الصدر يوقف دوامة العنف بـ"اعتذار وأمر"

آخر تحديث 2022-08-31 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

أوقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بخطابه، الثلاثاء الـ30 من أغسطس (آب)، نار الفتنة التي اشتعلت خلال الليلة الماضية بمواجهات مسلحة وصلت إلى استخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة وحرق مقار حزبية وسقوط ضحايا وجرحى وسط حال رعب عاشها العراقيون.

ويأتي التصعيد الخطير بعد الانسداد السياسي الذي استمر لأكثر من عشرة أشهر، ورفعت السلطات الأمنية حظر التجوال فيما أعادت فتح الطرق التي أغلقت نتيجة الأحداث.

اعتذاري إلى الشعب

وكان الصدر قال خلال مؤتمر صحافي عقده في منطقة الحنانة بالنجف الأشرف "أدعو المتظاهرين من التيار الصدري إلى الانسحاب من البرلمان خلال ساعة واحدة"، وأضاف "أحزنني كثيراً ما يحدث في العراق، وأقدم اعتذاري إلى الشعب".

وتابع، "العراقي هو المتضرر الوحيد مما يحدث، والوطن الآن أسير للفساد والعنف، وكنا نأمل أن تكون هناك احتجاجات سلمية لا بالسلاح، فالثورة التي يشوبها العنف ليست ثورة، وأنا الآن أنتقد ثورة التيار الصدري"، وأردف "أشكر القوات الأمنية والحشد الشعبي التي وقفت على الحياد، وأشكر القائد العام للقوات المسلحة"، لافتاً إلى أن "الدم العراقي حرام، واعتزالي شرعي لا سياسي، واعتزالي من السياسة نهائي".

ومع انتهاء المهلة، غادر أتباع الصدر المنطقة الخضراء التي تضم مكاتب حكومية حيث أعلنوا اعتصاماً استمر لأسابيع في مقر البرلمان.

في المقابل، دعا رئيس الجمهورية برهم صالح، قادة "الإطار التنسيقي" إلى التواصل مع زعيم التيار الصدري لتهدئة النفوس والخروج بحل سياسي يتناول قضية الانتخابات المبكرة وإدارة الفترة المقبلة.

وقال رئيس الجمهورية في كلمة تناولت الأحداث الأخيرة إن "مشاهد الأمس هزت نفوس كل العراقيين وجرحت مشاعرهم واعتصرت قلوبهم حزناً، وعلينا الإقرار بأن المنظومة السياسية والمؤسسات الدستورية عجزتا عن تفادي ما حصل"، وأضاف أن "موقف مقتدى الصدر لوضع حد لأحداث العنف هو موقف مسؤول وشجاع وحريص على الوطن ومحل تقدير عال من العراقيين، وينبغي استثماره لمصلحة الخروج ببلدنا من الأزمة السياسية الراهنة عبر حلول مسؤولة ضامنة لتحقيق تطلعات الناس".

وتابع أن "انتهاء أحداث العنف والصدامات وإطلاق الرصاص أمر ضروري ومهم لحقن دماء العراقيين، لكنه لا يعني انتهاء الأزمة السياسية المستحكمة في البلد منذ أشهر، وما شهدناه ليس أزمة آنية فحسب، بل مرتبطة بمنظومة الحكم وعجزها".

درس الغالبية الصامتة

وأكد صالح أن "الغالبية الصامتة التي قاطعت الانتخابات الماضية والتي شكلت أكثر من نصف الناخبين العراقيين كانت بمثابة جرس إنذار وعقاب للأداء السياسي، ويجب التوقف عند ذلك والتفكر فيه كثيراً، فالانتخابات في نهاية المطاف ليست غاية بحد ذاتها، بل وسيلة ومسار سلمي يضمن مشاركة واسعة للعراقيين في تجديد خياراتهم وتحقيق تطلعاتهم في الإصلاح".

وأضاف أن "إجراء انتخابات جديدة مبكرة وفق تفاهم وطني يمثل مخرجاً من الأزمة الخانقة في البلاد عوضاً عن السجال السياسي أو التصادم والتناحر، بما يضمن الاستقرار السياسي والاجتماعي ويستجيب لتطلعات العراقيين، ولا مناص بعد اليوم من الشروع بإصلاحات حقيقية، وقطعاً لا منصب أو موقع أهم من مصلحة الوطن والأهم هو إصلاح الوضع جذرياً لوقف دوامة الأزمات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى الرئيس العراقي أن "المحاصصة التي ترفض مغادرة واقعنا تمثل إشكالاً خطيراً وعقبة أمام الوصول إلى الحكم الرشيد، فهي أبرز أسباب النزيف في بلدنا، بل إنها سبب في تعميق غياب الهوية الوطنية الجامعة لمصلحة هويات فرعية زجت بالبلد ومواطنيه في توترات طائفية ومذهبية وعرقية".

