العراق لا يدعم مرضى ضمور العضلات الشوكي

آخر تحديث 2023-03-13 00:00:00 - المصدر: العربي الجديد

عدد من الأطفال المصابين بضمور العضلات الشوكي فقدوا حياتهم (ديميتار ديلكوف/ فرانس برس)

على الرغم من أن عدد مرضى ضمور العضلات الشوكي (SMA) في العراق قليل، إلا أن وزارة الصحة لا تستجيب لمناشدات ذوي المرضى الأطفال لتأمين العلاج لهم. وتصل كلفة حقنة زولجنسما التي يحتاجها المريض إلى نحو مليوني دولار. ومؤخراً، استجابت دولة الإمارات العربية المتحدة لمناشدات عراقيين للمساعدة، وقدمت الدواء لأحد الأطفال لتعود إليه الحياة. ويعتبر زولجنسما حالياً أغلى عقار في العالم، ويعالج ضمور العضلات الشوكي، وهو اضطراب وراثي يسبب هزال العضلات وضعفها.
ولا يستطيع الأهالي تأمين هذا المبلغ الكبير لعلاج أطفالهم، علماً أن بعض الدول بدأت تقدمه لمواطنيها مجاناً، على اعتبار أن المرض نادر ويمكن الشفاء منه. إلا أن وزارة الصحة العراقية لا تعمل على توفير العلاج للمرضى، ما يضطر الأهالي إلى إطلاق حملات تبرع عبر مواقع التواصل الاجتماعي. يشار إلى أن ضمور العضلات الشوكي هو مرض وراثي يصيب الأطفال الرضع، ويستهدف العضلات والأعصاب بشكل أساسي، ما يؤدي إلى ضعفها على نحو متزايد نتيجة تدمير وقتل الخلايا العصبية الحركية في الدماغ والحبل الشوكي، وهي الخلايا التي تتحكم في نشاط العضلات الهيكلية الأساسية، كالتحدث والمشي والتنفس، كما أن لهذا المرض قابلية التطور حتى لدى البالغين.
وبفضل حملات التبرع على مواقع التواصل الاجتماعي، جمعت مبالغ مالية لعلاج مرضى خارج العراق، كان آخرهم طفلة من محافظة القادسية جنوب البلاد، وذلك من دون أي تدخل أو مساعدة حكومية، على الرغم من تواصل ذوي الطفلة مع الوزارة على مدى أشهر. أمر دفع ناشطين ومنظمات إغاثية إلى العمل على جمع تبرعات.  
وحاولت "العربي الجديد" التواصل مع وزارة الصحة من دون أن تلقى تجاوباً. إلا أن مسؤولاً سابقاً في الوزارة فضل عدم الكشف عن اسمه، يؤكد في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن الأخيرة "لا تملك أي قاعدة بيانات عن أعداد المصابين من الأطفال بهذا المرض، كما أنها لا تخصص ضمن ميزانيتها مبالغ مالية لنقل أطفال مرضى إلى الخارج للعلاج". يضيف: "تدرك الوزارة أن هناك ارتفاعاً بأعداد مرضى ضمور العضلات الشوكي، لكنها لا تقدم الدعم والتعاون مع الأهالي في سبيل توفير العلاج لهم، أو تأمين سفرهم إلى الخارج، بحجة عدم وجود مبالغ مالية كافية، ما يدفع العراقيين إلى جمع التبرعات من ميسوري الحال. وبالفعل، فإن حملات التكافل الاجتماعي ساهمت بعلاج عدد من الأطفال". 

صحة

التحديثات الحية

علي عبد الله (45 عاماً)، الذي تعاني ابنته من ضمور العضلات الشوكي، يقول إنه راجع وزارة الصحة من أجل إنقاذ ابنته، لكنه طرد من قبل حراس مبنى الوزارة، مضيفاً في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "مبلغ مليوني دولار يحيي ابنتي. لكنّ الوزارة لا تقدم المساعدة لعلاجها". يضيف أن "عدد المرضى لا يتجاوز العشرات في كل العراق. بالتالي، فإن الكلفة توازي أصغر صفقة فساد تتم في وزارة الصحة، وتمكن معرفة ذلك من خلال الذهاب إلى صالات القمار ليلاً".

