شرب مياه الامطار .. خيار الموصليين “المُر” لمواجهة الكارثة
في متفرقة 12 ديسمبر, 2016 2 زيارة
بغداد/SNG قدور طبخ قديمة وحوض سباحة بلاستيكي للأطفال، وضعتها عائلة موصلية على سطح منزلها لغرض جمع مياه الامطار التي تساقطت بغزارة على مدينة الموصل الاسبوع الماضي، في خيار بات “وحيداً” لمواجهة ازمة خانقة تهددهم بـ”العطش والاوبئة والامراض”.
وتحرص عائلة (الحاجة ام محمد) الساكنة في حي التحرير بساحل الموصل الايسر، على مراقبة تلك القدور مع أفراد عائتها حتى تمتلئ بمياه تلك الأمطار، ليتمكنوا من الاستحمام بعد مفارقته لأكثر من شهر منذ انقطاع وصول المياه الى احياءهم التي تحررت من قبضة تنظيم “داعش”، فيما تقوم العائلة بترشيح تلك المياه بقطعة قماش لشربها واستخدامها في طهي الطعام.
نصف مليون موصلي بلا مياه
ويعاني قرابة نصف مليون من اهالي الساحل الايسر في مدينة الموصل، من انعدام مياه الشرب، بحسب منسقة العمليات الانسانية لمنظمة الأمم المتحدة ليز غراند، التي حذرت من عواقب “كارثية”، سيما على الاطفال والنساء والعائلات الموجودة في المدينة.
وتعرب ( الحاجة ام محمد )، عن املها بأن “يكفي ما جمعت عائلتها من مياه الامطار ليوم او يومين”، مشيرة الى أن “داعش تعمّد بقطع انبوب المياه عن عدد من أحياء المدينة، سيما الزهراء والتحرير والمحاربين”.
وفي هذا السياق، يقول (أ. ط.) وهو استاذ جامعي ترك عمله منذ سيطرة التنظيم على المدينة في العام 2014، إن “الماء الصالح للشرب انقطع عن احياء التحرير والزهراء والمحاربين والنهضة والقادسية الثاني والزهور واحياء اخرى”.
ويضيف لـ السومرية نيوز، أن الانباء تتحدث عن تضرر في أنبوب رئيسي يوصل المياه الى تلك المناطق نتيجة معارك التحرير مع داعش، في وقت تتحدث انباء اخرى عن تعمد التنظيم قطع تلك المياه لمعاقبة الاهالي بعد تعاونها مع القوات الامنية.
محطتان للمياه في الموصل بقبضة “داعش”
ويعتمد أهالي الموصل على محطتين أساسيتين لمياه الشرب، تقع الأولى في منطقة الغابات في الجانب الايمن للمدينة (جنوبي الموصل)، والثانية قرب كنيسة الحاوي في الساحل الأيسر للمدينة (شرقي الموصل)، في وقت تشير الانباء الى سيطرة “داعش”على المحطتين حيث اوقف عمداً ضخ المياه للسكان.
تقول (ن. م.) لـ السومرية نيوز، إنها ونساء اهالي الحي بدأوا باستخدام مياه الابار التي يأتي بها ابناءهم بعد طابور طويل نهايته الحصول على ماء “مج” وغير صالحة اصلاً للإستهلاك البشري، مبينة ان طعم تلك المياه “مُر” وهو “غير نقي”.
كما تبدي تخوفها من امراض جلدية ومعوية قد تصيب اطفالها الثلاثة، مع عدم وجود الوقود لتعقيم تلك المياه أو تسخينها على الاقل.
مناشدات وخوف من امراض واوبئة
على الصعيد ذاته، يناشد الحاج طالب مأمون، عبر السومرية نيوز، قوات الجيش العراقي والاجهزة المختصة، سيما الخدمية بـ”معالجة عاجلة وفورية لموضوع المياه خوفا من تفاقم الازمة وانتشار الامراض والاوبئة”، موضحاً أن “شاحنات المياه التي تصل كمساعدات غير كافية”.
ويبين مأمون أن شباب الحي بدأوا بحفر ابار على عمق ستة أمتار لاستخراج المياه لكن رائحته “كريهة” وطعمه “مُر”، إلا “أننا مضطرين لاستعمالها”، .
وصول “مستحيل” لفرق الصيانة
من جهته قال عضو مجلس محافظة نينوى حسام العبار، إن “فرق الصيانة لا تستطيع الوصول إلى خط الأنابيب لأنه يقع في منطقة تشهد معارك”، مشيرا الى أن “السلطات تقوم بإرسال نحو سبعين صهريج مياه يوميا إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش، لكن هذا لن يكون كافيا للسكان، خاصة وأن مسلحي داعش هاجموا بعض الصهاريج”.
وأشار العبار إلى أن “نحو 1.5 مليون شخص ما زالوا في المدينة”، مناشدا “المنظمات الدولية للمستشفيات بتقديم المساعدات، حيث يرقد المصابون جراء المعارك والقصف المتبادل”.
العبار اتهم في حديث لـ السومرية نيوز، وزارة البلديات بانها “لم تفعل أي مجهود للمناطق المحررة في الساحل الأيسر”، لافتا الى أن مدير دائرة ماء المحافظة اخبره بأن وزارة البلديات لم تخصص فلسا واحدا للمحافظة وليس لديها أي آليات لتقديم المساعدة ونقل المياه عبر ناقلات تخصص من قبلها.
وتشهد مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، منذ إعلان القائد العام للقوات المسلحة العراقية حيدر العبادي، صباح يوم الـ 17 تشرين الأول 2016، “ساعة الصفر” لتحرير نينوى، معارك عنيفة تخوضها القوات العراقية المشتركة مع مسلحي تنظيم “داعش”.
وفر أكثر من 80 الف شخص من منازلهم منذ اطلاق عملية استعادة الموصل، لكن مازال هناك اكثر من مليون شخص عالقون داخل ثاني اكبر مدينة في العراق بعد العاصمة، يعيش نحو 600 الف منهم في الساحل الايسر للمدينة (شرقي الموصل).