[بغداد – أين]
قال وزير المالية هوشيار زيباري، ان احتياطي البنك المركزي العراقي انخفض إلى 59 مليار دولار، كاشفا انه تم التفكير بعدم منح رواتب الموظفين كاملة وابقاء بعضها كقروض، بسبب انخفاض اسعار النفط.
واوضح "في العام الماضي، نجحنا في توزيع الرواتب، لكن هذا العام ووفقا للتقديرات المتوفرة لدي، فإننا قد نتعرض إلى اشكالية في شهر نيسان وقد لا نتمكن من توزيع رواتب الموظفين لذلك الشهر، وهذا واقع ويجب أن يعرفه الناس".
وحول امكانية ارتفاع اسعار النفط، بين وزير المالية ان "هناك أطرافا كثيرة تقدر أسعار النفط، وشركات خاصة بأسعار النفط، وشركات قانونية، ومصارف عالمية كبيرة"، لافتا إلى ان "مسألة سعر النفط مرتبطة بالطلب والعرض، فمتى ما ازداد العرض قلت الاسعار، ويقال إن نسبة العرض ستقل في خريف هذا العام، مما يؤثر على سعر النفط، الذي حدث، فالموضوع النفطي مرتبط بالوضع الذي يمر به الاقتصاد العالمي، لكن النفط سيبقى محافظا على قيمته كسلعة استراتيجية".
واضاف ان "أسعار النفط وصلت إلى هذا المستوى سابقا ايضا لكنها ارتفعت لاحقا"، مستدركا "لكن في هذا الزمان لا احد يستطيع ولا حتى العراق الاستمرار على السياسة السابقة، لأن من المحال العيش على عائدات النفط فحسب، فسعر البرميل الواحد من النفط انخفض من 120 دولارا إلى 30 دولارا، وإذا اقتصر الاعتماد على النفط فإن كل شيء سيصاب بالشلل، وقد يأتي وقت لا تستطيع فيه توزيع الرواتب حتى، لذا يجب التفكير في جميع المصادر الاقتصادية".
وأشار الى ان "هناك عدة بدائل [للنفط]، من بينها الاقتراض من المؤسسات الدولية بفوائد قليلة، وقد فعلنا ذلك، فعلى سبيل المثل تلقينا مساعدة من صندوق النقد الدولي، وقبل أيام تسلمنا مليارا و200 مليون دولار من البنك الدولي، وادخلنا برنامجا رقابيا على كيفية إدارتنا السياسة المالية والاقتصادية، وإذا نجحنا قد نحصل على مساعدة أكثر منهم، كما نعتزم بيع السندات السيادية، لأن الوضع في العراق هذا العام أفضل من العام الماضي من هذه الناحية".
وأوضح ان "الخيار الآخر يتمثل في كيفية رفع سعر صرف الدينار العراقي، وعلى الرغم من أنه اختيار خطر وقد تكون له تداعيات، لكننا فكرنا في عدم منح الرواتب كاملةً، وأن نبقي بعضها لدينا كقروض، وأن نمنح مستندا بأننا سنعطي المال متى ما توفر لدينا، والخيار الآخر يتمثل في بيع النفط واستلام المال مقدما، اضافة إلى خيار رفع تسعيرة خدمات المياه والكهرباء والمحروقات، لكنه ليس سهلا، فأي حكومة تطبقه تكون عرضة لردود أفعال المواطنين، والقرارات الاقتصادية مؤلمة، لكن يقال إن أي قرار اقتصادي إن لم يكن مؤلما فهو ليس بقرار، وهناك 7 ملايين شخص يتقاضون الرواتب من مجموع سكان العراق البالغ عددهم 36 مليونا، ونوزع شهريا رواتب تقدر بأربعة مليارات دولار".
وعن تخصيصات البيشمركة، ضمن الموازنة العامة، قال "في هذين العامين تم اعداد الموازنة المالية للعراق في موعدها، وهذا لم يحدث في تاريخ العراق، وقد تحدثنا مع رئاسة اقليم كردستان ورئاسة الحكومة لنحاول تثبيت حصة اقليم كردستان من الموازنة كما هي مثبتة في العام الماضي، نحن نحفظ حصة اقليم كردستان كواجب ملقى على عاتقنا، وإذا صدر اقليم كردستان النفط عبر شركة سومو فإنه سيتم تزويده بالموازنة من النفقات الفعلية، لأنه لم تبق أموال لدى العراق".