من جهتها، تقول الطبيبة العراقية وسن الدليمي إن "هذا المرض أكثر انتشاراً في المناطق الريفية في ظل انتشار زواج الأقارب. وغالباً ما لا يجرون الفحوصات الطبية اللازمة قبل الزواج". وتوضح في حديثها لـ "العربي الجديد" أن "هناك خمسة أنواع من مرض الضمور العضلي الشوكي، وأشدها هو الذي يتسبب بوفاة الأطفال من جرّاء إصابتهم بمشاكل في الجهاز التنفسي".

طفل مصاب بضمور العضلات الشوكي يعالج في إسبانيا (بو بارينا/ فرانس برس)

وتشير الدليمي إلى أن "ضمور العضلات الشوكي هو أحد أمراض الجهاز العصبي، ويصيب الأطفال حركياً، ويتسبب بضعف العضلات، منها عضلات البلعوم والجذع والساقين والأطراف العليا، ويشخص سريرياً". تضيف أن بعض الدول توفر العلاج مجاناً للمرضى. أما في العراق، فتتنصل السلطات من مساعدة الأهالي، وخصوصاً أن العلاج غير متوفر ويتطلب مبالغ مالية كبيرة".
من جهته، يؤكد عضو لجنة الصحة في البرلمان العراقي ماجد شنكالي، أن "ضمور العضلات الشوكي من الأمراض النادرة، بالتالي من واجب الحكومة توفير العلاج للمصابين به، لا سيما أن غالبيتهم من الأطفال الذين تتراجع صحتهم كلما تفاقم الضمور العضلي لديهم، ليعتمدوا على أهلهم في التنقل والحركة". ويشير إلى أن "لجنة الصحة البرلمانية كانت قد تلقت عدداً من رسائل المواطنين لإحالتهم إلى نظام العلاج على نفقة الدولة، لكن السلطات الصحية تقول إنها لا تملك مخصصات مالية كافية".

صحة

التحديثات الحية

ويوضح في حديثه لـ"العربي الجديد": "ينقص العراق مستشفيات خاصة لمعالجة الأمراض المستعصية، منها السرطان والإيدز وضمور العضلات الشوكي وغيرها، ناهيك عن مراكز علاج المدمنين على المخدرات. لكن الحكومات منذ عام 2003 لم تعر المجال الصحي الاهتمام الكافي، وراحت تهتم بجوانب أخرى، منها الجانب الأمني". يضيف أن "الدورة البرلمانية الحالية ستتضمن سلسلة من مشاريع القوانين والجولات والزيارات إلى وزارة الصحة، وستحاول توفير مبالغ مالية كافية للمصابين بالمرض بعد إحصاء عددهم بالتعاون مع لجان ومفارز طبية من المحافظات"، مؤكداً أن "الوزارة ملزمة بمعالجة العراقيين، حتى وإن تطلب الأمر نقلهم إلى خارج البلاد".
وبحسب معلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن عدداً من الأطفال المصابين بضمور العضلات الشوكي فقدوا حياتهم لعدم تمكنهم من السفر إلى الخارج للعلاج، في وقت ما زال عدد منهم ينتظر التبرعات للسفر.
ويُعد قطاع الصحة أحد أكثر القطاعات الفاسدة، بسبب سيطرة الأحزاب الدينية على وزارة الصحة، وتراجع البنى التحتية والمستشفيات والكوادر الطبية، ناهيك عن الانفلات في أسعار الأدوية وأجور الأطباء والمختبرات الطبية. هكذا يتحول المواطنون إلى ضحية، وخصوصاً إذا كانوا عاجزين عن تأمين الدواء.