بيدرسن في دمشق لتنشيط سياحة اجتماعات اللجنة الدستورية

آخر تحديث 2023-09-09 00:00:00 - المصدر: العربي الجديد

يصل مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسن إلى العاصمة السورية دمشق اليوم السبت، للبحث في إمكانية تحريك العملية السياسية في البلاد من البوابة الدستورية، وعقد جولة تاسعة للجنة تضم ممثلين من النظام والمعارضة والمجتمع المدني بشكل متساوٍ، علماً أن هذه اللجنة لم تحقق أي نتائج يمكن البناء لكتابة دستور جديد، وفق ما نص عليه القرار الدولي 2254.

وأوضحت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام السوري، أن بيدرسن سيلتقي وزير الخارجية في حكومة النظام فيصل المقداد، والرئيس المشترك للجنة مناقشة تعديل الدستور أحمد الكزبري، والسفير الروسي في دمشق، الممثل الخاص للرئيس الروسي لتطوير العلاقات مع سورية ألكسندر يفيموف، والسفير الإيراني في سورية حسين أكبري.

وأشارت الصحيفة إلى أن المبعوث الأممي "سيبحث إمكانية تحديد موعد لانعقاد الجولة التاسعة للجنة مناقشة الدستور، بعد توافق المشاركين في لجنة الاتصال العربية على عقد الاجتماع المقبل للجنة الدستورية في سلطنة عُمان، بتسهيل وتنسيق مع الأمم المتحدة قبل نهاية العام الحالي".

والتقى بيدرسن الأحد الماضي في جنيف السويسرية وفداً من المعارضة السورية، ضمّ رئيس هيئة التفاوض السورية بدر جاموس، والرئيس المشترك للجنة الدستورية هادي البحرة، ومسؤولة لجنة المعتقلين في الهيئة أليس مفرّج، ومسؤول اللجنة القانونية فيها طارق الكردي.

تحرك المبعوث الأممي

ويأتي تحرك المبعوث الأممي في ظل ركود العملية السياسية المتوقفة منذ منتصف العام الماضي، بعد فشل كل الجهود لعقد جولة تاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد، وتضم ممثلين من المعارضة والنظام والمجتمع المدني من كلا الجانبين بشكل متساو.

وترفض روسيا مواصلة عقد الاجتماعات في جنيف وتصر على نقلها إلى الشرق الأوسط، بسبب الموقف "غير الودّي والعدائي لسويسرا تجاه روسيا"، وفق موسكو، وهو ما ترفضه الأمم المتحدة والمعارضة السورية، التي تعتبر التصلب الروسي إزاء ذلك يندرج ضمن محاولات موسكو تمييع القضية السورية وتقزيم دور الأمم المتحدة، من أجل تجاوز القرارات الدولية وفرض رؤية روسية للحل تُبقي على بشار الأسد ونظامه في السلطة.


أحمد عسراوي: لن نصنع من المكان مشكلة إن تم التوافق على السير بالعملية السياسية 

وقال البحرة في حديث مع "العربي الجديد"، إن النظام "هو المعرقل الأساسي للعملية السياسية"، مضيفاً: "النظام يعيش في عالم آخر ولا تهمه معاناة الشعب السوري في أرجاء البلاد. ولا يفكر بأي حلول سياسية، ويتهرب منها".

وأكد البحرة أنه "لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار والسلام المستدامين في سورية، إلا عبر حل سياسي مبني على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254"، متوقعاً ألا يغيّر النظام "من تعنته أو إعاقته لأي جهود سياسية". وتساءل: "إلى متى ستبقى الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن يسمحون بأن يستمر النظام في احتجاز كامل العملية السياسية رهينة لديه؟".

وأوضح البحرة أن هيئة التفاوض المعارضة "لم تتلق حتى اللحظة أي طلبات رسمية أو خطابات للدعوة إلى اجتماع للجنة الدستورية ولا بخصوص مكان اجتماعها".

وكانت لجنة الاتصال العربية بشأن سورية، التي تضم وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن والعراق ولبنان والنظام السوري والأمين العام لجامعة العربية، دعت منتصف الشهر الماضي إلى استئناف العملية الدستورية وعقْد الاجتماع المقبل للجنة الدستورية السورية في سلطنة عمان، بتسهيل وتنسيق مع الأمم المتحدة.

واعتبرت لجنة الاتصال أن المسار الدستوري أحد المحاور الرئيسية على طريق إنهاء الأزمة السورية وتحقيق التسوية السياسية والمصالحة الوطنية المنشودة.

