وثائق تكشف نية واشنطن لغزو دول الخليج الفارسي وعلى رأسها السعودية
ويكيليكس بغداد:
كشفت وثائق أفرجت عنها الولايات المتحدة الأمريكية نية الإدارة الأمريكية غزو دول منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” واستخدام القوة مع هذه الدول لا سيما بلدان السعودية والكويت والإمارات، إبان حرب تشرين عام 1973، بعد أن حظرت البلاد العربية المنتجة للنفط التجارة مع الولايات المتحدة، بحسب صحيفة “ذا ناشونال انترست”.
وکشفت الصحیفة عن فحوى وثائق تضمنت معلومات عن نیة أمریکا استخدام القوة ضد الدول الخلیجیة فی أعقاب حرب تشرین، مبینة أن وزیر الحرب الأمریکی شلبسنغر کان محرّضا على ذلک.
واعتبرت الصحیفة أن” الأشهر الأخیرة من سنة 1973 کانت أوقاتا یائسة، حیث حظرت البلاد العربیة المنتجة للبترول التجارة مع الولایات المتحدة الأمریکیة فی تشرین الأول، بسبب تقدیم الولایات المتحدة الأمریکیة المساعدات لـ«إسرائیل» أثناء حرب أکتوبر أو ما یعرف عند الیهود بـ”یوم الغفران”.
وتقول الصحیفة: فی الوقت الذی تم رفع الحظر کان الضرر تحقق، إذ تضاعفت أسعار النفط العالمیة بمقدار أربعة أضعاف؛ ما أدى إلى رکود فی الحراکات الاقتصادیة، وتضخم فی الأسعار، ویصعب على أی مواطن أمیرکی عاش فی السبعینیات نسیان الصفوف الطویلة على محطات الوقود، والتی کانت تلوح بأعلام خضراء أو حمراء إشارة إلى احتوائها على الوقود فی مضخاتهم من عدمه.
وتضیف: مع معاناة سوق النفط الیوم من الرکود وهبوط أسعار النفط، یصعب على المرء التخیل أنه مر وقت کان الأمریکیون فیه یشترون الغاز فی أیام محددة بالاعتماد على احتواء لوحة القیادة على رقم فردی أو زوجی”.
وتتابع: إن العالم انقلب رأسا على عقب، حیث تحولت الدول الغنیة بالنفط من مجرد منتجة للموارد تحت رحمة الدول الغربیة وشرکات النفط الکبرى، إلى دول ذات هیمنة عالمیة بین عشیة وضحاها، وذلک یظهر بتدفق الکثیر من النقود وتسلحهم بأغلى أنواع الأسلحة، وارتجف العالم بعدها أمام منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبک”، والتی یتحکم أعضاؤها المکونون بالغالب من الدول الشرق أوسطیة، بالشریان الرئیس للاقتصاد العالمی.
ومثل باقی دول العالم، کانت الولایات المتحدة الأمریکیة تدفع بخضوع أسعار النفط المبالغ فیها. لکن ماذا لو اختارت الولایات المتحدة الأمریکیة أخذ النفط بالقوة، بدلا من دفع المبالغ الباهظة؟- تساءلت الصحیفة.
وتمضی الصحیفة: فی 2004، کشفت وثائق بریطانیة تم رفع السریة عنها أن الولایات المتحدة الأمریکیة قد أخذت بعین الاعتبار خیار الاستیلاء العسکری على النفط فی الشرق الأوسط. لکن بالرغم من عدم ذکر خطة عسکریة واضحة، إلا أن الوثائق تظهر أن القادة البریطانیین کانوا یشعرون بالقلق بسبب محادثة تمت بین جایمس شلبسنغر، وزیر الحرب الأمریکی وبین لورد کرومر، السفیر البریطانی فی الولایات المتحدة الأمیرکیة”.
ووفقا للوثائق فقد قال شلیسنغر لکرومر “لا أفهم لم لا تستطیع الولایات المتحدة استخدام القوة!. فإحدى النتائج الغریبة حول أزمة الشرق الأوسط أن الدول الصناعیة خاضعة لرغبات الدول النامیة قلیلة السکان، وبالتحدید دول الشرق الأوسط،”، مضیفا، إن استخدام القوة قد یغیر من الرأی العام حول استخدام القوة المتاحة للولایات المتحدة الأمیرکیة وحلفائها.
وکان إدوارد هیث، رئیس الوزراء البریطانی قلقا بما فیه الکفایة، بسبب کلام شلیسنغر القاسی، بالإضافة إلى التلمیحات بالتحرک العسکری من وزیر الخارجیة هینری کیسینجر؛ ما جعله یأمر الاستخبارات البریطانیة، بإجراء تقییم لنوایا الولایات المتحدة الأمریکیة، واستنتج تقریر النوایا البریطانی أن الولایات المتحدة الأمریکیة “قد تأخذ بعین الاعتبار عدم قدرتها على تحمل موقف تکون فیه هی وحلفاؤها تحت رحمة مجموعة صغیرة من البلدان غیر العقلانیة، ونحن نؤمن بأن الولایات المتحدة الأمریکیة تفضل القیام بعملیة سریعة تقودها بنفسها من أجل الاستیلاء على حقول النفط.. حیث ستکون القوة المطلوبة للعملیة المبدئیة مکونة من لواءین، أحدهما للمملکة العربیة السعودیة، والآخر للکویت، ومن المحتمل تخصیص لواء ثالث من أجل الإمارات”.
