تصاعد الدخان من مدينة صوران السورية الواقعة بين حلب وحماة جراء إحدى الضربات (أ ف ب)
ارتفعت حصيلة قتلى المعارك المندلعة في شمال سوريا منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى 602 قتيل بينهم 104 مدنيين، وفق ما أفاد اليوم الثلاثاء المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ووفق تعداد للمرصد الذي يعتمد على شبكة واسعة من المصادر في البلد، ارتفعت حصيلة القتلى منذ انطلاق عملية “ردع العدوان” إلى 602، بينهم 299 قتيلاً من هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة، و199 قتيلاً من القوات الحكومية والفصائل الموالية، و104 مدنيين.
"قوات إيرانية إلى سوريا"
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم الثلاثاء إن طهران ستدرس إرسال قوات إلى سوريا إذا طلبت دمشق ذلك، وإنه يخطط لزيارة روسيا لمناقشة الأزمة السورية من دون أن يحدد موعداً، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلامية.
وحذر عراقجي من أن "تمدّد" ما وصفها بـ"المجموعات الإرهابية" في سوريا "ربما يضر بالدول" المجاورة "مثل العراق والأردن وتركيا أكثر من إيران".
وإيران منخرطة عسكرياً في سوريا منذ بدء الحرب في البلاد عام 2011، من خلال عناصر تقول طهران إنهم "مستشارون عسكريون" يؤازرون القوات السورية بطلب من دمشق. كذلك تنشط في سوريا فصائل قريبة من إيران.
من جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم خلال محادثة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، إنه يرغب في نهاية "سريعة" للهجوم الذي شنته المعارضة في سوريا. وقال الكرملين في بيان، "شدد فلاديمير بوتين على ضرورة إنهاء العدوان الإرهابي لجماعات متطرفة على الدولة السورية بسرعة، وتقديم الدعم الكامل لجهود السلطات الشرعية لاستعادة الاستقرار والنظام الدستوري".
الاقتراب من حماة
وميدانياً، اقتربت "هيئة تحرير الشام" وفصائل معارضة متحالفة معها اليوم الثلاثاء من مدينة حماة في وسط سوريا، مع استمرار الهجوم المباغت الذي بدأته في شمال البلاد منذ ستة أيام، بينما تحاول قوات النظام منعها من الوصول إلى المدينة بدعم من الطيران الروسي.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن "اشتباكات عنيفة تدور في شمال محافظة حماة" التي تنطوي على أهمية إستراتيجية لوجودها على الطريق الرابط بين حلب في الشمال والعاصمة دمشق، فيما "ينفذ الطيران الروسي والسوري عشرات الضربات" على مواقع الفصائل المعارضة.
وبحسب المرصد، تُعدّ الاشتباكات "الأعنف" بين الطرفين، منذ بدأت فصائل المعارضة هجومها الذي سيطرت خلاله على مواقع عدة في المنطقة.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر عسكري اليوم أن "الطيران الحربي السوري الروسي المشترك يوجه ضربات جوية وصاروخية مركزة على ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي ويوقع عشرات القتلى والجرحى في صفوف الإرهابيين".
وشاهد مصور وكالة الصحافة الفرنسية صباح اليوم عشرات الدبابات والآليات التابعة للجيش السوري والمتروكة على الطريق المؤدي إلى حماة. وكان الجيش أعلن إرسال تعزيزات إلى المنطقة لإبطاء تقدم المسلحين خلال اليومين الماضيين.
وقال مسلح عرّف عن نفسه باسم أبو الهدى الصوراني، "نعمل على التقدم باتجاه مدينة حماة بعد تمشيط" البلدات التي سيطرنا عليها. وأمس الإثنين قصفت هذه الفصائل المدينة بصواريخ، مما أسفر عن مقتل ستة مدنيين، وفقاً للمرصد.
ضربة أميركية
في الأثناء، قال مسؤول أميركي اليوم إن الجيش الأميركي نفذ ضربة واحدة في الأقل دفاعاً عن النفس في محافظة دير الزور بسوريا خلال الليل، مضيفاً أن الضربة لا صلة لها بتقدم المعارضة حالياً في البلاد.
ولم يفصح المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، عن المستهدف في الضربة.
ويوجد عدد صغير من القوات الأميركية في قاعدة بأحد حقول الغاز في دير الزور وأحياناً تشن هجمات في المنطقة، بما في ذلك هجمات على قوات مدعومة من إيران.
ويوجد في المنطقة أيضاً مسلحون من تنظيم "داعش" الذين تقاتلهم القوات الأميركية منذ 2014.
نزوح الآلاف
وأصبحت حلب، ثاني كبرى مدن سوريا، خارج سيطرة النظام السوري للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في هذا البلد في 2011، مع سيطرة "هيئة تحرير الشام" وفصائل مدعومة من أنقرة عليها، باستثناء أحيائها الشمالية التي يسكنها الأكراد.
وأسفرت المعارك والغارات في شمال البلاد وشمالي غربها، التي لم تشهد لها سوريا مثيلاً منذ أعوام، عن مقتل 571 شخصاً منذ الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من بينهم 98 مدنياً، وفقاً للمرصد، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان.
