ما يرد في أذهان الإيرانيين: ماذا سيجلب عام 2025 للنظام الإيراني؟

آخر تحديث 2024-12-28 20:00:05 - المصدر: اندبندنت عربية

"الهلال الشيعي" الذي حاولت إيران إقامته من الشرق إلى الغرب ويمر عبر لبنان وسوريا، انهار في لحظة واحدة (اندبندنت فارسية)

ينتهي عام 2024 خلال وقت كانت فيه إيران دون شك أحد المحاور الكبيرة للأحداث هذا العام.

وكان عام 2024 مليئاً بالتحديات بالنسبة للنظام الإيراني، وبالعودة إلى ما شهده هذا العام من أحداث وتطورات يبدو أن العام المقبل (أي عام 2025) سيكون متأثراً بهذه الأحداث.

فـ"الهلال الشيعي" الذي حاولت إيران إقامته من الشرق إلى الغرب ويمر من لبنان وسوريا، انهار في لحظة واحدة وضاعت مليارات الدولارات التي أنفقها النظام من أجل تمويل وتجهيز الميليشيات الموالية له. وكذلك ضاعت الأموال التي أنفقها من أجل إرسال عناصر "الحرس الثوري" إلى هذه المناطق. لكن بغض الطرف عن الأموال التي أنفقها النظام، فإن الأمر الجدير بالاهتمام هو مكانة النظام التي فقدها خلال الأشهر الماضية.

أود هنا أن أستعرض أحداثاً سابقة، لعلنا نجد دليلاً نفهم من خلاله سبب بعثرة العملية التي حاولت إيران ترسيخها خلال الأعوام الماضية، لكن هل بدأت هذه الأحداث مع سقوط المروحية التي كانت تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أم مع اغتيال قائد "فيلق قدس" قاسم سليماني في العراق؟

وكان سليماني المسؤول عن توزيع الميليشيات المنتمية لإيران والجماعات الموالية لها في عدد من البلدان والعقل المدبر للعمليات ضد إسرائيل، وتولى مهمة الإشراف على اتصال هذه المجموعات ببيت مرشد النظام علي خامنئي، وقُتل قرب مطار بغداد إثر هجوم نفذته طائرات مسيرة بأمر من الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

البديل الضعيف

من جهة أخرى، لم يملك إسماعيل قاآني نائب سليماني لا قدرات ولا الكاريزما التي تمتع بها رئيسه، ولم يملك قدرة التواصل مع قادة الميليشيات المختلفة في بلدان المنطقة. ولم يكن قاآني يتحدث العربية وعمل لأعوام عدة في القطاع الاقتصادي والمالي لـ"فيلق القدس"، وليس في القسم العسكري والسياسي للفيلق. وفي خطوة أولى أقال القادة المعتمدين لدى سليماني وأحال بعضهم إلى التقاعد واستبدل بهم قادة مقربين منه. وكانت العقوبات الأميركية والضعف في استخدام التقنية الحديثة وعدم الاهتمام بالقدرات الاستخباراتية والأمنية لإسرائيل ضمن الأسباب التي جلبت الفشل للنظام، وفقد بموجبها حلفاءه في المنطقة.

وفي الوقت نفسه كان الاستياء الشعبي والاحتجاجات الداخلية في إيران تسببت بتحديات كبيرة في الداخل، وانتهج النظام سبيل القمع والاعتقالات والإعدام لمواجهة الشعب. لكن نمو التضخم وأسعار السلع يثير هلعاً لدى النظام من نشوب احتجاجات كبيرة أخرى.

هذا القلق لا يزال قائماً في أروقة النظام وخلال الوقت الحالي بعدما تدهورت مكانته وانهارت الدفاعات التي حاول كثيراً بناءها في المنطقة. ويحاول الاستمرار بالمساومة والتهديدات عبر عملائه وفي الوقت ذاته يسعى إلى السيطرة على الأوضاع الداخلية لأنه يعي أن الشعب يعرف نقاط ضعفه.

لغز مقتل رئيسي

كما أن ما تردد حول حادثة سقوط المروحية التي أقلت الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان المثيرة للجدل، تضع النظام أمام تحد كبير.

وكانت عملية "الوعد الصادق 1" أطلقتها إيران خلال ولاية رئيسي وشملت إطلاق عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة ضد إسرائيل. وكانت حكومة رئيسي من أكثر الحكومات تشدداً منذ تأسيس النظام. هذه الحكومة لم تكتف بقمع الاحتجاجات وقتل المحتجين، بل تسببت بتحديات كبيرة في السياسة الخارجية من خلال التصعيد في الملف النووي والاشتباك مع الغرب وإسرائيل.

ومن هذه التحديات هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 التي نفذتها حركة "حماس" ضد إسرائيل، والهجمات التي ينفذها الحوثيون ضد الملاحة البحرية والتجارية في البحر الأحمر، وتهديدات "حزب الله" وإطلاق صواريخ على شمال إسرائيل، مما جعل إسرائيل تنهمك في مواجهة حلفاء إيران على أكثر من جبهة.

