على الرغم من أن العراق كان شبه مقسم، باقتطاع شماله بقرار من الأمم المتحدة، بعد غزو النظام الصدامي للكويت عام 1991، إلا إن الهجمة الطائفية والإرهابية التي تعرض لها بداية عام 2014، وما أريد لها من فرض تغيرات جيوسياسية مدعومة من الخارج، كانت هي الأشد على وحدة العراق، تبعها استفتاء صوري سعى له رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، هادفا منه الانفصال وإعلان دولته الكردية. تحديات خرج منها العراق سالما معافى، بعد أن قدم انهار من الدماء، من خيرة شبابه وبناة مستقبله وأجياله القادمة، التي يعول عليها في نهضته وإعماره، وفقد أموالا تجاوزت المائة مليار دولار في حربه ضد الإرهاب، التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات، كانت من الممكن أن تجعل العراق في مصاف الدول المتطورة، فيما لو تم استغلالها في المشاريع التنموية بصورة حقيقية، بعيدة عن الفساد والمحسوبية. لذلك فان التحدي القائم أمام الدولة والقائمين عليها، هو الحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا، والحيلولة دون عودة المشاريع المشبوهة، التي تحاول تقسيمه على أسس طائفية أو قومية، وبناء دولة قائمة على العدالة والمساواة بين مكونات الشعب العراقي، ترسخ القيم والمثل الدينية والوطنية فيه، يشعر فيها الجميع بأنهم مواطنون من الدرجة أولى، وعزل أصحاب الأجندات والأفكار المشبوهة، المدعومين من قوى خارجية، هدفها إضعاف العراق ودوره الريادي. ومن اجل ذلك يجب اتخاذ إجراءات سريعة، اولها عودة النازحين واستقرارهم في مدنهم، والحرص على ممارسة حياتهم الطبيعية، ليقوموا بدورهم في عملية البناء التي يحتاجها العراق في المرحلة القادمة، لتعويض ما فاته خلال السنين العجاف التي استحوذ فيها الإرهاب على هذه المناطق، وعاث فيها فسادا ودمر بناها التحتية وجعل مدنا كاملة أثرا بعد عين، التي يجب البدء بإعمارها فورا لتعود الحياة فيها، دون نسيان مدن المضحين الذين قاتلوا ودفعوا شبابهم وأموالهم من اجل تحرير العراق، فإعمار مدن الضحية ومدن التضحية ضرورة من اجل تحقيق العدالة في الإعمار والبناء. ليس الإرهاب وحده الذي كان يستهدف تقسيم العراق، بل كان له رفيق اشد منه فتكا وضراوة، وهو من أهم الأسباب التي جلبته، ذلك هو الفساد المالي والإداري الذي سلب الثروة وعطل الإعمار وهدد وحدة البلد، وكان سببا في الصراع السياسي الذي أوقف عجلة التنمية، لذلك فان محاربته والوقوف ضده ومعاقبة المفسدين والمتسببين بالفساد، يعطي ضمانات كافية لحركة تنموية سريعة في العراق، ويفتح المجال أمام المشاريع الاستثمارية والقطاع الخاص، ليأخذ دوره في عملية البناء. أن الحلول التي تحمي وحدة العراق، وتحفظ أرضه وشعبه وتحقق الرفاهية والاستقرار فيه، تكاد تكون سهلة وفي متناول اليد، إذا توفرت النية الصادقة والرجال الوطنيين الذين يحملون مشروعا وطنيا، يسعى للحفاظ على العراق من التشظي والانقسام. ثامر الحجامي