وأكد مصدر مطلع من هيئة التفاوض السورية المعارضة، فضّل عدم ذكر اسمه لأنه غير مفوض بالحديث العلني، لـ"العربي الجديد"، أن المعارضة "ملتزمة بالعملية السياسية في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة"، مضيفاً أن "عقد جولة جديدة للجنة الدستورية ليس الهدف. نحن نريد ضمانات أن يكون هناك إنجاز ونتائج لأي اجتماع، ولا فائدة من أي جولة مقبلة إذا كانت مثل الجولات الثمانية الماضية".

في السياق، أكد عضو وفد المعارضة في اللجنة الدستورية، عضو المكتب التنفيذي لـ"هيئة التنسيق الوطنية"، أحمد عسراوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هيئة التنسيق لم توافق على نقل مكان اجتماعات اللجنة الدستورية من جنيف"، مستدركاً بالقول: "لكننا لن نصنع من المكان مشكلة إن تم التوافق على السير بالعملية السياسية المتكاملة إلى الأمام وبجدية".

تنازلات النظام بشأن اللجنة الدستورية

من جهته، رأى الباحث السياسي أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الظروف الداخلية في سورية والحراك الثوري في السويداء، والخلاف بين العشائر و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في ريف دير الزور، ربما تدفع النظام لتقديم بعض التنازلات حيال عقد جولة جديدة من اجتماعات اللجنة الدستورية، خصوصاً لجهة المكان الذي من المفترض التئام الاجتماعات فيه".

وتابع: "لا أرى أن الظروف الخارجية تغيرت، ولكن ربما يقبل النظام تنازلات بما يتعلق بالمكان لمسايرة الدول العربية، ولكن لا أتوقع منه أكثر من ذلك. لا أعتقد أن النظام سينخرط في العملية الدستورية من أجل التوصل لحل سياسي للقضية السورية".


أحمد القربي: لا أعتقد أن النظام سينخرط في العملية الدستورية

وكانت الجولة الثامنة من اجتماعات اللجنة الدستورية عقدت منتصف العام الماضي، وخاضت في مبادئ دستورية، ما دفع المبعوث الأممي إلى القول إن الجولة حققت إنجازاً طفيفاً لكن غير كافٍ. وقدّم وفد النظام في الجولة ورقة حول مبدأ "الحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيزها".

كما ناقشت اللجنة مبدأ "الإجراءات القسرية أحادية الجانب من منطلق دستوري" الذي قدّمه ثمانية أعضاء من وفد المجتمع المدني، ومبدأ "سمو الدستور وتراتبية الاتفاقيات الدولية" المقدم من وفد هيئة التفاوض السورية، ومبدأ "العدالة الانتقالية" الذي قدّمه سبعة أعضاء من وفد المجتمع المدني.

ولم تفض ثماني جولات إلى أي نتيجة يمكن البناء عليها لإنجاز إصلاح دستوري من خلال كتابة دستور جديد ينسف الدستور الذي وضعه النظام في عام 2012، وترى المعارضة أنه فُصّل على مقاس رئيس النظام بشار الأسد.

من جهته، يدفع النظام باتجاه حصر مهمة اللجنة الدستورية بتعديل بعض المواد بدستوره لا أكثر، لذا ينتهج سياسة المماطلة منذ عقد أول جولة للجنة أواخر عام 2019. وكانت المعارضة قبلت تحت ضغط إقليمي مبدأ نسف تراتبية القرار الدولي 2254 ومناقشة المسألة الدستورية قبل إنجاز الانتقال السياسي، إلا أن النظام واجه هذه الخطوة بمزيد من التصلب والرفض لأي حلول يمكن أن تبعده عن السلطة.

وتصرّ المعارضة في المقابل، على وضع دستور جديد يقلّل من صلاحيات الرئيس، ويحدّد الجهات المخولة بالسيطرة على الجيش والأجهزة الأمنية التي هي اليوم أدوات قمع بيد الأسد، في ظلّ غياب أي صلاحية للحكومة والبرلمان في ذلك.

ويعد قرار مجلس الأمن الدولي 2254، الصادر في 2015، والذي استند إلى بيان جنيف 1 الذي صدر في منتصف عام 2012، الأرضية الأساسية لتحقيق عملية الانتقال السياسي بهدف إنهاء النزاع في سورية، وينص على "تشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، وتشمل الجميع وغير طائفية"، و"اعتماد مسار صياغة دستور جديد لسورية في غضون 6 أشهر". وجدّد القرار دعم مجلس الأمن الدولي إجراء انتخابات حرّة ونزيهة على أساس الدستور الجديد في غضون 18 شهراً تحت إشراف الأمم المتحدة.