اخبار العراق الان

الكورد و ازدواجية المعايير الغربية

الكورد و ازدواجية المعايير الغربية
الكورد و ازدواجية المعايير الغربية

2016-04-10 00:00:00 - المصدر: باخرة الكورد


الجمهورية التركية و منذ أعلانها على يد مصطفى كمال في 29 أكتوبر عام 1923 و حتى الآن تمارس سياسة الإنكار و الامحاء بحق الشعب الكوردي في شمال كوردستان ، و رغم حدوث بعض التطورات في التسعينات من القرن الماضي و كذلك مع استلام حزب العدالة و التنمية لسلطة في عام 2003 ، إلا أن الدولة التركية ما تزال على سياستها القديمة و هي إنهاء القضية الكوردية بطريقة تحافظ على مركزية الدولة و البقاء على اللغة التركية كلغة وحيدة في تركيا و القضاء على كافة اللغات الاخرى و خاصة اللغة الكوردية، و كل حديث عن حل المسألة الكوردية كان مجرد نفاق سياسي مارسه حزب العدالة و التنمية برئاسة أردوغان لتحقيق غايات سياسة تهدف بالدرجة الأولى تعزيز مواقعه في الدولة و إنهاء القضية الكوردية و عزل المقاتلين الكورد من الأسلحة و فرض الاستسلام عليهم .

و قد استطاع الدولة التركية التي تديرها عصابات متغلغلة في كل مراكز القرار او التي تسمى الدولة العميقة إقناع العالم الغربي و الإسلامي عبر اتفاقيات و مصالح و شبكة إعلامية قوية تمارس كل انواع الخداع و الديماغوجيات ان الكورد و المقاتلين الكورد هم عبارة عن مجموعات إرهابية تمارس القتل و التخريب .

و إلا ما هو السر عن سكوت الغرب عن ممارسات الدولة التركية، رغم ادعاءات بدفاعها عن قضايا الشعوب و حقوق الإنسان. فالكورد في شمال كوردستان يبلغون بأقل التقديرات 20 مليون نسمة و رغم ذلك لم نجد اي ضغط غربي على الدولة التركية لتحسين ظروف حياة الشعب الكوردي.و الكورد في شمال كوردستان فعلوا كل ما يتطلب منهم من أجل تحقيق السلام ،فالمقاتلين الكورد و منذ التسعينات من القرن الماضي أعلنوا عمليات وقف إطلاق النار من جانب واحد لعشرات المرات، و يعلنون كل يوم عن استعدادهم لحل المسألة الكوردية في ظروف سلمية و قدموا في سبيل ذلك تنازلات كثيرة حتى تم اتهامهم من قبل القوميين الكورد بالخيانة و الاستسلام .

و حزب العمال الكردستاني و زعيمه الأسير في جزيرة اميرالي قدموا أفضل المشاريع لحل المسالة الكوردية ضمن إطار جمهورية ديمقراطية و لكن الدولة التركية لم تكن تفكر بالحل بل كان تركيزها محصورا بنزع السلاح من المقاتلين الكورد لفرض الاستسلام و إنهاء القضية الكوردية تماما .

و لن نتحدث عن موقف الدول الاسلامية و العربية باعتبارها معروفة و مكشوفة في دعمها و مساندتها للأنظمة الديكتاتورية .

أما الحديث الغربي عن الكورد في العراق و سوريا و سكوتها عن كل ما يرتكب بحق الكورد في تركيا لها علاقة ليست بالاساليب الاعلامية و الدبلوماسية التركية فقط بل بمصالح مختلفة لتلك الدول .و انا اعتقد أن الكورد في شمال كوردستان مهما قدموا تنازلات و مهما قدموا من اثباتات و براهين التي تاكد على استعدادهم لسلام و نبذ العنف ،لن يستطيعوا إخراج أنفسهم من قوائم الغربية للإرهاب حاليا ، بسبب المصالح المشتركة بين تلك الدول صاحبة القوائم و الدولة التركية ، في إطار حلف ناتو و الاتفاقات العسكرية و الاقتصادية التي تجمعهم حاليا .فتركيا ترتبط بالغرب من خلال عضويتها في منظمات مثل مجلس أوروبا ،و منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وحلف شمال الأطلسي و منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وفي مجموعة العشرين للاقتصاديات العالمية . و تركيا عضو منتسب لسوق الاوربية المشتركة منذ اكثر من 50 سنة وكذلك توجد اتفاق الاتحاد الجمركي بين تركيا و الاتحاد الاوربي .و اخيرا الاتفاق الذي جرى بين تركيا و الاتحاد الاوربي بشأن أزمة اللاجئين التي استغلها حكومة العدالة و التنمية بشكل لا أخلاقي .

