البيضة بـ1500 دينار والراشي بـ18 دولار.. تعرف على يوميات أيمن الموصل
الصورة أعلاه، حازت على جائزة صورة الصحافة العالمية لعام 2017 فئة "تغطية إخبارية للحدث"، اسم الصورة "المعركة من أجل الموصل" المرتبة الثالثة للمصور فيليبي دانا.
العراق/بغداد
هناك في تلك البقعة القاسية على الساحل الأيمن لمدينة الموصل، لن تجد سوى الموت والرعب والبرد القارس.. نساء ينتحرن.. عائلات بأسرها تقضي تحت لهيب المأساة.. يتجرعون الويل تحت رحمة ذلك التنظيم الإرهابي القاتل والمسمى بداعش منذ 2014.
فتاة من مدينة الموصل، تحدثت عن ما وصفتها بالكوارث البشرية من مجاعة وهلاك في الساحل الأيمن للمدينة، قائلة "الناس والأطفال هناك يموتون من الجوع والبرد، ومن نقص الغذاء، لدرجة أن رجلاً استبدل سيارته التي يقدر سعرها بـ(2200) دولار أمريكي، ببرميل واحد من النفط الأبيض للاستعمالات المنزلية "طبخ وتدفئة"، حصل عليه من الحراقات النفطية التي أنشأها تنظيم داعش من سرقة الآبار، وآخر حصل مقابل قطعة "فراء حيوانية" حقيقة "عبارة عن عباءة غالية يحتفظ بها منذ سنوات طويلة"، بعلبة زيت نباتي وكيس من السكر".
الفتاة وصفت "بؤس الأطفال وحالهم المأساوي، بلا تغذية أو لقاحات أو حفاظات، ولاسيما الرضع الذين جف حليب أمهاتهم بسبب الجوع وانعدام الطعام وغلائه، حتى وصل سعر البصل إلى خمسة آلاف دينار عراقي للشدة الواحدة".
واستطردت قائلة "البصل الأخضر الطازج ذو الأطراف الطويلة، كان رخيصًا في السابق بسعر يصل إلى 250 دينار، والعلبة الصغيرة من "الراشي"، أصبحت غالية هي الأخرى بأكثر من 18 دولارا، في الساحل الأيمن".
وأضافت "لجأت الأمهات إلى طحن الرز ومزجه مع الماء على شكل حليب لمنحه لأطفالهن الجياع، حتى لا يموتون، بانتظار أن تحررهم القوات الأمنية سريعا من سيطرة داعش في معركة بدأت يوم 19 شباط الجاري".
وأكدت أن المواد الأساسية كالدقيق والرز، المواد الأساسية المعتمدة في البيوت الموصلية، مفقودة وبأسعار خيالية أن وجدت، كما ذكرت الفتاة أسعار بعض المواد ومنها علبة الزيت الخاص بالطبخ التي وصلت لـ"13 ألف دينار"، وكيس الدقيق وصل إلى نحو 120 دولارا أمريكيا، وصفيحة النفط الأبيض لـ100 دولار، والبيضة الواحدة لـ1500 دينار.
أما السكر كما قالت الفتاة، فهو مفقود من الساحل الأيمن، مؤكدة أن تنظيم داعش، قام بسرقة مادة السكرين من معمل المشروبات الغازية، ليبيعها للمواطنين بسعر 2000 دينار لكل خمسة كيلوات.
وتابعت، "هناك مرضى بحالات صعبة وحرجة يحتاجون لتدخل جراحي، ماتوا في المستشفيات لعدم توفر الأدوية ومادة المخدر (البنج)، وكذلك حالات ولادة ومنها التي تتطلب عمليات قيصرية أجريت دون مخدر".
وأضافت الفتاة: "صديق خالي أخبرنا في اتصال سري من حي في الساحل الأيمن، أنه اتجه إلى دولاب أو "كنتور" غرفة أسرته، لتكسيره إلى حطب ليطهون عليه ما يتوفر من بطاطا، وطماطم، والجلوس حول القدر والنار الهادئة التي تحته لأخذ الدفء منها، حتى بنت خالتي التي هي من العائلات الغنية في الساحل الأيمن، نفذ كل ما لديهم من خزين جمعوه للحرب، وحاليا يسكنون في سرداب ويأكلون ما تبقى على شكل وجبات خفيفة تكفيهم على أمل تحررهم قريبا. وبينت أن "المال غير متوفر، فقط داعش هو من يلعب بالأموال يبيع ويشتري، حتى المياه يبيعها بصفائح سعة 22 لترا، للناس الذين يقفون في طابور طويل للحصول على صفيحة واحدة".
واختتمت الفتاة حديثها بوصف الوضع في الساحل الأيمن للموصل بالكارثي، فالموت يحاصر الناس، فهناك من يغشى عليه جوعا، وهناك عائلات كاملة تنتحر لعجزها توفير الطعام والدفء لأطفالها الذين أكل برد الموصل الذي لا يحتمل الكثير منهم.