وبين "بخصوص موازنة البيشمركة، فهي موجودة في الموازنة، موازنة البيشمركة ضمن البرنامج السياسي التأسيسي للحكومة، وهي محسوبة ضمن القوات البرية العراقية، وقمنا بتأمين تلك الموازنة لمدة ستة أشهر، وذلك وفقا للاتفاقية النفطية بين اربيل وبغداد، لكنها علقت لاحقا، وحاليا عندما نتحدث مع الحكومة تقول إنها مستعدة لمنحها".
ولفت إلى ان "المال متوفر، قبل عدة ايام تحدثت في مجلس الوزراء عن عدم ارسالهم رواتب البيشمركة، فقالوا إنهم لم يقرروا ألا يرسلوه لأن هناك مشاكل داخلية، فقلنا إنه لا يمكن أن يتخذوا من ذلك ذريعة لعدم ارسال موازنة البيشمركة"، موضحا "اقصد أنه ليست هناك أية قرارات بعدم ارسال موازنة البيشمركة، لكن العبادي هو من يجب عليه اتخاذ هذا القرار بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة".
وعن منح موزانة الحشد الشعبي، دون البيشمركة، قال زيباري ان "الحكومة هي حكومة الحشد، حكومة شيعية، وهم يشكلون الغالبية، لكن أنت لديك ثلاثة أو اربعة وزراء [الوزراء الكرد]، ورواتب البيشمركة لا ترسلها الحكومة التي رئيسها هو القائد العام للقوات المسلحة، موازنة البيشمركة ليست عندي كي أحجبها ولا ارسلها، موازنة البيشمركة محسوبة على موازنة وزارة الدفاع العراقية"، مؤكدا "لم ترسل اية اموال للبيشمركة منذ شهر حزيران من العام الماضي".
وعن موقف السياسيين الاكراد في بغداد، من موازنة البيشمركة، بين "للاسف موقف الكرد في بغداد ليس موحدا، دور الكرد في بغداد كان ضعيفا، لكن موقفهم بخصوص الموازنة كان موحدا، نعم بعض الاطراف قالت للعبادي إن الاموال التي تذهب للبيشمركة يستفيد منها طرف واحد فقط، وهذا واحد من الاسباب التي دفعت العبادي إلى عدم إرسال المال للبيشمركة".
وتابع "يجب كشف بعض الأمور للمواطنين، صحيح أننا نتحدث عن عدم إرسال الموازنة، لكن هذا لا يعني أن الحكومة العراقية ليس لديها أي التزام أمام إقليم كردستان، فهناك النفقات السيادية والنفط والدواء والبنزين والغذاء، والحكومة العراقية صرفت كل تلك المواد لكردستان، هناك مؤسسات سيادية في العراق، مثل حرس الحدود والجنسية وحقوق الفلاحين ورواتبهم مستمرة، أما حرس الحدود فهم تابعون لوزارة الداخلية، ونحن نصرف الموازنة التشغيلية للوزارة شهريا".
وعن صرف مبالغ للسدود في اقليم كردستان، قال "اعتقد ذلك، فمن ضمن المليار و200 دولار التي اقترضناها من البنك الدولي؛ تم تخصيص 200 مليون لسد الموصل".
وفيما يخص صرف رواتب ومصروفات المعابر الحدودية في الإقليم، بين ان "اقليم كردستان لا يرسل عائدات المعابر الحدودية إلى بغداد".
وفيما إذا كانت محافظات الإقليم تُمنح حصة ضمن موازنة تنمية المحافظات، أكد زيباري "تمنح لكن ليست كاملة، فعندما قمنا بترشيد النفقات شمل ذلك جميع المجالات وبضمنها تنمية المحافظات، لكننا منحنا خصوصية لمحافظة كركوك، أما بخصوص حلبجة فقد كانت موازنتها العام الماضي ضمن موازنة السليمانية لكننا خصصنا لها شيئا ضمن الموازنة هذا العام".
وحول ديون العراق السنوية، أوضح وزير المالية ان "الديون كثيرة، ونعيد نسبة منها سنويا، وهو ما يرفع شأن الدولة العراقية، لكن قرض نادي باريس لن يرتفع فمنذ توقيعنا الاتفاقية اتفقنا على الغاء 80% من ديون العراق ليسدد فقط 20% منها على شكل أقساط، لدينا ديون داخلية وخارجية تبلغ 30 مليار دولار، وهي قليلة قياسا بالدول الاخرى".
وعن اجمالي واردات العراق، لفت وزير المالية، الى ان "موازنة العراق 105 تريليونات دينار، والايرادات الفعلية 80 ، والعجز 25 تريليونا، واتفقنا مع صندوق النقد الدولي على ضرورة أن تكون الايرادات والمصروفات متساوية، ونحن في اختبار هذا العام".
