اخبار العراق الان

حماس بين التمسك بالثوابت والتعامل مع المتغيرات: علاقات اشكالية مع سورية ومصر وايران

حماس بين التمسك بالثوابت والتعامل مع المتغيرات: علاقات اشكالية مع سورية ومصر وايران
حماس بين التمسك بالثوابت والتعامل مع المتغيرات: علاقات اشكالية مع سورية ومصر وايران

2016-04-17 00:00:00 - المصدر: راي اليوم


طه الشريف

أصعب شىء فى الحياة أن تأخذ موقفاً متوازنا يراعى الواقع وينسجم مع المبادىء!.خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس  بهذه الكلمات عبر خالد مشعل عن موقف الحركة المتوازن والحريص على التمسك بالثوابت والتفاعل مع المتغيرات.

 ولسوف نعرض لتاريخ الحركة وتفاعلها مع قضايا أمتها العربية والإسلامية بالإضافة لحرصها على عدم الدخول فى أى معترك دائر فى أى من الأقطار العربية والإسلامية كما فعل قادة حركة فتح ممن سعوا إلى تحصيل المنافع بالانضمام إلى هذا المعسكر أو ذاك.

جاءت نشأة حركة المقاومة الإسلامية “حماس ” فى بدايات القرن العشرين ، وقد استخدمت قبل الإعلان عن اسمها أسماء أخرى للتعبيرعن مواقفها السياسية تجاه القضية الفلسطينية منها ” المرابطون على أرض الإسراء” و”حركة الكفاح الإسلامي” وغيرها.

وقد أعلن عن تأسيسها الشيخ أحمد ياسين“رحمه الله”  بعد حادث الشاحنة الصهيونية في 6 ديسمبر 1987م  فى مخيم جباليا  ضد عمال فلسطينين ما أدى إلى استشهاد أربعة منهم.

وبالنسبة لدولة الكيان الصهيونى فلا تؤمن حماس بأي حق لليهود الذين أعلنوا دولتهم ” إسرائيل”  عام 1948باحتلالهم  فلسطين، مع عدم الاعتراف لليهود الوافدين بأي حق لهم في فلسطين التاريخية،وتعتقد بأن المقاومة بأنواعها وأشكالها المختلفة هى السبيل لتحرير التراب الفلسطيني، وتردد دوماً بأن مفاوضات السلام مع الإسرائيليين هي مضيعة للوقت ووسيلة للتفريط في الحقوق ولن تعيد الضائع والمفقود من حقوق الشعب الفلسطينى وأهمها القدس المحتلة وحق العودة للفلسطينين المهاجرين والمُبعدين وكذلك حق تقرير المصير.

وترى الحركة أن إسرائيل وافقت على سلطة الحكم الذاتى  “السلطة الفلسطينية ” والمجيء بها إلى فلسطين وتدعيمها بأكثر من 40 ألفا من رجال الشرطة والأمن ساعتها لتفرض على السلطة مجموعة من الالتزامات، أهمها ضرب المقاومة بإدارة الجنرال الأمريكى دايتون بالضفة عن طريق الاختباء خلف ستار الحكم الذاتي.

وقد قدمت حماس فى سبيل قضيتها ومبادئها الكثير من الشهداء فى مواجهة العدو الصهيونى ولعل أبرزهم هم :

الشيخ أحمد ياسين و الشيخ صلاح شحادة..  د.عبد العزيز الرنتيسي ..المهندس يحيى عياش..أ.جمال منصور..الشيخ جمال سليم.. والشيخ إسماعيل أبو شنب..الشيخ إبراهيم المقادمة..وأ. سعيد صيام.

أما ردود الأفعال لدى الحركة تجاه الأحداث المحيطة بها فقد حرصت على التروى الدائم إزاء القضايا المتشابكة والمتداخلة فى صراعات عرقية أو مذهبية فى محيطها العربى والإسلامى وذلك لحراجة موقفها ولرغبتها فى عدم خسارة أى من الأطراف لقناعتها ان خسارة أى طرفٍ يضر بالقضية الفلسطنينة ومع ذلك فقد قدّمت حماس رأيها إزاء عدد من القضايا الشائكة لأطراف دولية وإقليمية كانت ترتبط بهم بعلاقات قوية وكانوا من الداعمين لها مادياً وعسكرياً وإعلاميا ، ولم تجد الحركة بداً من إعلان موقفها رغم خسارتها المنتظرة والمتحققة لدعم هذا الطرف أو ذلك ولعل هذا ما عبر عنه رئيس المكتب السياسى خالد مشعل حينما قال أصعب شىء فى الحياة أن تأخذ موقفاً متوازنا يراعى الواقع وينسجم مع المبادىء!.

بالنسبة للاحتلال العراقى للكويت أدانت الحركة ذلك فى يونيو 1990طريق شخصياتها : أحمد ياسين وخالد مشعل وغيرهم ولم يتفقوا مع الغزو في أي شيء ، رغم موقف الآخرين ورفضهم لإدانة الغزو أنذاك.

