لوح العراق “بالمقاومة” ضد تركيا إذا رفضت سحب قوات لها تتمركز قرب الموصل، وذلك بعد يوم واحد من مطالبة وزراء الخارجية العرب أنقرة بالامتثال لطلب بغداد.
وقال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في مقابلة مع رويترز، الجمعة، إن العراق يرفض الحرب “لكن إذا أصر الطرف المقابل فالخيار مفتوح”.
وتحدث الجعفري في القاهرة غداة اجتماع غير عادي لوزراء خارجية الجامعة العربية طالبوا فيه تركيا بسحب نحو 150 جنديا من معسكر بعشيقة قرب الموصل بشمال العراق الذي تقول أنقرة إنها تجري فيه مهام تدريب تستهدف تنظيم الدولة، وتقول بغداد إنه “تغلغل غير قانوني” تم بدون موافقة الحكومة العراقية.
وقال الوزير العراقي الذي تولى منصبه العام الماضي في حكومة حيدر العبادي التي تشكلت بعد رحيل حكومة نوري المالكي، “العراق متمسك بالطرق السلمية، وليست لدينا نية أن نمضي في طريق التصعيد، لكن إذا أصر الطرف المقابل فالخيار مفتوح، المقاومة مشروعة عندما تنتهك سيادتك”.
وطالبت جامعة الدول العربية تركيا بسحب قواتها من شمال العراق دون قيد أو شرط بعدما اشتكى العراق لمجلس الأمن الدولي من “الانتهاك التركي” لأراضيه. وقالت وزارة الخارجية التركية هذا الأسبوع إن تركيا ستواصل نقل بعض جنودها من محافظة نينوى التي يوجد بها المعسكر، لكن دون الكشف عن طريقة نقل القوات أو مكان نقلها.
وحث الرئيس الأمريكي باراك أوباما نظيره التركي رجب طيب أردوغان على “نزع فتيل التوتر” مع العراق بمواصلة سحب القوات التركية.
وسحبت أنقرة بعضا من هذه القوات الأسبوع الماضي إلى قاعدة أخرى داخل إقليم كردستان العراق، لكن بغداد أصرت على ضرورة سحب القوات من كامل الأراضي العراقية.
واتهم الجعفري تركيا “بالالتفاف” على مطلب سحب القوات بإعادة نشرها في مناطق أخرى.
وقال: “حتى الآن لا يوجد تجاوب من تركيا للمطلب العراقي بسحب القوات، بل هناك التفاف بالقول إنهم سيعيدون انتشار القوات. ما الذي يعنيه نقل القوات من مكان بالعراق إلى مكان آخر بالعراق؟ السيادة واحدة والأرض واحدة والانتهاك واحد”.
وأضاف: “أتمنى أن تتحلى تركيا بالحكمة والعقلانية وألا ترتكب هذا الخطأ. لكن عندما ترتكب هذا الخطأ فالشعب لن يسكت ولا الدولة. إذا فرض القتال فرجال العراق أشاوس وأبطال. إذا فرضت علينا الحرب سنواجه الحرب بالحرب. من يفرض الحرب هو الطرف المقابل بعدم استجابته لمطلب العراق”.
العراق وتركيا والتحالف
وبدا الجعفري وكأنه يطالب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في قتال تنظيم الدولة بمساندته في موقفه.
وقال: “العراق أيضا عنده تحالفات مشروعة مع دول التحالف، وإذا لم يرق (التحالف) الآن لمسؤوليته فإنه يؤثر على نفسه”.
وتقصف طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق مواقع لتنظيم الدولة، وتنطلق بعض هذه الطائرات من قاعدة “إنجيرليك” التركية بعدما سمحت تركيا باستخدامها في تموز/ يوليو الماضي.
ويسيطر التنظيم المتشدد على مساحات من أراضي العراق وسوريا المجاورة، وتحاصر قوات عراقية مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، في معركة تقول قيادات أمنية عراقية إنها قد تمتد أياما.
واعتبر الجعفري أن المعركة حول الرمادي تسير بشكل جيد، وجدد الاتهام لتنظيم الدولة باستخدام المواطنين في هذه المدينة كدروع بشرية.
وقال: “داعش يفهم الطبيعة العراقية ويفهم أننا لا يمكن أن نقتحم حيا به دروع بشرية.. أطفال ونساء. الأساليب الوحشية نواجهها بالتضحية”، واستطرد: “العراقيون شجعان ومستبسلون، لكن لا نقتحم حيا أو منطقة بها دروع بشرية”.
وأضاف: “هذا يعقد الأمور قليلا لكنه لا يغير النتيجة، يأخذ بعض الوقت لكن التقدم مستمر”.
الأولوية لمكافحة الإرهاب وليس لتغيير النظام
قال الجعفري، الذي سبق المالكي في رئاسة الوزراء وقضى في المنصب ما يزيد بقليل على عام واحد، إن الصراع في سوريا يؤثر على جميع دول المنطقة وبينها العراق، وأشار إلى أن الأولوية الآن يجب أن تنصب على مكافحة “الإرهاب” في هذا البلد الجار.
وأضاف أنه بعد نحو خمس سنوات من القتال في سوريا أصبح الشعب هو الضحية، وطالب باحترام إرادة الشعب السوري في تقرير مصيره.
وقال الجعفري: “دول العالم جربت المطالبة بتغيير النظام، لكن الشعب السوري مختلف على النظام منهم من معه ومنهم من ضده، فمن يخول بتغيير النظام؟”.
ويبدو هذا الطرح قريبا من الموقف الروسي، إذ ترفض موسكو مطالب دول غربية برحيل الرئيس السوري بشار الأسد وتدعمه بحملة غارات جوية ضد معارضيه منذ نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي.
وأكد الجعفري وجود تعاون “معلوماتي” مع روسيا، لكنه نفى وجود أي تحالف عسكري مع الروس.
وقال: “روسيا وجهت ضربات قصمت الظهر إلى مناطق متعددة في سوريا، إذا كان هذا هو مفهوم التدخل الروسي فلا وجود له بالعراق”.
وأضاف: “إذا كان هناك تعاون للحصول على معلومات نعم نحن نستفيد من المعلومات”، وزاد: “الحرب على الإرهاب تعتمد بصورة كبيرة على المعلومات المخابراتية”.
وتابع: “لكن لا يوجد تحالف عسكري بيننا وبين روسيا. إذا طلبت روسيا تعاونا أكبر من العراق (كاستخدام المجال الجوي) فسينظر في ذلك مع الحفاظ على سيادة العراق، ومراعاة الدستور العراقي، وكذا مراعاة التزامنا تجاه التحالف الدولي”.