عند كل مناسبة أو لقاء يحضره الرئيس الأمريكي إلا وينهال على السعودية وملوكها وأمرائها بالسباب والشتائم،ويصرحها جهاراً نهاراً أننا نريد أموالهم لنحميهم من إيران، وفي كل اتصال بين ترامب وسلمان يتركز الحديث حول دفع الرياض ثمناً للحماية العسكرية التي توفرها لها واشنطن،ويمضي الرئيس الأمريكي بالقول أن السعودية دولة ثرية جداً، ونحن ندافع عنها ونقوم بحمايتها، وهي لا تملك سوى المال ، حيث تؤكد التقارير أن السعودية أشترت ما قيمته 450 مليار دولار وهذا ما لايمكن خسارته بالنسبة لواشنطن، وفي تجمعات مماثلة يؤكد ترامب أن السعودية ستسقط خلال يومين في حال تعرضت للهجوم من اليمن، وإنها موجودة بفضل وجودنا ووجود قواتنا على الأرض، وهنا لابد من تساؤل : لماذا يصر ترامب على توجيه الاهانة للسعودية على الرغم من طبيعة الشراكة القوية التي تربط واشنطن بالرياض؟!.
العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية تستند منذ فترة طويلة على معادلة بسيطة ملخصها أن تقوم واشنطن بشراء النفط السعودي مقابل شراء الرياض السلاح الأمريكي مع توفير الحماية اللازمة في حال وقوع أي هجوم خارجي،إلى جانب كون الولايات المتحدة شريك اقتصادي مهم للسعودية، واكبر شريك تجاري لها في الشرق الأوسط ، لذلك فان السعودية لا تملك خيارات كثيرة في طريقة التعاطي مع واشنطن ، فإما افتعال الأزمات الداخلية للرياض ، وتفعيل الخلافات بين الأمراء ، أو القبول بالأمر الواقع ودفع "الإتاوات".
واشنطن تعودت سياسة أرضاخ الدول على سياستها ، وفرض الأمر الواقع على هذه الدول ، بل في فترة حكم ترامب الحالية ، عكست سياسة واشنطن تخلف واقعي ، في طريقة أرضاخ الشعوب ، مع وجود حكام خانقين بالأصل ، إلى جانب سعيها لتشكيل "نظام أمن إقليمي" بمشاركة دول الخليج وربما الأردن لمواجهة "الخطر الخارجي،" أي إيران؛ والذي لا يعدو كونه يأتي في سياق ابتزاز أميركي للمنطقة بمجملها.
أن سياسة إسقاط الأنظمة، كإستراتيجية معتمدة أميركيا، هي إحدى تعبيرات الفشل الاستراتيجي الرامي لإخضاع النظم والشعوب ومواردها البشرية والمادية للسيطرة الأميركية. إلقاء نظرة سريعة على "تجربة" واشنطن في أفغانستان، كعنوان للاحتلال والهيمنة، يشكو الأفغان من شح الاستثمارات لتحسين الأوضاع الاجتماعية: عدم بناء مدارس أو مستشفيات، بل لم تشهد البلاد شق طرق حديثة إلا بما يخدم انتشار وحركة القوات الأميركية ذاتها ، وغيرها من الدول التي دخلتها واشنطن ، وسيطرت على مقدراتها ، لذلك فأن البيت الأبيض بسياسته الهوجاء لايمكن له آن ينجح بسياسته والتي لم تجلب سوى الخراب والدمار للمنطقة ككل.
محمد حسن الساعدي/ كاتب عراقي