ربما كان إبراهيم رئيسي قُتل وأزيح من الساحة من أجل إجراء انتخابات مبكرة حتى يصل مسؤول مختلف عنه إلى الحكم ليتبنى سياسات مختلفة.

الدعم الأميركي

وفي الانتخابات الأخيرة التي أُعلن فوز مسعود بزشيكان فيها، كان محمد جواد ظريف لعب أدواراً دعائية أكثر من المرشح الرئاسي نفسه وكان يروج للاستمرار في المفاوضات النووية واستئناف المفاوضات التي توقفت بسبب التصعيد الإيراني.
لكن عندما وجدت قوة كبرى مثل الولايات المتحدة أن أهم حليف استراتيجي لها (أي إسرائيل) يتعرض إلى خطر ويواجه تهديداً وجودياً فإن أية انتخابات أو تعيينات لا يمكنها وقف الدعم الأميركي لإسرائيل.
قُتل إسماعيل هنية في ليلة تنظيم مراسم أداء اليمين لمسعود بزشكيان، ثم قُتل قادة "الحرس الثوري" في لبنان وسوريا، واحداً تلو الآخر.

والأنفاق التي كان يُفترض أن تشكل حصناً آمناً لقادة "قوى المقاومة" الموالية لإيران دُمرت بقنابل أميركية خارقة.

وردت إسرائيل على عملية "الوعد الصادق 2" برد أكثر حدة واستهدفت المراكز العسكرية الإيرانية المهمة. وذكرت وكالة "رويترز" أن الأنظمة الدفاعية الإيرانية دمرت خلال تلك العملية.

لا يمكن أن تنفذ إسرائيل مثل هذه العملية دون التنسيق والدعم الأميركي. ببساطة فإن الولايات المتحدة وحلفاءها توصلوا إلى نتيجة مفادها أنه حان الوقت لإلغاء المجموعات المنتمية لإيران بسبب الأخطار التي تسببها لإسرائيل والغرب.

ولم تستطع أميركا وحلفاءها غض الطرف عن التعاون الإيراني مع روسيا في الحرب على أوكرانيا، وهجوم "حماس" و"حزب الله" على إسرائيل، وبعدها الهجوم الصاروخي الإيراني، إذ اعتبروا ذلك أمراً لا يمكن الصمت أمامه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


فقدان سوريا

وكان فقدان سوريا مرتبطاً بالأحداث التي شهدها لبنان، وكانت مقاومة القوات الإيرانية وميليشياتها في دمشق يكلفها رداً إسرائيلياً يجلب أضراراً كبيرة لإيران، على رغم أننا ما زلنا في حاجة إلى وقت أكثر لفهم الاتفاقات السرية بين الأسد وإسرائيل والغرب.

وكانت الهجمات الثقيلة والهادفة لإسرائيل ضد الميليشيات الحوثية في اليمن بدأت، بينما تشير تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أن هذه الهجمات ستستمر حتى القضاء على هذه الجماعة.

كما أن المشكلات المالية التي يعانيها النظام الإيراني لا تمكنه من دفع الكلف التي كان ينفقها في سوريا ولبنان، كما أن استمرار الاشتباكات خلال الأيام المتبقية من عام 2024 وعودة ترمب إلى البيت الأبيض، عوامل تجعل النظام الإيراني في موقع ضعف كبير.

تغيير الاستراتيجية

ولذلك تغيرت استراتيجية النظام وادعى أنه لا يملك أية ميليشيات في العالم وأن الحوثيين يتصرفون بصورة مستقلة وذاتية. هذا التراجع من قبل المسؤولين الإيرانيين يبدو أنه من أجل الاستعداد للتعامل مع عهد ترمب. إنهم يعلمون جيداً أنهم إذا ما خاضوا حرباً مع إدارة ترمب فإنه في ظل الإزمات الداخلية والاحتجاجات المتصاعدة في الداخل فإن النظام سينهار. وكان السماح بإقامة برامج لإحياء التقاليد الإيرانية في أطول ليلة في العام عبر منصات التلفزيون الحكومي المختلفة أو إرسال رسائل تهنئة، من قبل محمد جواد ظريف وزوجته بمناسبة أعياد الميلاد باللغة الإنجليزية تعد جزءاً من هذه المحاولات من أجل إرضاء الرأي العام وتبرير أدائهم لدى الرأي العام الغربي.

هذه التطورات تشير إلى أن العام المقبل سيكون مليئاً بالمنعطفات بالنسبة إلى النظام الإيراني وكذلك المواطنين الإيرانيين.

أحاول أن أرد على ما يرد في أذهانكم، هل سيتغير سلوك هذا النظام في المستقبل القريب؟

لا يعرف أحد الرد على هذا السؤال لكن من المنطق أن نقول إن إيران ليست سوريا أو لبنان أو العراق، إذ التغيرات والتطورات فيها مختلفة، لكن هذا التغيير في حاجة إلى وجود شخص يقود الشعب الإيراني ويتمتع بدعم القوات المسلحة، ويمكن أن يحدث هذا التغيير بصورة سلمية وعبر الاتفاق.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"