في أغلب المناسبات ندعو إلى احترام حق المؤسسات الإعلامية في حرية التعبير عن الرأي ونعتبرها مقدسة، لأنها من اهم الوسائل للدفاع عن الحقوق والحريات، والأداة المؤثرة في الكشف عن الحقائق وإيصالها إلى الرأي العام دون تحريف أو تزييف، وفي أكثر المناسبات ندافع عن الصحفي ونطالب بوجوب بتوفير الحماية اللازمة لجميع الصحفيين لأنهم يمثلون الحقيقة ويفضحون من يتعدى على حقوق الإنسان وحرياته. لكن، حينما تكون المؤسسة الإعلامية هي التي تتعمد الكذب وتزيف الحقائق وتتعدى على حقوق الإنسان وحرياته الدينية والمدنية، وحينما تذهب تلك المؤسسة الإعلامية إلى أبعد من ذلك لتقوم بالطعن والتشهير والتسقيط وإلصاق التهم بالآخرين، فما الذي تبقيه تلك المؤسسة للجماعات الإرهابية من أفعال إجرامية ضد الإنسان؟ وكيف يتم محاسبة تلك المؤسسات الإعلامية ووقفها من التعدي على الحقوق والحريات؟ قبل يومين وفي إحدى المناسبات الدينية التي تخص ملايين المسلمين، قامت صحيفة الشرق الأوسط وهي مؤسسة إعلامية معروفة ولها فروع ومكاتب في الكثير من دول العالم، قامت بتوجيه التهم الباطلة وفبركة الحقائق وتزيفها ووضعها على الصفحة الأولى في "مانشيت" عريض على صفحتها الأولى وتنشر خبر يطعن في شرف الملايين من المسلمين ومن أكثر من 40 دولة من دول العالم في الزيارة الأربعينية للإمام الحسين "ع"، وهذه الزيارة تُعَدّ من المعتقدات الدينية للمسلمين في العراق وشعوب دول أخرى في العالم، وأول ما قامت به تلك الصحيفة من انتهاك هو ازدراؤها لحرية المعتقد. فقد جاء في المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود". وقد جاء في ديباجة الإعلان "لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة، ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم". ورغم جميع القوانين والمواثيق الدولية الإنسانية فقد تعمدت الصحيفة التابعة للمملكة العربية السعودية بشكل سافر وبصورة همجية آذت الضمير الإنساني وتجاوزت جميع القيم الأخلاقية والمهنية والإنسانية التي يجب أن يتحلى بها الإعلام ويدافع عنها، إن صحيفة الشرق الأوسط ومن خلال التقرير الذي أوردته على صفحاتها الأولى قامت بارتكاب عدد من الجرائم والانتهاكات وفي مقدمتها خروجها عن عملها المهني وتلفيقها الأكاذيب ضد منظمة دولية لها سمعتها من خلال نسب التقرير لها، كما إن الصحيفة عبرت عن كراهيتها وعدائها إلى ملايين المسلمين ومن كافة الدول العالم الذين يتوجهون نحو كربلاء في العديد من المناسبات الدينية، وبفعلها هذا تكون قد ارتكبت انتهاكا خطيرا بتعمدها الكذب على ملايين المسلمين والطعن في سمعتهم وشرفهم وتشويهها لسمعة منظمة الصحة العالمية التي نفت ما ادعته الصحيفة. كان يجب على الصحيفة أن لا تخلط بين المواقف السياسية للدولة التي تمولها وبين حرية العمل الصحفي ومهنيته، ومهما تذرعت الصحيفة بحجج حاولت من خلالها أن تبرر لفعلها المتعمد الفادح بتعليقه على شماعة شخص واحد ليكون هو كبش الفداء للصحيفة تبقى المسؤولية القانونية قائمة عليها لإصلاح هذا الفعل المتعمد من خلال: 1- تقديمها اعتذاراً لجميع المسلمين وغير المسلمين الذين توجهوا إلى كربلاء لأداء زيارة الأربعين على صفحتها الأولى وليس في الصفحات الداخلية، في نفس المكان الذي تم فيه نشر الخبر الكاذب. 2- الكف عن سياستها التي تدعو إلى الكراهية والتحريض على العنف والإساءة إلى السلم المجتمعي. 3- وقف الأشخاص المتطرفين الذين يعملون داخل الصحيفة عن العمل فيها، وبخاصة من قام بتلفيق الخبر المذكور. 4- دفع غرامات مالية وفقاً للقوانين التي تنظم العمل الصحفي وتعويضات للمتضررين من الخبر. وأخيراً تبقى حرية الصحافة الإعلام مكفولة ومصانة شريطة أن يمارس العمل الإعلامي والصحفي بمهنية وعرض للحقائق دون تزييف وفبركات وكذب وتدليس على المتلقي وإيهامه بصورة أخرى مخالفة لحقائق والواقع، لا أن تقوم المؤسسات الإعلامية -وبخاصة العريقة منها وللأسف الشديد- بوصف الجماعات الإرهابية التي تضرب جميع شعوب العالم وتعرضها للقتل والدمار بـ"التنظيمات الجهادية" وتصور من يقوم بالدفاع عن نفسه وحماية المواطنين الأبرياء بـ"المليشيات".