بالنسبة للنظام السورى والثورة السورية كان موقفها واضحاً فى حيادها وجاء ذلك على لسان كل قادتها إبتداء من خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحماس والذى كان يقيم بدمشق فى حواره مع الجزيرة حينما قال : كنا فى ضيافة النظام السورى الذى دعّمنا ودعّم المقاومة بلا حدود، لكن فى نفس الوقت لدينا وفاء للشعب السورى الذى احتضننا أيضا ، وفى المقابل قيم الديمقراطية والحرية قيمٌ عظيمة نؤمن بها ولا يمكن أن نتجاوزها ! ومع رفضنا للدماء إلا اننا لا نستطيع التدخل بالموافقة أو الشجب. لكنًّ ذلك لم يمنع أحد قادتها وهو إسماعيل هنية رئيس الوزراء الحاكم فى قطاع غزة أن يُظهر دعما معنويا للثوار السوريين حينما حيّى ثوار سوريا من الأزهر الشريف ولم يكن يخفى هذا من خطاباته خصوصاً التي كان يلقيها في المساجد .

وبالنسبة لعلاقتها مع إيران ظلت العلاقة بينهما محكومة بالمد والجزر خاصة فى ظل التحولات الإقليمية التى تشهدها المنطقة وبعدما كانت إيران هى الداعم الأكبر للحركة سياسياً وإعلامياً وعسكرياً وهى علاقة مزدوجة بينهما تراه حماس واجبٌ على إيران أدبياً وأخلاقياً ، وتراه إيران دعماً لجماعات الضغط ودول الممانعة فى مواجهة الكيان الصهيونى ومن خلفه امريكا ولاشك أن موقف حماس من الأحداث على الساحة السورية كان له أكبر الأثر فى تحول إيران وتوقفها عن دعم الحركة مما أثر بشكل كبير على قطاع غزة وزاد من الازمة المالية والإقتصادية للقطاع بعدما قررت رفض العرض الإيرانى ” دعم بشار” من خلال عدم الرد عليه كما قررت عدم إظهار موقفها بالترحيب أو الرد فى إلتزامها الصمت إزاء تصنيف الخليج لحزب الله منظمة إرهابية رغم ما كان بين الحركة وحزب الله من تعاون كبير، ولا ننسى فى الماضى حينما رفض إسماعيل هنية إقامة مستشفى بالقطاع تموله إيران يحمل إسم الخمينى وكذلك رفضه الصلاة فى مساجد طهران بالطريقة والكيفية التى يصلى بها الشيعة الإمامية ، ولا ننسى كذلك الغياب الرسمى لحماس عن حضور احتفالات الثورة الإيرانية بما أسموه يوم القدس العالمى والذى دعا إليه الخومينى نفسه بعد نجاح الثورة الإيرانية وكان تقليداً إيرانياً بل إن حماس قامت بالتحدى لذلك بتنظيمها مهرجان للقدس والأقصى فى أغسطس عام 2012 حتى رفع علم الثورة السورية فى المهرجان!

وبالنسبة لعاصفة الحزم  ضد الحوثيين ومن خلفهم إيران الداعمة لهم قال أحد قادتها د.أحمد يوسف أننا نُحىّ أى تجمع سنى يقوّى موقف السنة فى العالم الإسلامى معلناً تفهمه لأى مخاوف سنية تجاه تنامى الدور الايرانى فى المنطقة ، غير أنه شدد على أن القضية الفلسطينية تحتاج إلى كل الجهود العربية والإسلامية لتصبح عمقاً للقضية الفلسطينية سنية كانت أم شيعية فى إشارة إلى إيران

وقد استطاعت حركة حماس رغم صعوبة المواقف التى فرضت نفسها فى المنطقة مع ثورات الربيع العربى وانتفاضة الشعوب على الأنظمة وسعيها إلى تحقيق مطالبها المشروعة من حقوق للإنسان وحريات وغيره ، عدم الصدام مع القوى الداعمة لها سواء إيران أو حزب الله على الأقل من خلال التصريحات والبيانات الهادئة لكنها حينما خُيرت بإختيار أىٍ من المعسكرين السنى “الخليج” أم الشيعى إيران مع حزب الله ، اختارت الاستقواء بمعسكرها السنى وإنحازت إلى عقيدتها ومذهبها بل وهاجمت حزب الله فى بيانها حول تدخله السافر فى الشأن السورى رغم ما كان بينهما من علاقات مهمة ومساعدات لوجيستية من تدريب وأسلحة.

ثم نراها إزاء الموقف المصرى ومع انتمائها الفكرى إلى جماعة الإخوان المسلمين وما تم معهم وما كان مع د.محمد مرسى بعد 30يونيو إلا أنها إنحازت إلى مصالح شعبها فى القطاع المحاصر وتعاملت ببراجماتية وواقعية مع النظام الحاكم فى مصر وهو ما نرجوه لبقية التنظيمات والحركات الإسلامية أن تتعامل بواقعية دون النرجسية الزاعقة مع حرصها على مبادئها وثوابتها ، ولننظر إلى حماس حينما تلقت الدعوة من جهاز المخابرات العامة المصرية للقيام بزيارة إلى مصر قد قبلت الدعوة وبرهنت على قدرتها فى التعامل مع الملفات الخطيرة وأرسلت برسائل الطمأنة إلى الخليج العربى فى تصعيده مع إيران فعمدت الحركة إلى تأكيد خيارها الإستراتيجى ولعلها أرادت القول أنها ما تعاملت مع حكام طهران “الشيعة الأمامية” أو دمشق “النصيرية ” إلا لعدم وجود حاضنة سنية لها وبسبب حالة الجفاء بل والعداء التى أظهرتها مجموعة من الأنظمة العربية المساندة لحركة فتح من أجل إرضاء البيت الأبيض ومن أجل عيون الصهاينة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الباحث ورئيس لجنة الإعلام بحزب البناء والتنمية