تداولت المواقع الإخبارية خبراً (أمنياً) ذكرت فيه ان شرطة إحدى المحافظات العراقية باشرت باعتقال كل من يرتدي (البرمودا) من الشباب، وتم نشر كتاب رسمي بمنع ارتداء هذا النوع من البنطلونات، ثم صرح أحد المتحدثين بإسم الشرطة بأن حملة اعتقالات مرتدي البرمودا ستستمر حتى نهاية شهر رمضان، في حين لم يتطرق الكتاب الرسمي الى انتهاء الحملة بنهاية شهر رمضان، ما يدل على انها مستمرة خلال وبعد رمضان.
بالطبع، آلاف العراقيين سخروا من هذا القرار وانتقدوا هذه الحملة (الأمنية) التي تستهدف الحريات الشخصية برأيهم، فهل تستهدف الحريات الشخصية حقاً؟ وما المعايير التي اعتمدتها في تنفيذ هذه الحملة؟ ولو كان مقدراً للصحابي الجليل بلال الحبشي (رض) ان يمشي مرتدياً الوزرة القصيرة التي تخفي عورته من السرة الى الركبتين (وفقاً للشرع الاسلامي) فهل ستلقي الشرطة القبض عليه وعلى من معه من الصحابة؟!
لا أحد يدري ما هي المقاييس التي اعتمدتها شرطة تلك المحافظة في جعل البرمودا تندرج ضمن الألبسة (غير اللائقة) ، ثم ما هذا التعبير الذي يقبل عدة تفسيرات، غير لائقة بماذا؟ اذا كانت غير لائقة بالشارع فمن أية ناحية غير لائقة؟ لأنها لاتلامس الكاحل؟ لكنها تغطي الركبتين ووفقاً للشرع الاسلامي تغطي العورة أي انها لائقة ولامشكلة فيها، فما هي الفتوى التي استندت اليها الشرطة في المنع؟!
ولنفترض ان هذا القرار الأمني وهذه العملية الأمنية العظيمة جاءت بسبب شهر رمضان (كما جاء في تصريح ناطق بإسم الشرطة رغم ان الكتاب الرسمي لم يتطرق لرمضان) ، فهل تعتقد الشرطة بأن المرأة ستفطر ويفسد صيامها اذا كانت تسير في الشارع ونظرت بالصدفة الى شاب يرتدي برمودا ووقعت عينها تحديداً على العشرة سنتمترات التي بين كاحل الشاب ونهاية البرمودا (وهذه المنطقة مليئة بالشعر أي انها ليس فيها ما يثير الفتنة)؟!
هل انتهت مشاكلنا الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية وبات البلد مستقراً تماماً وخالياً من الارهاب والفساد المالي وانتقلنا من المركز الثاني في قائمة أسوأ دول العالم الى مراكز متأخرة لنبدأ بحملة أمنية مباركة تتضمن استنفار الجهود وتسخير الامكانيات لاعتقال كل من يرتدي البرمودا؟ لماذا لا يتم القاء القبض على سراق المال العام الذين جعلوا التلميذ العراقي يضع دفتره على أرضية الصف وينبطح أمام السبورة ليدون ما كتبه المعلم، لعدم وجود المقاعد (الرَحلات) ؟ لماذا لا يتم القاء القبض على الفاسدين الذين تسببوا في جعل المستشفيات الحكومية تشكو نقص الأسرّة، فتضطر لانتظار موت أحد المرضى لتحصل على سريره وتضع عليه أبيك المريض، ثم يأتي شخص آخر ينتظر موت أبيك ليضع أمه المريضة على السرير؟!
هل بات مرتدو البرمودا أعداء الله ورسوله؟ هل هذه مقدمة لنصب المشانق على الرافعات في الأماكن العامة؟ هل سنشاهد تنفيذ عقوبة الجلد وإقامة الحد في الشوارع قريباً؟ هل سيتم جمع الناس في ملاعب كرة القدم لمشاهدة تنفيذ القصاص بقطع الرأس بالسيف قريباً؟ والذين ينتقدون هذا القرار (بات عددهم بالآلاف في تويتر) هل سيتم اعتقالهم وتعذيبهم وحلاقة شعرهم بطريقة مهينة؟
باختصار، اذا تم تمرير قضية اعتقال مرتدي البرمودا بسهولة من قبل رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي فهناك مستقبل مرعب ينتظر هذا الشعب، ولا أحد يدري الى أين يمضي هذا البلد!
قصي صبحي القيسي/ كاتب عراقي