نازحون من سنجار في زاخو، مايو 2022 (سفين حامد/فرانس برس)
كشف النائب في البرلمان العراقي محما خليل عن إلغاء زيارة مقررة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى مدينة سنجار، بسبب تحرك لحزب العمال الكردستاني، المعارض لتركيا والناشط داخل المدينة منذ سنوات، استبق موعد الزيارة لتنظيم احتجاجات أمام موكب السوداني حال دخوله المدينة.
وزار السوداني محافظة نينوى، شمالي البلاد، في 12 و13 مايو/أيار الحالي، وتنقل فيها داخل بلدات ونواحي المدينة للاطلاع على حقيقة الأوضاع فيها، وحلّ المشاكل الإدارية والخدمية. لكن السوداني ألغى زيارة مدينة سنجار الواقعة على بعد 115 كيلومتراً من الموصل، والمحاذية لسورية من محور محافظة الحسكة الذي تسيطر عليه "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، في الساعات الأخيرة من يوم 13 مايو، على الرغم من توجه الصحافيين والمسؤولين إلى المدينة استعداداً للزيارة، من دون أن يوضح سبب ذلك.
وذكر خليل، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن رئيس الحكومة العراقية ألغى زيارته التي وعد بها إلى سنجار، كاشفاً أن "سبب إلغاء التوجه إلى سنجار جاء بعد ورود معلومات عن تحشيد مسلحي حزب العمال الكردستاني تظاهرة لأنصارهم في المدينة، كانت مقررة أن تواجه السوداني".
وأضاف أن "الأجهزة الأمنية العراقية أوهمت رئيس الوزراء وأوصلت تقارير خاطئة حول حقيقة الوضع في المدينة ومدى سيطرتها، والواقع أن مسلحي وأنصار العمال الكردستاني هم من يسيطر على الأوضاع".
سعيد ممو زيني: عناصر أمنية عراقية يتعاونون مع الكردستاني
وتحدث خليل عن "تدخلات إقليمية في سنجار، وتهميش الإيزيديين"، في إشارة منه إلى الدور الإيراني عبر الفصائل المسلحة الحليفة لها والمنتشرة في سنجار.
واعتبر أن مدينة سنجار: "خارج سيطرة الدولة العراقية، وحزب العمال يواصل أعماله الإجرامية وتمدده على حساب الدولة والقانون، والأجهزة الأمنية لا توصل الحقيقة إلى الحكومة".
ودعا السوداني إلى "العودة إلى سنجار والاطلاع على حقيقة الأوضاع، وفتح تحقيق بما يحصل من انتهاكات"، متسائلاً عما إذا كان هناك دليل آخر على حقيقة الأوضاع بعد عجز القوات الأمنية عن تأمين زيارة رئيس الوزراء إلى سنجار.
من جهته، قال مسؤول أمني عراقي في قيادة عمليات نينوى، لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس الوزراء أخذ تصوراً كافياً عن المدينة من شخصيات اجتماعية ودينية، عكست له ما يحصل فيها".
وأضاف، طالباً عدم الكشف عن هويته، أنّ "مسلحي حزب العمال الكردستاني يمتلكون تمويلاً مالياً كبيراً يسهل لهم تجنيد الشبان العاطلين عن العمل من العراقيين الإيزيديين تحديداً، وهو ما يجعل الجيش العراقي بمواجهة عناصر عراقيين من سكان المدينة في حال قرر التحرك ضدهم، وليس أمام مسلحي الحزب الأكراد الأتراك".
"الكردستاني" عرقل زيارة السوداني
من جهته، أوضح الناشط السياسي في سنجار، سعيد ممو زيني، أن تظاهرة كبيرة كان يعد لها حزب العمال الكردستاني والفصائل الموالية له في سنجار، بحال دخول رئيس الوزراء إلى المدينة، بهدف منعه من الإطلاع على الأوضاع الحقيقية داخل سنجار وضواحيها.
واتهم في حديث لـ"العربي الجديد" "عناصر في الأجهزة الأمنية العراقية بالتعامل مع حزب العمال الكردستاني، لمنافع تتعلق بالتهريب والتجارة عبر الحدود"، مضيفاً: "لا يريد الحزب أن تصل تلك المواضيع إلى رئيس الحكومة، لذلك على السوداني أن يأمر بفتح تحقيق سريع وعاجل، ويشكل لجنة عليا برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي أو وزير الدفاع ثابت العباسي، للذهاب إلى سنجار ومعرفة ما يجري، واتخاذ قرارات سريعة تعيد سيطرة الدولة على القضاء".
من جهته، وضع عضو مجلس العشائر العربية في سنجار نوري الشمري إلغاء زيارة السوداني إلى سنجار، على الرغم من التحضيرات الواسعة لها قبل يومين من موعدها، في سياق "فقدان السيطرة على المدينة".
وأضاف في حديث مع "العربي الجديد" أن "أي عشيرة أو طرف في سنجار لا توالي حزب العمال والفصائل المسلحة الأخرى الحليفة له، تتعرض للاعتداء وإجبارها على الهجرة والنزوح من القضاء، عبر اتهامها بالإرهاب وداعش أو العمالة لتركيا وتهم غيرها كثيرة".
وشدّد على أن "السوداني مطالب بتشكيل لجنة تحقيق سريعاً، وإقالة القيادات الأمنية المشرفة على الملف الأمني في سنجار، كونها مخترقة وفاسدة".
نوري الشمري: فقدت الدولة السيطرة على سنجار
في السياق، كشف موقع "داركا مازي" الإخباري الكردي المقرب من حكومة إقليم كردستان عن أن ما تسمى بـ"الإدارة الذاتية" في سنجار والمرتبطة بـ"الكردستاني"، قامت بالتحشيد لتظاهرة قبل زيارة السوداني إلى مدينة سنجار، ما تسبّب بإلغاء الزيارة المقرّرة.
وتخضع مداخل قضاء سنجار لسيطرة الفرقة 20 في الجيش العراقي، فيما أنيطت مسؤولية حماية مركز القضاء إلى الشرطة الاتحادية، وأفواجاً من الشرطة المحلية، لكن عناصر "الكردستاني" يتحكمون بالمشهدين الأمني والإداري في القضاء.
نازحو سنجار في مخيمات كردستان
ومنع "الكردستاني" في أكثر من مناسبة عودة الحكومة المحلية ومدراء الدوائر إلى سنجار، كي يمارسوا أعمالهم، فيما لا يزال الآلاف من النازحين من سنجار يعيشون في مخيمات النزوح بإقليم كردستان.
وتعثر تنفيذ اتفاق تطبيع أوضاع المدينة وإعادة أهلها إليها، الموقّع بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان بإشراف بعثة الأمم المتحدة مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2020، ويقضي الاتفاق بإخراج عناصر "الكردستاني" وفصائل الحشد الشعبي من مدينة سنجار وإعادة النازحين، والبدء بخطوات إعادة إعمار المدينة بدعم واضح من بعثة الأمم المتحدة في بغداد، التي رعت جانباً من مفاوضات التوصل إلى تفاهم حول الأوضاع في المدينة المضطربة منذ تحريرها نهاية عام 2015 من سيطرة تنظيم "داعش".
وما زال عشرات الآلاف من أهالي مدينة سنجار يعيشون في مخيمات متناثرة في مدن إقليم كردستان، على الرغم من استعادة السيطرة على المدينة من تنظيم "داعش" قبل نحو ثماني سنوات، ومنذ انسحاب قوات البشمركة الكردية من قضاء سنجار عام 2017.