و لذلك فإن اي تفجير حتى و لو طال الجنود الأتراك هو عمل إرهابي في نظر الغرب، و ما ارتكبه الجيش التركي من تدمير الآلاف من القرى الكوردية و قتل آلالاف من المدنيين الكورد و تشريد الملايين و عمليات الحرق و القتل و التعذيب كلها تعتبر عمليات لدفاع عن النفس ضد المنظمة الارهابية حسب وجهة نظرهم خلال الحرب و الاشتباكات التي استمرت لعشرات السنوات . و اليوم ما تمارسه الدولة التركية من القتل و التدمير في كل من أمد و جزيرة و سلوبي و شرناخ و نصيبين و غيرها من المدن و البلدات الكوردية هي ايضا عمليات لدفاع عن النفس ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في نظر الدول و الحكومات الغربية .

انها المصالح البعيدة عن المبادىء و المعايير الديمقراطية و الإنسانية و ازدواجية في التعامل مع قضايا الشعوب. فالشعب الكوردي الذي مزق كيانه و قسم أرضه بين دول و قوميات أخرى عبر الاتفاقيات الغربية مثل سايكس بيكو و لوزان ،و يبلغ تعداده حاليا أكثر من 40 مليون نسمة و يشكل الأغلبية المطلقة في مساحة جغرافية هي أكثر من 400 ألف كيلو مترا مربعا و مقسمة بين أربعة دول هي تركيا و إيران و العراق و سوريا هو شعب يستحق الحياة الحرة و يستحق أن ينظر إليه على انه شعب مثل كافة الشعوب الاخرى في تقرير مصيره بنفسه .و لكن المصالح تتحكم بسياسات الدول و منها الدول الغربية التي تغض النظر عن الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الكوردي و خاصة في شمال كوردستان.

و لكن و بالمقاومة التي يبديها الكورد في شمال كوردستان و العمليات العسكرية من جانب المقاتلين الكورد و نقل العمليات من الجبال إلى المدن و التطورات التي تشهدها أجزاء كوردستان الاخرى و خاصة في جنوب و غربي كوردستان بالاضافة الى ممارسات اللاديمقراطية لحزب العدالة و التنمية التي تدمر ليس المناطق الكوردية فقط بل انها ممارسات مدمرة لكل تركيا ، كلها ستؤثر على مواقف الدول الغربية ،و رغم أن الموقف الغربي ما يزال في المستوى الغير مطلوب إلا انها تشهد بعض التغير بفعل مقاومة التي يبديها الكورد في كافة أجزاء كوردستان، اذا القوة و المقاومة و اثبات الذات هي التي تؤثر على الدول و تجبرها على تغير مواقفها ، فمهما انتقدنا الغرب و العالم ككل لكن التطورات و الأحداث و ما يتحقق على الأرض تؤثر و تحدث تغيرات في المواقف ، و كمثال واحد هو ما اظهره الكورد من بطولة أسطورية في كوباني التي هزت الضمير العالمي ككل و أدخلت القضية الكوردية في المحافل الدولية و أصبحت المقاومة الكوردية مادة الإعلامية الأولى . فالدول عامة و الغرب خاصة تنطلق و تبدي مواقف حسب مصالحها و نحن الكورد مضطرين أن نؤكد للعالم أننا لسنا اقل أهمية من القوميات الاخرى عبر قوتنا و وحدتنا و تطورنا و تحقيقنا للانجازات الميدانية .

الكورد اليوم يمتلكون الخبرة و التجارب و حتى الإمكانيات التي تجعلهم قوة مؤثرة ليس إقليميا فقط بل و عالميا .و لكن الخلافات السياسية بين القوى و التنظيمات الكوردية هي إحدى المعوقات التي لا بدأ من اجتيازها في المرحلة الحالية لتحقيق الطموحات المشروعة لشعب الكوردي في الظروف المهيأة و المساعدة حاليا.عسى أن تدرك القيادات الكوردية أهمية الوحدة الوطنية و لا تتكلل على الاعداء من أجل مصالح إقتصادية و آنية تضر بمستقبل القضية الكوردية . و تتجاوب مع الدعوات لعقد المؤتمر الوطني الكوردستاني التي ستؤسس مظلة شرعية و مرجعية سياسية لكل الكورد .

نورالدين عمر