اسعد عبدالله عبد علي يكتب: الأفعى والسياسي

آخر تحديث 2017-12-01 00:00:00 - المصدر: مقالات عراقية

وقع بين يدي كتاب ممزق الغلاف وقررت أن اقرأه, الحقيقة وجدته يحمل فصول مهمة, والكتاب عنوانه "التراث والعلمانية" للكاتب عبد الكريم سروش, وينقل الكاتب في بداية الكتاب قصة جميلة ونافعة, أجد من المهم سردها. " يطرح جلال الدين الرومي في ديوانه المثنوي قصة الحطاب والأفعى, يقول أن هذا الحطاب عثر في الجبل على أفعى متجمدة, فأخذها وجاء بها الى المدينة, ليتفرج الناس عليها ويكسب مقابل ذلك بعض المال, حيث كان يتصور الحطاب أن الأفعى ميتة, ولكن تلك الأفعى لم تكن ميتة بل متجمدة, وعندما وضعها على الجسر احتشد الناس لرؤيتها, وبسبب حرارة الشمس فان الأفعى قد تخلصت من الانجماد ودبت الحياة فيها من جديد, وهجمت على الناس وقتلت بعض الإفراد". هذه الحكاية الأسطورية يقصد بها بيان بعض المسائل, احدها أخلاقي عرفاني وهي أن معظم الناس يعيشون في باطنهم عناصر الرذيلة, وتكون متجمدة فان أشرقت عليها الشمس "عامل الصحة أو المال أو المنصب" فإنها تظهر للحياة بشكلها القبيح, والتاريخ يحدثنا عن الكثيرين مما كشفتهم أشعة الشمس, أمثال طلحة والزبير, وكيف أن الجاه والمال غيرت ثوابتهم وكشفت باطنهم القبيح, أو كقصة الناسك المتعبد عندما تم تعويضه بالملايين, عن مظلومية في زمن صدام, فإذا بالناسك يتحول الى رجل داعر كل همه النساء والخمر والقمار! أي أن عناصر الرذيلة المتجمدة في داخله ظهرت للحياة. هذا الموضوع يقودنا للطبقة السياسية, فالحقيقة نتعجب من انقلاب بعض من كان ملتزم الزهد والعبادة وبشهادة اقرأنه, فإذا به يتحول الى عاهر ومفسد و"كلب وابن ستين كلب", كوزير التجارة الهارب الذي كان يضرب المثل بعبادته, فإذا بالمنصب يحوله الى لص داعر! وقافلة من المحافظين والوزراء والبرلمانيين والمدراء, ممن كانت عاقبتهم سيئة, الطبقة السياسية كانت تدعي أنها مظلومة وتجاهد في الخارج ضد نظام الطاغية, وإنها زهدت في الحياة في سبيل تحقيق حلم العراقيين, وبعد أن وصلت للحكم فإذا بها تسير بسيرة الطاغية صدام! فأفسدت البلد وضيعت الحقوق ونشرت الظلم في الأرض, وتحولت لعواهر على المستوى الشخصي. يمكن اعتبار ما حصل سببه غياب العقاب والمراقبة, فلولا غيابهما لبقية عناصر الرذيلة متجمدة في صدور السياسيين, لكن فقدان هذين العنصرين كشف باطن الساسة, فظهر للعيان عهرهم وقذارتهم وسواد باطنهم, فالأفعى قامت بابتلاع جميع الطبقة السياسية ولم تبقي أحدا. الكاتب العراقي اسعد عبدالله عبدعلي. عضو إدارة مؤسسة نقطة للثقافة والأعلام