وتطرق اللقاء إلى البنك المركزي، حيث اوضح وزير المالية ان احتياطي البنك "كان يبلغ 70 مليار دولار في السابق، لكنه انخفض إلى 59 مليارا، ولا نستطيع التلاعب به، وللخلاص من الأزمة في العراق يمكن للبنك المركزي أن يدعم الحكومة العراقية بـ7 مليارات دولار".
وتطرق زيباري في حديثه إلى الاتفاق النفطي بين بغداد واربيل، قائلا، ان "كلا الطرفين لم يلتزما بالاتفاق"، لافتا إلى ان "العلاقة بين اربيل وبغداد ليست متعلقة بالموازنة فحسب، هناك مجموعة من العلاقات التجارية والامنية بينهما، هناك مجموعة من العلاقات التي يحتاجها الطرفان، هذا البلد فيدرالي لكن بعض الاشخاص ممن كانوا أو مازالوا في الحكومة لا يستوعبون ذلك، لكنني أرى أن العراق سيخطو خطوات أكبر نحو الفيدرالية، وحاليا هناك علاقات بين اربيل وبغداد، ومسعود [رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني] تحدث عدة مرات مع رئيس الوزراء العراقي هاتفيا، ويتم تبادل الرسائل بينهما، وهناك وفود".
وعن سؤاله عن سبب عدم قيام وفد من الإقليم بزيارة بغداد حسبما كان مقررا له، اجاب زيباري "لا اعرف الحقيقة، كنت وسيطا لذهاب الوفد إلى بغداد، وحصلت على الموافقة وتم تحديد الموعد، لكن بغداد كانت سببا مرة، كما كان الطرف الآخر سببا مرة ايضا"، مؤكدا "لا شيء أفضل من التفاوض".
وعن امكانية تشكيل إقليم للسنة في العراق، قال زيباري "يحق لهم وفقا للدستور، لكن الامر متوقف على قادة السنة، وما إذا كانوا يفضلون أن يصبحوا اقليما مثل اقليم كردستان، وأرى أن العراق سيخطو خطوات أكبر نحو الفيدرالية في المستقبل"، مبينا "قناعتي أن العراق كدولة لديه الكثير من المقومات السياسية والاقتصادية والاقليمية، ليحصل على دعم خارجي قوي".
وعن سؤاله عن مدى افق الدولة الكردية وهل هي قريبة ام بعيدة، اجاب زيباري، باعتباره وزيرا سابقا للخارجية "يبقى الامر رهنا بتقديرات الظروف، الكرد لديهم حق تقرير المصير، وهذا وارد في ديباجة الدستور، الذي يقول إن الشعوب العراقية تبقى معا طالما هي ملتزمة بالدستور، لكن إذا اخترق الدستور فالفرص متاحة، وأنا اقول إن هذه الحكومة افضل من الحكومة السابقة، هناك مجال لأن نتوصل لعدة اتفاقات معها، هذه الحكومة تبحث عن الحلول أكثر، وتقدر الوضع في كردستان، وتقدر المشاكل الداخلية في اقليم كردستان، ولا تجعل من نفسها طرفا فيها".
واستدرك "أنا لا أسعى للتبرير لحكومة العبادي، لكن هذه الحكومة ليست لديها النية على معاداة الكرد، وهي افضل من الحكومة السابقة، فعلى سبيل المثال لم تخلق اي مشكلة لحكومة اقليم كردستان التي تبيع النفط بشكل مستقل منذ حزيران من العام الماضي، لكن مع هذا لديها الكثير من التقصير".
وفيما يتعلق بالمشاكل بين الإقليم والمركز، أكد زيباري ان المشاكل لم تكثر، "لأنه كانت هناك آلية للحل، وهي متواصلة".
وحول شخصية رئيس الوزراء حيدر العبادي، قال زيباري ان "العبادي صعب في التعامل، لكنه متعاون، في الكثير من الاحيان يتردد في القرارات، لكنه يتلقى دعما من جميع الأطراف في الداخل والخارج، يقال إنها فرصة للعراق، لتخليصه من الحرب ضد الإرهاب وأن تتجه الحكومة نحو الإصلاح، وألا تكون حكومة طائفية، أو عائدة لايران، لذا فقد تلقت دعما أكبر من الحكومة السابقة".
ورأى زيباري انه "سيكون شيئا جيدا"، فيما اذا تم عقد اتفاق جديد بين بغداد واربيل.انتهى