سيف ضياء
في الأفق السياسي والدبلوماسي، أطلت زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى العراق أول أمس، وسلطت الضوء على مجموعة من الملفات الحيوية والحساسة، حيث تجلت أهمية هذه الزيارة في تناولها لقضايا متعددة تشكل نقطة ارتكاز أساسية في العلاقات بين البلدين
تركيا والعراق، وتبرز من ضمن هذه الملفات قضايا: الأمن الحدودي، إذ يستمر التوتر بسبب تواجد قوات من حزب العمال الكردستاني على الأراضي العراقية، وملف المياه المتعلق بنهري دجلة والفرات، إلى جانب التحديات الاقتصادية كإيقاف تصدير النفط عبر إقليم كردستان وفتح آفاق جديدة للتنمية الدولية وتعزيز التبادل التجاري.
يُظهر هذا اللقاء أهميته من خلال التعقيدات التي يحملها كل ملف على حدة والمصالح المشتركة التي يمكن أن يُسفر عنها ؛ فمع تزايد المناورات الدبلوماسية، يتضح أن للرئيس العراقي، محمد شياع السوداني، دوراً مؤثراً في استغلال الزيارة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة، كما تُعد الزيارة فرصة سانحة لتأكيد التعاون في مجالات الطاقة، بما في ذلك مشروع الغاز القطري المار عبر العراق إلى تركيا، هذه القضايا المهمة لا تنفصل عن السياق الأوسع الذي شمل التدهور الذي تعاني منه الليرة التركية والحاجة الملحة لإنعاش الاقتصاد التركي عبر التجارة والتنمية المُستدامة.
أما على الصعيد الأمني والستراتيجي، فسلطت الزيارة الضوء على التوترات الناشئة عن تواجد الشبكات المسلحة وأثرها في الأمن والاستقرار في المنطقة، مشددة على ضرورة التوصل إلى حلول جذرية لضمان الاستقرار وتعزيز التعاون الدولي.
وعقدت هذه الزيارة تحت أنظار العالم، لفهم كيف ستُمَكِن المفاوضات بين الجانبين من التغلب على التحديات التاريخية والراهنة، ومدى جدية الطرفين في اتخاذ خطوات ملموسة نحو الأمن المستدام والنمو الاقتصادي ؛ إذ إن لهذه الزيارة بعداً ستراتيجياً يخدم المصالح المتبادلة لكل من بغداد وأنقرة، ووضعت أسسًا قوية للتعاون المستقبلي في المنطقة.
إذ ان العمق الذي يمكن أن تصل إليه المباحثات قد يكون محوريًا في تحديد ملامح العلاقات الثنائية للسنوات المقبلة، خصوصًا أن الجدول المُعد للمباحثات شمل قضايا عديدة حيوية تذكرنا بإشكاليات تاريخية قديمة، تعود للسطح مجددًا، إلى جانب استكشاف فرص جديدة تعود بالنفع على البلدين.
هذا اللقاء مثَل نقطة تحول محتملة، حيث سعى كل طرف لتحقيق مكاسب ستراتيجية، وعلى الجانب العراقي، أن يهتم بازدياد الاستقرار الأمني والتطوير الاقتصادي، بينما سعت تركيا لتأكيد دورها كحليف رئيس في الشرق الأوسط وداعم للأمن والاستقرار في المنطقة.
في نهاية المطاف، فان هذه الزيارة حددت ليس فقط مسار العلاقات بين البلدين، بل أيضًا مدى قدرتهما على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المشتركة، بروح من الشراكة والتعاون المستدام، مما عكس الأهمية المتزايدة لتحقيق توازنات دقيقة في سياق المصالح الوطنية والإقليمية المتعددة.