اخبار العراق الان

المبادرة الفرنسية ومؤتمر جنيف لحل الازمة في سوريا هما مؤشر آخر على أن افكاك العالم تغلق على حكومة نتنياهو

المبادرة الفرنسية ومؤتمر جنيف لحل الازمة في سوريا هما مؤشر آخر على أن افكاك العالم تغلق على حكومة نتنياهو
المبادرة الفرنسية ومؤتمر جنيف لحل الازمة في سوريا هما مؤشر آخر على أن افكاك العالم تغلق على حكومة نتنياهو

2016-02-05 00:00:00 - المصدر: راي اليوم


 

بقلم: ران ادلست

  كان هذا مجرد مسألة وقت: فرويدا رو­يدا، وان لم يكن بالوتيرة التي يرغب فيها اليسار الاسرائيلي، تغلق أفكاك العالم على حكومة اليمين.

  فاقتراح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لعقد مؤتمر دولي هو دورة اخرى للبرغي. وكما هو متوقع، كان الرد الحكومي هو ابراز الاسنان برد فعل شرطي: ركلة، عدوان، تملص وتلاعب. فرنسا؟ كيف نسوا هناك عمليات تشرين الثاني في باريس. أيريدون التوسط بيننا وبين الفلسطينيين؟ من الان فصاعدا لا يمكن لفرنسا ان تكون وسيطا نزيها، وبشكل عام فان هذا الاقتراح هو تأييد للارهاب. فابيوس؟ الرجل مريض، زمنه محدود، وحتى ذلك الحين ستتبدد المبادرة. الرئيس اولاند؟

  في الاليزيه لم يعرفوا على الاطلاق عن ذلك. ويدعي المراسلون الفرنسيون بان المبادرة هي من فرانسوا اولاند الذي سينهي ولايته في 2017. ناهيك عن الرد الحكومي الذي جاء ساخرا باقتراح مضاد لفرنسا ان تعقد مؤتمرا مع داعش.

  وفي الغداة في مؤتمر السفراء قال نتنياهو: “مع ابو مازن أدرت في السنوات السبعة الاخيرة ست ساعات مفاوضات فقط. ابو مازن يتوجه في واقع الامر الى الجبهة الدولية. على مستوى الدول، باستثناء السويد تكاد لا تكون هناك دولة تؤيده”.

  فحصت مرة اخرى، فتبين انه قال هذا حقا. لا شك ان الرجل يعيش في فقاعة، ونجاعه الصاخب هو أنه ينجح في ان يدخل اليها قسما كبيرا من الشعب. ولنذكر انفسنا جميعا بالمناسبة بان فرنسا فقط تهدد بان تعترف بفلسطين ودول اوروبا والعالم تقف في الطابور منذ الان بعد أن اقرت جميعها مكانتها كمراقب في الجمعية العمومية للامم المتحدة.

  ومن الحكومة واوساطها يأتي التأكيد بان “اسرائيل ترفض الاقتراح الفرنسي” او “فرنسا تدفع اسرائيل الى الزاوية”. بينما في واقع الامر لا يدور الحديث عن دولة اسرائيل. ولا حتى عن شعب اسرائيل، بل عن حكومة اليمين.

  وكلما كان الضغط من الخارج على حكومة اليمين يتصاعد، هكذا يتصاعد الضغط الداخلي من حكومة اليمين واتباعها على اليسار الاسرائيلي. وهذه متلازمة واضحة للرجل المضروب والمهان خارج بيته. في داخل البيت يضرب ابناء عائلته ويتهمهم بفشله. والظاهرة التي يفترض بها أن تعالج في مؤسسات الصحة النفسية او مؤسسات القانون تصبح اليوم وباء ينتشر في الدولة.

  بالنسبة للائتلاف، فان الجمود السياسي يسمح له بالنجاة. أما المعارض يئير لبيد فهو يواصل السير على خط اليمين: “اسرائيل لن تذهب الى مؤتمر فابيوس تحت التهديد”. هرتسوغ هو الاخر في حالة تراجع وهو يغازل جمهور الهدف الاكثر اعتدالا، مع انفصال على طريقة ارئيل شارون، وتأييد لفابيوس كي يسير على الخط مع العالم (كما ينبغي للمعارضة الحقيقية).

  ولما كان واضحا للجميع، بما في ذلك الفرنسيون، بان حكومة اليمين سترفض الاقتراح ولن تشارك في المؤتمر، فان النية الحقيقية للخطوة هي الوصول الى مجلس الامن في ظل اعتبار اسرائيل هي الرافضة. مما يفترض به أن يساعد براك اوباما على ان يسوق للناخبين الديمقراطيين في 2016 القرار بعدم استخدام الفيتو على قبول فلسطين كعضو كامل في الجمعية العمومية للامم المتحدة. وسواء حصل هذا ام لا، فان هذه هي مسألة المسائل التي تقف خلف كل خطوة تعنى بالنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني ولا سيما خلف مناورة مؤتمر فابيوس.

  الملجأ اليوناني

  مؤتمر آخر يفترض به أن يعيد ترسيم حدود الشرق الاوسط ينعقد هذه الايام في جنيف. مندوب الامم المتحدة، ستيفان دي ميستورة، يحاول أن يوفق بين مندوبي السعودية والاسد. والمحفز هو التعاون الدولي لتصفية داعش، ولكن هذه هي المشكلة الاسهل من بين كل المشاكل. المشاكل الحقيقية هي تقسيم المنطقة حسب مفتاح يهدىء روع الاطراف الصقرية.

