انتظار الامام.. قراءة في معطيات الواقع
9 أبريل, 2018 | 1:07 م - عدد القراءات: 45 مشاهدة
شبكة الموقف العراقي
اعداد : الباحث والكاتب الاسلامي
الشيخ عدنان الحساني.
نحاول هنا ان ننأى جانبا عن كثير من المقدمات المطوية والمرتبطة بالرؤية الكونية وعلل الخلق ومقتضيات الحكمة الإلهية والأغراض والأهداف والسنن الكونية وحركة التاريخ …
ونبدأ من حيث انتهى الحال بالبشرية في الوقت الراهن حيث وصلت البشرية الى مرحلة اذ لم يتبق لها الكثير من أرصدة المعالجات والنظريات واثبت التاريخ فشل كل المحاولات الضخمة المبذولة من اجل خلاص البشرية من الانهيارات الهائلة التي ألمت بها خصوصا وان معظم مدارس الفكر والاصلاح نأت وأعرضت جانبا عن نداءات السماء المتمثلة بالرسل والكتب المنزلة ومشاريع الإصلاح الدينية وحاولت الاعتداد بما لديها وفي اعتقادها انها قادرة على ادارة الكون عن طريق الاجتهاد الحضاري والتقني الى ان وصلت الى طريق مسدود ..
وبالتالي كان للمستضعفين رأي اخر واشرأبت أعناقهم الى ناحية اخرى وهي الناحية التي طالما بشرت بها الكتب السماوية والتي لا يتأتى خلاصهم الا بالتوجه اليها ومهما كانت طريقة هذا التوجه او الخلفية الثقافية والمعرفية التي يستند اليها هذا التوجه فانه الوحيد الذي سيكون مستدعيا للخلاص والتخلص من براثن المستكبرين.
اختلفت الثقافات الفكرية والدينية حول تفسير حقيقة المنقذ والمخلص سواء بين الاديان المختلفة أو في داخل الجسد الإسلامي حيث الاختلاف المذهبي .
ومع ذلك بقيت هذه الفكرة تشكل هاجسا موحدا بين كل الافرقاء البشريين وبقطع النظر عن الخلفيات الثقافية التي ادت الى هذا التباين في تفسير هذه الحقيقة فانها وبحسب اعتقاد طائفة اهل الحق(الشيعة) وباعتبارها تمثل حلقة رئيسية من حلقات المنظومة المعارفية الفكرية عند هذه الطائفة فان لها نمطا خاصا من التفسير والتحليل لأنها هي المعني الاول حول هذه الحقيقة وأقول انها المعني الاول وذلك لعدة اعتبارات منها ان حتى الثقافات الانسانية الاخرى والتي منها الثقافات المستندة الى الشرائع السابقة تتحدث عن هذا المخلص وفق معطيات مرتبطة بالحركة التاريخية لهذه الطائفة جغرافيا وزمانيا وحتى شخوصا بالأرقام والعناوين والمسميات الواضحة وهذه اشارات عميقة تدلل على ان هذه الطائفة هي المعني الاول عن الثقافة المهدوية وعن توفير مقدمات المشروع المهدوي الكبير سواء اعترف الاخر بأحقية هذه الطائفة او لم يعترف.
المهم ان هذه القضية الكونية بمقتضى ما يحيط بها من السنن والقوانين التاريخية وبمقتضى مجريات الحكمة يفترض انها تستند الى مقدمات هذه المقدمات اشار اليها السيد الشهيد الصدر قدس سره في كتابه (اليوم الموعود) تحت عنوان التخطيطات وقسمها الى اثنى عشر تخطيطا ويقع ضمن هذه التخطيطات وجود الجماعة الصالحة والتي اشار اليها في عموميات كتابه على انها شرط من شرائط الظهور…
على ان هذه المقدمة تشكل ركيزة اساسية في حتمية الظهور المبارك والا لو كان الظهور لا يستند الى هذه الارقام من المقدمات أي انه قد يستغني عنها وينطلق من درجة الصفر مثلا… لما كان لهذا التأخير طوال هذه المدة المتمادية من وجه وجيه بل قد يفسر على انه مخالفا لغرضه أو انه خال من الغرض وكلاهما قبيح على الحكيم الباري كما هو مقرر في محله.
ويقع الكلام حول هذه المقدمة هل ان إيجادها منوط بالمكلف من خلال بذل الجهود الكبيرة لتوعية القاعدة الجماهيرية ام ان إيجادها سيكون انبعاثا طارئا لا يستلزم بذل الجهود الكبيرة وإنما على قاعدة(ان الله يصلح امره في ليلة).
لا يخفى من ان هناك من ينتصر للرأي الثاني وهو ان قضية الامام قضية الهية وليس على المكلف سوى الالتزام بالتكاليف العامة من عبادات ومعاملات وليس مطلوبا منه ان يوفر المقدمات المباشرة للظهور فان ذلك موكول الى الغيب وخروج الامام هو الذي سيحدد عدد أنصاره بعد ان يعلم مسبقا بإمكانية توفرهم لا على التعيين.
اما الرأي الأول وهو المشهور والمعبأ له تثقيفيا ذهب إليه أكثر المصلحين من العلماء والفقهاء والمجددين حيث انهم أسسوا قواعد علمية وعملية في إطار ثقافة التمهيد.
اذن فمن خلال مقدمة نواة التمهيد ينطلق الإمام الى أصقاع الدنيا وحينما نقول كل أصقاع العالم فهذا يعني ان كل بلدان العالم ستكون مهيأة لتحمل التكليف بتوفير هذه المقدمة ولكن قد يكون تكليف سائر البلدان عدا طائفة أهل الحق مستند إلى الالتزام الفطري والأخلاقي بينما عند الطائفة مستند إلى الالتزام العقائدي.
نعم قد يكون التزام البلدان المسيحية بتوفير هذه المقدمة بعد ظهور المسيح التزاما عقائديا الا ان سائر بلدان اهل الدنيا لا وجه للقول بالتزامها العقائدي خصوصا إذا فهمنا من المقدمة انها على نحو القضية الشرطية المنفصلة أي قبل ظهور المسيح عليه السلام والإمام عجل الله فرجه.
ولا يهمنا كثيرا الحديث عن أصحاب الالتزامات الأخلاقية أو الفطرية خصوصا وان هذه القضية لم تستوفي الكثير من التحقيقات في إمكانية تحققها وان كان اجمالا هو رأي مقبول في حدود الجو العام لبعض الروايات وإنما الذي يهمنا هو الانطلاق المستند الى الخلفية العقائدية وهي الالتزامات المفروضة على بعض طوائف وعناوين تظهر في آخر الزمان تنتمي الى طائفة أهل الحق ولقد ذكرتهم الروايات الشريفة بعناوينهم …كنوز الطالقان, أبدال الشام, عصائب العراق, نجباء مصر….للحديث صلة