جرت العادة بأن تخضع الحكومة لتقييم شامل بعد مرور 100 يوم من توليها (Getty)
أعلنت لجنة التخطيط في البرلمان العراقي، إرجاء تقييم أداء حكومة محمد شياع السوداني، إلى ما بعد إقرار الموازنة المالية للعام الجاري 2023، مؤكدةً أنّ التقييم غير ممكن من دون إقرار الموازنة التي يعرف في ضوئها إنجازات الوزراء.
وعلى الرغم من اقتراب إنهاء حكومة السوداني، التي حصلت على ثقة البرلمان في الـ27 من أكتوبر الماضي، الستة أشهر الأولى من عمرها، إلا أنّ الكثير من الملفات التي تقول قوى سياسية عنها إنّها لا تحتاج إلى أكثر من قرار لم ترَ النور لغاية الآن، أبرزها إخراج الفصائل المسلحة من المدن، وفتح ملفات الفساد الكبيرة.
ووفقاً لعضو اللجنة، النائبة سعاد المالكي، فإن لجنتها "مقبلة على تقييم حقيقي لأداء الحكومة، ولكن ما زال قانون الموازنة لم يقر، وهذا يقيد العمل"، مبينةً في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية، اليوم الأحد، أنّ "اللجنة تنتظر إقرار الموازنة لبدء العمل الفعلي على تقييم أداء الحكومة".
وأشارت إلى أنّ ذلك يأتي "باتفاق أعضاء اللجنة في هذه الدورة، خصوصاً في ما يتعلق بتنفيذ التقييم بشكل حقيقي بعد دراسة ومتابعة أداء الوزارات والمحافظات"، مؤكدةً أنّ "اللجنة تتابع عمل مجلس الخدمة الاتحادي، وهناك العديد من المعوقات في موضوعات التعيين المركزي التي يفترض حصرها عنده".
بدوره، قال النائب هيثم الزركاني إنّه "لا يمكن اختزال الأداء الحكومي بهذه الفترة، باعتبار أنّ هناك الكثير من الأعمال المتأخرة والقرارات والإنجازات المتراكمة منذ عام 2003 وحتى اليوم، والعديد من أزمات التشريع"، مبيناً في تصريح سابق للصحافيين، أنّ "الأداء التنفيذي نوعاً ما لا بأس به، ولكننا بحاجة إلى دعم وتقييم. ونشجع الفقرات التي تخدم المواطن ونشجب الفقرات التي لا تخدمه".
وأضاف الزركاني أنّ "غالبية أعضاء مجلس النواب يرون أنّ هناك استحقاقاً لمحافظاتهم وناخبيهم، ولهذا فإنّ الحكومة بحاجة إلى العمل على الخدمات بشكل مكثف، والتغيير الوزاري مطروح أمام رئيس الوزراء لاختيار الأكفأ".
وجرت العادة بأن تخضع الحكومة لتقييم شامل بعد مرور 100 يوم من توليها، أي ثلاثة أشهر، وهي المدة المتبعة في أغلب البلدان، ومنها الولايات المتحدة الأميركية وبعض دول المنطقة، ويشار إلى أنّ السوداني، خلال الشهر الأول من تسلّمه منصبه، أصدر العديد من القرارات، لكن سرعان ما تراجع عنها، من أبرزها إلغاء تكاليف المناصب العليا من قبل الكاظمي، حيث طبق القرار على بعض الشخصيات، فيما جدد التكليف لأغلب الشخصيات الأخرى.
في هذا السياق، قلل عضو في البرلمان العراقي من قيمة التقييم، معتبراً أنّه قائم على "التوافقات السياسية، لا على نسب الإنجاز"، وقال النائب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّه "حتى لو أقر البرلمان الموازنة، فسيُقال بعدها أن التقييم يحتاج إلى فترة أخرى لتحديد نسب الإنجاز بعد إقرار الموازنة".
واعتبر عضو البرلمان أنّ "الحديث عن الموازنة وعلاقتها بالتقييم مجرد تسويف ومماطلة للتقييم الذي يعد المبدأ الأساس المعتمد به هو مدى التفاهمات بين الأطراف السياسية".
وأشار المتحدث إلى أنّ "التقييم في حقيقته لا يحتاج إلى موازنة، خاصة أنّ البرنامج الحكومي موجود وأنّ السوداني وعد بتحقيقه لمدة عام واحد، وحتى الآن هناك إخفاقات كبيرة بأغلب فقراته التي لا يمكن لها أنّ تتحقق"، مشيراً إلى أنّ "التقييم لن يغير شيئاً ولن يساعد السوداني أو يدفعه لتنفيذ برنامجه ووعوده".
ومن أبرز ما تضمنه منهاج السوداني الحكومي إنهاء ظاهرة السلاح المتفلّت خارج نطاق المؤسسات الرسمية والشرعية، وإنهاء عسكرة المدن، في إشارة إلى إخراج الفصائل المسلحة من مراكز المدن والأحياء السكنية، وطيّ صفحة النزوح والكشف عن مصير المختطفين، وشملهم بقانون ضحايا الإرهاب بعد إجراء التدقيق الأمني.
وتضمنت الوعود التي قدمها السوداني إلغاء هيئة "المساءلة والعدالة"، وإصدار عفو عام عن المعتقلين الذين انتُزعت منهم اعترافات تحت التعذيب وبواسطة "المخبر السري"، وهو نظام أُنشئ في عهد حكومة نوري المالكي بين عامي 2006 و2014 كأحد أساليب تحصيل المعلومات الأمنية، ويقضي بمنح مكافآت مالية للأشخاص الذين يقدمون معلومات أمنية، وعادة ما تتبنى قوات الأمن هذه المعلومات في التحرك ضد الأشخاص الذين يستهدفهم "المخبر السري".