وزاد أن "استمرار الوضع الراهن سيمكن الفساد أكثر، هذا السرطان الذي يهدد كيان الدولة ويعرقل فرص تقدم بلدنا ويكبل إمكانات وطننا الكفيلة بنقل شعبنا إلى مصاف آخر، وما قضايا الفساد والتآمر على مقدرات الدولة التي ظهرت إلى الرأي العام أخيراً سوى مؤشر إلى الكارثة الحقيقية وقطعاً تستوجب متابعة قانونية جدية".

وتابع أن "هناك حاجة إلى تعديلات دستورية لبنود شهدنا جميعاً على تسببها في مشكلات مستحكمة، بنود كرست أزمات بدل حلها، وباعدت المسافات بدل تقريبها"، داعياً قادة "الإطار التنسيقي" إلى التواصل مع الصدر لتهدئة النفوس والخروج من خلال حوار وطني بحل سياسي حاسم يتناول قضية الانتخابات الجديدة المبكرة وتشكيلة الحكومة وإدارة الفترة المقبلة.

حفظ الدم العراقي

من جانبه، أكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أن دعوة الصدر إلى إيقاف العنف تمثل أعلى مستويات الوطنية والحرص على حفظ الدم العراقي، وقال في تغريدة عبر صفحته بموقع "تويتر" إن "كلمة الصدر تحمل الجميع مسؤولية أخلاقية ووطنية لحماية مقدرات العراق والتوقف عن لغة التصعيد السياسي والأمني والشروع في الحوار السريع المثمر لحل الأزمات".

وأكد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي أن موقف زعيم التيار الصدري بحجم العراق، بينما شدد رئيس "تحالف الفتح" هادي العامري على أن مبادرة زعيم التيار الصدري شجاعة وتستحق التقدير والثناء، وقال في بيان إن "مبادرة الصدر بوضع نهاية للعنف المسلح شجاعة وتستحق التقدير والثناء، وجاءت في لحظة حرجة يراهن فيها الأعداء على توسيع حال الاقتتال بين الإخوة"، وأضاف "نؤيد بقوة ما جاء في هذه المبادرة"، مطالباً الجميع "بالحذو حذو الصدر بخطوات مماثلة لحقن الدماء وقطع دابر الفتنة".

ودعا العامري إلى "تعاون جميع القوى الوطنية من أجل لملمة آثار الأزمة والسير قدماً للخروج من الانسداد السياسي الذي يدفع ثمنه شعبنا الكريم الصابر".

وأشاد رئيس "ائتلاف الوطنية" إياد علاوي بموقف زعيم التيار الصدري بعدما أمر أنصاره بإنهاء اعتصامهم واحتجاجاتهم التي تخللتها أعمال عنف في المنطقة الخضراء، وكتب على حسابه في "تويتر"، "نشيد بالموقف الوطني للصدر الذي وضع من خلاله حداً لحال الفوضى والاقتتال"، وتابع "نتوجه بالشكر لقواتنا الأمنية البطلة لالتزامها الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين ومؤسسات الدولة، ونشكر قوات الحشد الشعبي لانضباطها، كما نثمن جميع المواقف الوطنية التي دعت إلى التهدئة وحقن الدماء".

مطالبات بعودة البرلمان

في السياق، طالب "الإطار التنسيقي" مجلس النواب وبقية المؤسسات الدستورية بالعودة إلى ممارسة مهماتها، وقال في بيان "في وقت نعرب عن أسفنا وحزننا الشديد لما وقع من فتنة عمياء تسببت بسقوط ضحايا من أبناء شعبنا نتيجة مواقف غير مدروسة أدت إلى ما حدث، فإننا نتقدم بالشكر الجزيل لكل موقف وكلمة وفعل أسهمت في إيقاف هذه الفتنة ووضعت حداً لنزيف دماء الإخوة من أبناء الوطن الواحد"، مقدماً الشكر أيضاً لأبناء القوات الأمنية و"الحشد الشعبي" لما تمتعوا به من ضبط للنفس والتزام كبير بالمسؤولية.

وأضاف، "لمنع تكرار ما وقع من فتنة وإنهاء الظروف التي تساعد عليها، نرى ضرورة العمل بهمة راسخة والإسراع في تشكيل حكومة خدمة وطنية تتولى المهمات الإصلاحية ومحاربة الفساد ونبذ المحاصصة وإعادة هيبة الدولة لينعم الجميع بالأمن والاستقرار، والإسراع في تحقيق ما يصبو إليه أبناء شعبنا الكريم بمشاركة واسعة من جميع القوى السياسية الراغبة في ذلك". ودعا "الإطار" مجلس النواب وبقية المؤسسات الدستورية للعودة إلى ممارسة مهماتها والقيام بواجبها تجاه المواطنين.