وحتى السبت، نزح أكثر من 48500 شخص في منطقة إدلب وشمال حلب، أكثر من نصفهم من الأطفال، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). ومن بين هؤلاء آلاف من الأكراد السوريين الذين اصطفت سياراتهم وشاحناتهم أو دراجاتهم النارية المحملة بالفرش والبطانيات على طريق حلب-الرقة السريع (شمال)، وذلك للوصول شرقاً إلى المناطق التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" التي يهيمن عليها الأكراد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
طوابير الخبز
وفي إدلب التي قصفها الطيران السوري والروسي رداً على الهجوم على حلب، أظهرت صور عناصر إنقاذ بينما كانوا يبحثون بين أنقاض المباني التي دمّرتها الغارات التي استهدفت أيضاً مخيّماً للنازحين في حرنبوش. وقال حسين أحمد خضر، "لا أستطيع وصف الرعب الذي شاهدناه".
ومنذ السادس من مارس (آذار) 2020، يسري في إدلب وقف لإطلاق النار أعلنته موسكو وأنقرة، وأعقبه حينها هجوم واسع شنّته قوات النظام بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.
وفي حلب، أظهرت صور وكالة الصحافة الفرنسية مسلحين يقومون بدوريات في شوارع المدينة قرب القلعة التاريخية أو اتخذوا مواقع في المطار الدولي للمدينة التي يبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة.
كذلك، أظهرت صور سكاناً يقفون في طابور للحصول على الخبز الذي توزعه إحدى الجمعيات، بعدما أغلقت الأفران ومتاجر بيع الأغذية وفق المجلس النرويجي للاجئين.
وقال نزيه يرستيان البالغ 60 سنة وقد لزم وزوجته منزلهما في الحي الأرميني، "لم يهاجمنا أحد حتى الآن، لكننا نريد المغادرة إلى أن تهدأ الأمور".
وأفادت الأمم المتحدة اليوم بسقوط "كثير من الضحايا المدنيين، من بينهم عدد كبير من النساء والأطفال" في هجمات للطرفين، وبتدمير "ممتلكات مدنية، بما فيها مرافق صحية" وتعليمية و"أسواق للمواد الغذائية".
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن أقل من ثمانية فقط من مستشفيات حلب تواصل العمل وقد بلغت أقصى قدراتها الاستيعابية. وشبكة توزيع المياه متضررة، وفق المجلس النرويجي للاجئين.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة في جنيف جيريمي لورانس اليوم إن الهجمات على المدنيين والنظام الصحي في شمال غربي سوريا "مقلقة للغاية". وأضاف أن "المساعدات الحيوية غير قادرة على الوصول إلى منطقة النزاع" في حين أن المستشفيات والمؤسسات الصحية العامة في حلب مكتظة.
قطر تدعو إلى حل سياسي
وفي مواجهة استئناف الأعمال العدائية على نطاق واسع في سوريا بعد أكثر من عقد على بدء النزاع في البلاد، تزايدت الدعوات الدولية لوقف التصعيد.
وحذرت قطر المناهضة للنظام السوري اليوم من أن "الحل العسكري لن يؤدي إلى نتيجة مستدامة"، وأعلنت توفير مساعدات إنسانية للسوريين بالتنسيق مع تركيا.
ودعت الدوحة إلى التفاوض من أجل حل سياسي للأزمة وحماية المدنيين العالقين في مناطق القتال. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في مؤتمر صحافي، "نحث جميع الأطراف على خفض التصعيد فوراً ونؤكد ضرورة ضمان دخول المساعدات"، مؤكداً أن قطر "تدعم أي مبادرة يمكن أن تؤدي إلى تحقيق السلام الشامل" في سوريا.
العراق "لن يقف متفرجاً"
وأبلغ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال اتصال هاتفي بأن العراق لن "يقف متفرجاً على التداعيات" في سوريا حيث يعتقد أن "مكونات ومذاهب" تتعرض للتطهير العرقي، وفق ما أفاد بيان عن مكتب السوداني.
وذكر البيان أن رئيس الوزراء العراقي قال خلال مناقشة الوضع في سوريا مع أردوغان إن العراق سيبذل كل الجهود للحفاظ على أمنه وأمن سوريا. وأضاف، "ما يحدث في سوريا اليوم يصب في مصلحة الكيان الصهيوني (إسرائيل) الذي تعمّد قصف مواقع للجيش السوري بصورة مهّدت للجماعات الإرهابية السيطرة على مناطق إضافية في سوريا".
وتتمتع الحكومة العراقية بعلاقات وثيقة مع إيران حليفة الأسد، كما قاتل أفراد فصائل مسلحة عراقية في صف النظام السوري خلال الحرب.
وقال مصدران أمنيان عراقيان ومصدر عسكري سوري كبير لـ"رويترز" أمس الإثنين إن مئات من عناصر الفصائل المسلحة العراقية عبروا الحدود في وقت متأخر من مساء الأحد لمساعدة جيش الأسد في صد تقدم المعارضة.
وقال رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية التي تضم فصائل مسلحة رئيسة متحالفة مع إيران إنه لم تدخل أي جماعة تحت مظلة "الحشد" إلى سوريا.
من جهته، "صرّح أردوغان بأن الأولوية بالنسبة إلى تركيا هي الحفاظ على السلام على حدودها"، كما جدّد تأكيد "أهمية الحفاظ على وحدة واستقرار وسلامة أراضي سوريا"، وفق بيان صادر عن الرئاسة التركية.
وأضاف البيان أن أردوغان دعا "النظام السوري إلى الانخراط في عملية سياسية حقيقية لمنع تفاقم الوضع". كذلك، حذر الرئيس التركي من أنه "اتخذ وسيتخذ تدابير لمنع منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية و(المجموعات) المرتبطة بها من الاستفادة من التطورات" في شمال سوريا، الذي يضم كثيراً من المقاتلين الأكراد.