وأضاف تقریر النوایا البریطانی: سیتطلب البناء وجود قوة بحریة أمریکیة کبیرة فی المحیط الهندی، أکبر بکثیر من القوات الموجودة حالیا.. وبعد الهجمات الرئیسة، سیتم نقل فرقتین إضافیتین جوا من الولایات المتحدة الأمریکیة”.
وقامت لجنة الاستخبارات المشترکة البریطانیة بإجراء حسابات، وأشارت إلى أن الاستیلاء على حقول النفط بمجموع 28 ملیار طن من احتیاطات النفط سیکون کافیا لتزوید الولایات المتحدة الأمریکیة وحلفائها، لکن التقریر حذر من أنه “سیکون على أمریکا مواصلة الاحتلال لمدة عشر سنوات، بینما یقوم الغرب بتطویر مصادر بدیلة للطاقة؛ ما سیؤدی إلى “العزل التام” للعرب ولغالبیة دول العالم الثالث عن العالم”. کما أعرب المحللون البریطانیون عن قلقهم من ردة فعل الاتحاد السوفییتی، لکنهم توصلوا إلى أنه یرجح أن تکون استجابة موسکو على شکل بروبغندا بدلا من القوة.
وکان من المحتمل أن تواجه الولایات المتحدة حین استیلائها على منابع النفط مشاکل بسیطة، فقد خرجت توا من فیتنام الأمر الذی کان من الممکن أن یعزز انقسامات فی صفوف القوات الأمریکیة حیال الحرب فی الشرق الأوسط وذلک فی وقت کانت لا تزال فیه تحافظ على قواها العسکریة لمواجهة أی اعتداءات من الاتحاد السوفیتی ضد أوروبا.
وفی عام 1973، افتقرت المملکة العربیة السعودیة إلى کل ما یلزم من الأسلحة الأمریکیة والأوروبیة المتقدمة کطائرات أف 15 و نظام الإنذار المبکر و التحکم AWACS، والتی تمکنت أموال النفط من شرائها لاحقا.
ویقلل التقریر من قدرة الدول المذکورة الیوم بقوله:تشیع الشکوک حول قدرة المملکة العربیة السعودیة على استخدام تلک الأسلحة المتطورة، کما جرى الأمر مع الکویت حین لم یستطع الوقوف فی وجه اجتیاح الطاغیة المقبور صدام حسین للبلاد عام 1990″. ویفترض التقریر بالمقابل أن تلک الدول لم یکن فی مقدورها أیضا وقف القوات الأمریکیة عام 1973 .
لکن فی النهایة، لم تفعل الولایات المتحدة والعالم أی شیء عدا إنفاق المزید من الأموال للحصول على النفط.
حقیقة الأمر، أن حظر سوق النفط جاء فی أسوأ الأوقات، فقد کان إنتاج النفط الأمریکی فی انحدار منذ عام 1970، وکانت معدلات التضخم فی أوج ارتفاعها و کان الرئیس نیکسون فی أتعس لحظاته، إثر فضیحة “وترغیت”، ناهیک عن الانسحاب الأمریکی من فیتنام، حیث کان الجیش مثخناً بالهزائم، وآخر ما یرغب به الشعب الأمریکی هو خوض حرب أخرى، کانت لاحتلال طویل الأمد، للشرق الأوسط أن یستدعی السیناریو الذی حدث فی ستینیات القرن الماضی.
ولو قامت القوات الأمریکیة باجتیاح منابع النفط فی المنطقة العربیة، لکان من المرجح أن تقوم بذلک وحدها، إذ لم تبد المملکة المتحدة أی رغبة فی ذلک، وستقتصر ردة فعل قوات “الناتو” حلفاء الولایات المتحدة، باستثناء البرتغال، على حظر طیران وإعادة شحن وقود الطائرات الأمریکیة التی تنقل المعدات والمؤن إلى «إسرائیل» خلال “حرب أکتوبر” وسیکون العالم الثالث الذی لا یزال یصارع للتحرر من أعباء الاستعمار، بالکاد یقوى على فعل شیء.
بشکل حتمی، فإن سیناریو اجتیاح السعودیة الذی کان مطروحا عام 1973 استعمل بعد ثلاثین سنة، وذلک باجتیاح العراق عام 2003 ، لکن جاءت شروط الاجتیاح مختلفة تماما: امتلکت السعودیة فی ذلک الوقت أغلبیة سکانیة، أقل من العراق وکانت أهداف الاجتیاح تغییر النظام فی العراق، خلافا للاستیلاء على الموارد الطبیعیة فی السعودیة”.
وتختم الصحیفة تقریرها بالقول: فی النهایة، کما حدث فی العراق، فإن السؤال المتبقی هو: ماذا ستفعل بقطعة من الأرض بعد استیلائک علیها؟ هل کان لاحتلال دائم أن یحیل آبار النفط السعودی، إلى خلیج غوانتنامو آخر؟ أم أنک ستعید حقول النفط فقط إن خفضت أوبک سعر البرمیل، حیث لن یخلّف ذلک إلا علاقات متکدرة، بین العالم وبین مصدری النفط الکبار ؟ إن الحل الأفضل هو الحل المطروح الیوم، علیک إیجاد مصدر طاقة جدید ینأى بک عن الاعتماد على النفط الأجنبی”.