في كلاسيكو الأرض …ماذا توقعنا ؟ وماذا شاهدنا ؟
حقق نادي ريال مدريد فوزاً بطعم البطولة على خصمه اللدود برشلونة وهزمه بهدفين لهدف في معقله الكامب نو ليؤكد الحقيقة القائلة بأن الكلاسيكو لا يخضع لأي من حسابات أو توقعات المسبقة التي يجهد المتابعون والنقاد على حد سواء في وضعها قبل أي مواجهة بينهما. وفي السطور التالية رصد لأبرز التوقعات حول كلاسيكو الأرض قبل بدايته ، وأبرز النتائج بعد نهايته .
التوقعات قبل اللقاء
برشلونة أفضل وأكثر تماسكاً : منذ بداية الموسم تقريباً وبرشلونة يقدم أداء كبيراً في جميع مبارياته المحلية منها والأوروبية مقدماً فكراً هو الأكثر تقدماً في كرة القدم الحديثة من حيث المزج بين الاستحواذ واللعب المباشر . أفكار برشلونة الواضحة قابلها ارتباك مدريدي كبير أولى بوادره مسألة تغيير المدربين منذ نهاية الموسم ومعاناة آخرهم وهو زين الدين زيدان في إيجاد هوية واضحة دفاعياً وهجومياً بناء على ضيق الوقت المتاح له وقلة خبرته في عالم التدريب .
ضعف تعامل زيدان مع اللقاء : قلة الخبرة التي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة ظهرت في تعامل زيدان مع العديد اللقاءات السابقة وكانت سبباً مقنعاً للتشكيك بقدرته على التعامل الصحيح مع مباراته الأولى في الكلاسيكو والتي فشل مدربو الريال السابقون الأكثر خبرة وتجربة من أمثال مورينيو وأنشيلوتي في التعامل معها. والجميع توقع أن يكون لإنريكي اليد العليا على زيدان لأن الأخير لم يظهر الحنكة التدريبية المطلوبة حيث كان الحماس والروح المعنوية الورقة الأبرز في التعامل مع اللقاءات السابقة وهو أمر غير كاف للتعامل مع الكلاسيكو.
حسم سريع من الثلاثي المرعب : مع الارتباك الخططي والتكتيكي للريال تحت قيادة زيدان وتفاوت أدائه من مباراة لأخرى وخصوصاً دفاعياً. وبناء على الأداء المرعب للثلاثي ميسي -نيمار – سواريز الذي يعتبره الكثيرون من أفضل الثلاثيات الهجومية في التاريخ. فإن المعاناة الملكية ستكون منطقية خصوصاً أن مباراة الذهاب انتهت برباعية بيضاء، وتكرارها سيكون أمراً وارداً خاصة أن اللقاء يجري على أرضية الكامب نو حيث يستطيع هذا الثلاثي أن يتحرك أفضل من اي ملعب آخر.
بناء على كل ما سبق فإن التوقعات بالفوز كانت في جانب برشلونة بشكل لا يقاس …لكن للملعب حقيقته الخاصة فما الذي رأيناه في اللقاء ؟
ريال بعقلية صلبة : رغم أن أداءه لم يكن مميزاً في الشوط الأول على الصعيد الفني والتكتيكي حيث كانت هناك مجموعة من الهفوات خاصة في الوسط الدفاعي وسرعة الارتداد الهجومي. إلا أن إصرار الريال على عدم تلقي أهداف في الشوط الأول كان واضحاً تماماً من خلال استبسال لاعبيه في الركض والضغط على المنافس وعدم السماح للكرة بتهديد مرماهم في مناسبات عديدة ، وبناء على ذلك كان التعادل السلبي مع نهاية الشوط الاول الذي يمكن اعتباره نصف نجاح.أما النجاح الحقيقي فكان في الشوط الثاني بعد التأخر بهدف، حيث تمكن رجال زيدان من قلب الأمور لمصلحتهم بشكل كامل واستطاعوا الفوز وهم منقوصو العدد بعد طرد راموس . وإن أضفنا الهدف الصحيح الملغى لجاريث بيل وعارضة رونالدو فإنهم قد استحقوا الفوز عن جدارة واستحقاق بما يؤكد قوة العقلية التي يملكونها .
لمسة زيدان فاقت لمسة إنريكي
رغم أن الخبرة والألقاب والظروف المحيطة تصب في مصلحة مدرب برشلونة . إلا أنه لم يتعامل مع المباراة بالشكل الصحيح عكس مدرب الملكي . فبإخراجه لراكيتيتش وإدخاله لأردا توران نقصت سرعة برشلونة بشكل سمح للريال المندفع بأن يقتنص الكرة بنجاح ويضرب بمرتدات سريعة قادها البديل خيسي الذي أرهق برشلونة (المرهق أساساً ) في نجاح كبير لزين الدين زيدان الذي عرف متى يستغل التراجع البدني الكتالوني. وهنا تظهر أهمية أن يكون المدرب لاعباً كبيراً يحس بما يحس به من هم داخل أرضية الملعب ويعرف من حركتهم مقدار الإرهاق الذي يعانون منه، وهذا ما سمح لزيدان بأن يتدخل في الوقت المناسب.
ثلاثي مرهق
الثلاثي الكتالوني الحاسم كان مرهقاً للغاية بشكل مكن مدافعي مدريد من السيطرة عليهم بكل سهولة خاصة نيمار الذي بدا واضحاً أنه لم يكن قادراً على الحراك. وهذا أمر طبيعي بناء على الرحلة الطويلة التي قطعوها للعب التصفيات الأمريكية الجنوبية الأطول والأصعب من أي رحلة أخرى داخل القارة الأوروبية . ولولا أن دور ميسي تغير وبات يحتاج ركضاً أقل وذكاءً أعلى لما رأينا تلك اللمسات الساحرة منه خاصة في عملية التمرير. وإصرار إنريكي على إعطائهم نفس الأدوار التي اعتادوها سمح لدفاع الريال بإيقافهم بسهولة رغم بعد اللقطات الخطرة من سواريز تحديداً ، وكان من الأجدى بالمدرب الكتالوني أن يغير من طريقة حركتهم و توزيعهم أو أن يدخل أليكس فيدال مثلاً بدلاً من داني ألفيس المرهق أيضاً بهدف تقديم الدعم وإيجاد حلول أخرى ، ولكنه لم يفعل.
برشلونة بدا بعيداً ذهنياً عن اللقاء ، وربما أن ابتعاده بمقدار جيد من النقاط أعطاه نوعاً من الرخاء وحوّل تفكير الفريق إلى لقاء أتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا. والمهم الآن بعد هذه الخسارة أن يمتلك رجال إنريكي القدرة الذهنية للعودة خاصة أن الخسارة بعد ٣٩ مباراة تأتي أشد وطأة من خسارة كل خمس أو عشر مباريات ، وإن لم يتدارك برشلونة الأمر فإنه قد يخسر أفضليته لأتلتيكو أو حتى لريال مدريد الذي انتعش بقوة بعد هذا الانتصار وسينتعش أكثر بعد التجاوز المحتمل لفولفسبورغ في الأبطال .
لقراءة مقالات أخرى للكاتب اضغط هنا :
صفحة الكاتب على الفيسبوك وتويتر :