهم 400 ألف يعيشون تحت الحصار.
وفي تفاصيل خارطة الجوع بدءا من الشمال تفرض جبهة النصرة وفصائل مسلحة معارضة حصارا منذ أكثر من عامين على مدينتي نبل والزهراء اللتان تقطنهما أكثرية شيعية موالية للنظام.
الأمر ذاته ينطبق على بلدتي الفوعة وكفريا في ريف إدلب اللتان تضمان أكثر من 12 ألف من المدنيين المحاصرين ويحاصرهما جيش الفتح الذي يضم النصرة وأحرار الشام وفصائل أخرى.
وإلى الشرق وتحديدا في مدينة دير الزور الواقعة على نهر الفرات، يفرض تنظيم الدولة داعش حصارا خانقا على الأحياء الواقعة تحت سيطرة النظام منذ عام، حيث يقطن أكثر من مئتي ألف مدني يعانون من جوع شديد مع عجز كامل في الوصول إليهم باستثناء بعض الخروقات التي لاتسمن ولا تغني من حصار وجوع.
أما في ريف دمشق فنجد أن قوات النظام وحزب الله اللبناني فرضا طوقا حول مدينة الزبداني التي شهدت اتفاقا يقضي بخروج مسلحين مع عائلاتهم من المدينة لإدخال الغذاء وفك الحصار عن خمسمئة شخص تبقوا في المدينة بعد أن نزح معظم سكانها باتجاه الأراضي اللبنانية.
وفي جارتها مضايا ذات الأربعين ألف نسمة نال الوضع المأساوي في الفترة الأخيرة اهتماما عالميا بعد تسريب صور من داخل المدينة لأطفال وشيوخ فارقوا الحياة من شدة الجوع، ووصفتها الأم المتحدة بأنها الكارثة الإنسانية الأسوأ منذ بدء الصراع، قبل أن تنجح المنظمات الدولية في إدخال قوافل مساعدات إليها بالتزامن مع إدخال قوافل إلى كفريا والفوعة شمال البلاد.
وأطول فترات الحصار إلى الآن تمت في غوطة دمشق الشرقية التي يقطنها أكثر من 176 ألف نسمة محاصرين منذ ثلاثة أعوام، ووصلت فيها أسعار السلع إلى أرقام خيالية مع عجز في تأمين الغذاء والدواء.
وفي الغوطة الغربية تعيش داريا الملاصقة للعاصمة الحال ذاته حيث يتقاسم أربعة آلاف شخص الجوع والحصار مع وجود مسلحين معارضين داخل المدينة يواجهون قوات النظام والقوات المساندة لها.
وفي ظل العمليات العسكرية المستمرة في ريف حمص الشمالي قطعت قوات النظام آخر طرق الإمداد الواصل بريف حماة الجنوبي، الأمر الذي أدى إلى شح المواد ما يهدد بكارثة إنسانية جديدة.
وهناك بعض المناطق التي أبرمت الفصائل المقاتلة فيها اتفاقا مع النظام ولكنها تعيش في حصار أقل وطأة يشتد حينا وتتراخى الحواجز المحيطة حينا آخر، مثل معضمية الشام وقدسيا والهامة والتل ووادي بردى في ريف دمشق، وحي الوعر في حمص.
كما يتبادل تنظيم داعش سياسة الحصار في المناطق الشمالية مع كل من النصرة والمعارضة والأكراد والنظام حسب تغير خارطة السيطرة وتركز جبهات القتال.
أما المساعدات فإنها تكون ضمن اتفاقات محدودة ومشروطة الأمر الذي يهدد باستمرار الحصار مالم تكون هناك آلية تضمن ممرا آمنا لتدفق السلع الضرورية.
ووسط شبح الجوع تكتفي الأطراف المتحاربة بكيل الاتهامات إلى بعضها البعض بينما تضيع صرخات الجوعى في ضجيج آلة الحرب.