لا نريد رؤيتها مجدداً.. خيبة أمل العراقيين في ألمانيا تدفعهم للعودة إلى بلادهم
لا نريد رؤيتها مجدداً.. خيبة أمل العراقيين في ألمانيا تدفعهم للعودة إلى بلادهم
دفعت مشاعر الإحباط التي يعاني منها كثير من اللاجئين في ألمانيا، ومن بينهم العراقيون، إلى العودة إلى بلادهم، وذلك نتيجة لطول فترة الانتظار التي تتطلبها عملية التسجيل والأزمات المادية التي تعرضوا لها.
صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، نقلت الجمعة 5 فبراير/شباط 2016، عن إسو حسن (31 عاماً) الذي يمتهن الميكانيكا، قوله: "كنت أحلم بزيارة ألمانيا منذ طفولتي، والآن حلمي هو ألا أراها مجدداً".
حسن هو واحد من مئات العراقيين الذين وصلوا إلى برلين بعد رحلة قاسية إلى قلب أوروبا، إلا أنه قرر اتخاذ الطريق العكسي الآن.
ربما يستطيع الجميع تخيل مدى خيبة الأمل التي تجبر شخصاً ما على ترك حياة جديدة في أحد أغنى وأكثر دول العالم استقراراً والعودة إلى بلاده حيث العنف والاضطرابات الشديدة.
وأضاف حسن: "خلال عام واحد لن يستمر أي عراقي في ألمانيا".
نصف العائدين لاجئون
في مطار تيجيل في برلين، يصطف الكثير من العراقيين في طابور تسجيل الخطوط العراقية، حيث تتجه 3 رحلاتٍ أسبوعياً من ألمانيا إلى العراق، وذكرت مسؤولة رسمية في خطوط الطيران العراقية أن أكثر من نصف الركاب (150 أسبوعياً) هم لاجئون قرروا العودة إلى العراق، وأن الطلب مازال يتزايد حيث تفكر الشركة في مضاعفة عدد الرحلات.
تُعد أعداد العائدين إلى العراق ضئيلة بالمقارنة بالمقيمين في ألمانيا، حيث يوجد 30 ألف لاجئ عراقي في ألمانيا من بين 1.1 مليون لاجئ استقبلتهم البلاد خلال العام الماضي.
ويعد العراقيون من بين الأكثر طلباً للجوء إلى ألمانيا، إلا أن أعداد العائدين تلك تكشف الكثير من الاستياء تجاه الحياة في الغرب ومن ضيق الحال مع كثرة اللاجئين.
الحكومة الألمانية
ربما تحمل تلك الأخبار بعضاً من الارتياح للحكومة الألمانية تجاه الأزمة، مع دعوة الكثير من المواطنين لاتخاذ موقف من الحكومة تجاه تلك الأعداد من اللاجئين.
وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أعطت الأسبوع الماضي ضمانات بعودة متوقعة لأغلب اللاجئين بعد انتهاء الأزمة الحالية وهزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سوريا والعراق، حيث عاد سابقاً 70% من اللاجئين من يوغوسلافيا في تسعينات القرن الماضي إلى بلادهم عقب انتهاء الأزمة.
الحكومة الألمانية كانت قد شجعت اللاجئين على العودة إلى بلادهم عارضةً التكفل بنفقات عودتهم، حيث سجّل في تلك المبادرة 37 ألفاً وهو ما يبلغ 3 أضعاف المتطوعين للعودة في عام 2014، في حين بلغ عدد العراقيين بينهم 700 لاجئ.
فيما يغادر الكثير من العراقيين الآخرين على نفقتهم الشخصية، حيث تلقّت السفارة العراقية في برلين 1400 وثيقة سفر إلى العراق دون عودة إلى ألمانيا منذ أكتوبر/تشرين الثاني الماضي.
250 يورو تكلفة العودة
وقال علاء هدروس، صاحب شركة سياحية ومحل للمجوهرات في برلين، حيث يبيع فيه بعض العراقيين ما تبقى من مجوهراتهم لتغطية نفقات العودة إلى العراق التي تبلغ 250 يورو (حوالي 300 دولار): "ظن البعض أنه بمجرد وصولهم إلى هنا سيحصلون على السكن والمال والرعاية الصحية المجانية. لم يدركوا أن عليهم الانتظار لأيام طويلة لمجرد التسجيل لدخول البلاد، ثم بعد ذلك المعيشة في نُزُل وبيوت للشباب لمدة شهور".
الأمر ذاته هو ما أكده سعد ربيعي (جندي سابق في الجيش العراقي)، والذي قرر العودة لبلاده بعدما انتظر الحصول على اللجوء لمدة 5 أشهر دون أمل، حيث يقول إنه لم يحصل على أية أموال طيلة الشهرين الماضيين.
كما أضاف: "أخطأت ميركل من البداية عندما قالت نحن نرحب بكم جميعاً هنا، كان من الأفضل أن تكون أكثر صراحة وتقول: نحن لا نريدكم وليس لدينا القدرة على استقبالكم".
أحوال سيئة
حتى الآن، لا يوجد ما يقول إن العراقيين أقل قدرةً من غيرهم على التكيف مع الحياة الجديدة في ألمانيا، حيث يرى البعض أن توافر وقلة تكاليف العودة إلى البلاد لعبت دوراً كبيراً في قرار الكثيرين بالعودة.
أغلب العائدين إلى العراق كانوا في برلين تحديداً. مكتب المدينة للشؤون الصحية والاجتماعية والمعروف باسم "اللاجيسو" أصبح مرادفاً للفوضى الإدارية، حيث أصبح اللاجئون يضطرون للانتظار لأيام لتسجيل أسمائهم للحصول على رعاية صحية وسكن وبعض مزايا الرعاية الإجتماعية، إلا أن الأمور تحسنت كثيراً عقب هيكلة إداريةٍ للمركز في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
- هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة Financial Timesالبريطانية، للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ترجمة: هافنغتون بوست