  يتعلق التقدم بتقدم روسيا، سوريا، ايران وحزب الله في السيطرة على الاراضي السورية في ظل تسوية مع (او تصفية) منظمات الثوار على انواعها. احد لا يعرف كيف بالضبط ستقسم سوريا في نهاية المعارك لان حدود الجبهة في حالات القتال تتقرر بالخطوات على الارض. ويفترض بالامريكيين ان يعالجوا داعش في الشرق، في الحدود العراقية – التركية، بمساعدة ايران. اما الجهد الاساس لقوات المحور الروسي ضد الثوار فهو في الشمال، غير أن واحدا من رؤوس حربة الاسد يتجه نحو هضبة الجولان.

  حسب خريطة المعارك للاسبوع الماضي (“HAFFINGTON POST”) دخلت قوات الاسد الى بلدة الشيخ مسكين تحت حشد مكثف من الطائرات الروسية. وتقع هذه القرية على مسافة نحو 20كم من الحدود مع اسرائيل. وتريد حكومة اليمين ان ترى في الحدود الشمالية جارا مريحا لا يطالب بهضبة الجولان، وهذا يبدو معقولا لكل اذن اسرائيلية، ولكن هذا أمل عابث. كائنا من كان هناك فانه سيطالب بالهضبة، ولكن في هذه الاثناء يوجد للمنظومات في اسرائيل ما تلعب به. جمع المعلومات الاستخبارية، كتابة اوراق العمل، الدعم السري لهذا التنظيم او ذاك – لا شيء له صلة بالواقع المعتمل في الهضبة ولكنه يغذي الالاعيب التي تختص بها بخبرة عالية حكومة اليمين.

  المؤتمران، ذاك الذي في جنيف وهذا الذي برئاسة فابيوس، يعنيان بنظام جديد في الشرق الاوسط. وعلى عادة المؤتمرات الدولية، فانها تحاول في هذه المناسة، ان تعقد أكبر قدر ممكن من الصفقات. لا شك ان المسألة الاسرائيلية توجد على جدول الاعمال. ليس في رأس القائمة. يسبقها داعش، الاكراد، منظمات الثوار، الدروز، ولكن اسرائيل ولبنان يوجدان في مكان ما هناك في نهاية القائمة.

  في هذه الاثناء، كي لا يتهم بالجمود وكي لا يشعر بانه مرفوض، حاول نتنياهو العودة الى تركيا. يوسي تشخنوبر ورئيس مجلس الامن القومي في حينه يوسي كوهين ذهبا وعادا في جولات مكوكية الى تركيا في بداية 2015 واقترحا استسلاما اسرائيليا غير مشروط. بما في ذلك موافقة اسرائيلية لدفع نحو 20 مليون دولار لمصابي مرمرة. وكان يفترض بالاتراك ان يتنازلوا عن مطلبهم لرفع الحصار عن غزة. هذا لم يحصل والعلاقات تجمدت مرة اخرى. في نهاية 2015 اخذ مدير عام وزارة الخارجية الجديد زمام الريادة وعلى الفور انطلق في تصريح بان “الاتفاق قريب”. كما اشار (القناة 7) الى ان “هناك نقاط سبق ان اتفق عليها، واخرى لا تزال موضع خلاف ولكن الامور تتقدم بالاتجاه السليم”.

  يدور الحديث بالطبع (مرة اخرى) عن هذيان يميني نموذجي، لان الاتراك لم يتحركوا قيد أنملة عن مطلبهم فتح غزة. هكذا؟ نحن سنريهم! نتنياهو انقض على المبادرة السياسية الجديدة (!)، والرأس المثمر لمدير مكتب رئيس الوزراء ابتكر لنا دمية جغرافية استراتيجية جديدة. حلف مع اليونان وقبرص، عدوتي تركيا. وبصورة مشتركة وجدول زمني سريع ستصبح اسرائيل قوة عظمى اقليمية. في الاسبوع الماضي في يوم الثلاثاء عقد وزير الدفاع زيارة رسمية (!) في اثينا. ويوم الاربعاء التقى نتنياهو رئيس وزراء اليونان اليكس سيفراس، وفي يوم الخميس عقد لقاء قمة (!) ثلاثي في نيقوسيا بمشاركة زعماء اسرائيل، اليونان وقبرص.

  مثير للانطباع، اليس كذلك؟ غير أن لكل هذا الجغرافي – شيء ما لا توجد أي صلة بالواقع. اليونان تفلس وبحاجة ماسة لكل قشة، وليس لاسرائيل ما تعرضه الا اذا اشترى جلعاد شارون ودافيد ابل جزيرة يونانية ما مثلما في الايام الطيبة اياها. ليس لقبرص بضاعة استراتيجية باستثناء الحمير الفاخرة وملاجيء الضريبة، وهذا الاثنان لدينا بوفرة في اسرائيل. باستثناء هذا، في اللحظة التي يغمز فيها رجب طيب اردوغان فقط، ستجدون هناك بيبي يجمع الفتات تحت طاولته ويحقق انجازا جغرافيا – شيئا ما، مذهل آخر. اسألوا المراسلين السياسيين.

معاريف   5/2/2016