تل أبيب: واشنطن أوضحت للسلطة أنّها ستُفشل كلّ محاولةٍ لتدويل القضيّة الفلسطينيّة والدعم الماليّ انخفض بنسبة 70 بالمائة وموقف عبّاس بات مُحرجًا جدًا
2017-02-25 00:00:00 - المصدر: راي اليوم
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
يُلاحظ في الفترة الأخيرة أنّ الخطاب الرسميّ الإسرائيليّ لا يتطرّق، لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ إلى المفاوضات مع الفلسطينيين، كما أنّه يتجاهل عن سبق الإصرار والترصّد السلطة الفلسطينيّة ورئيسها محمود عبّاس، لأنّه برأي المصادر السياسيّة في تل أبيب فإنّ تغيّر الحكم في أمريكا شطب كلّ إنجازات عباس السياسيّة، وفي مقدّمتها قرار مجلس الأمن الدوليّ حول عدم شرعيّة المستوطنات.
وبحسب المُستشرق الإسرائيليّ، يوني بن مناحيم، الذي خدم سنوات طويلة في الشاباك، ويعمل اليوم باحثًا في المركز الأورشليمي لدراسات السياسة والمجتمع، فإنّ الإدارة الجديدة أوضحت لعبّاس أنّها ستُعرقل الجهود المبذولة لتدويل الصراع في المؤسسات الدوليّة مثل الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية في لاهاي، الأمر الذي سيسحب من يديه ورق مساومة مهمة في صراعه السياسيّ ضدّ إسرائيل، على حدّ تعبيره.
ولفت المُستشرق، الذي اعتمد على مصادر إسرائيليّة رفيعة، إلى أنّ الوضع الاقتصاديّ للسلطة الفلسطينية أيضًا صعب جدًا، ورئيس الوزراء الفلسطينيّ رامي الحمد الله أعلن أنّ المساعدات الخارجية انخفضت بنسبة 70 بالمائة، وأنّ حكومته تمر بظروفٍ قاسيةٍ: المفاوضات السياسيّة مع إسرائيل عالقة، الاستيطان مستمر، وعبّاس يعتمد اعتمادًا كليًا من ناحيةٍ سياسيّةٍ، اقتصاديّةٍ، وأمنيّةٍ على إسرائيل وأمريكا.
يبدو، تابع بن مناحيم، أنّه سيصعب على عبّاس في الفترة المقبلة الإشارة لإنجازات مهمّة حققها حكمه، ممّا سيُشدد الانتقاد ضده في الوقت الذي تستمر به معركة الخلافة وخصومه الذي يسعون لخلافته سيخرجون عن طورهم.
علاوة على ذلك، لاحظ المُستشرق الإسرائيليّ أنّه للمرّة الأولى منذ انتخاب عباس لرئاسة السلطة، حدث أمر في الساحة السياسيّة الفلسطينيّة الداخليّة، فقد تجرأ سياسيّ فلسطينيّ رفيع المستوى من داخل صفوف منظمة التحرير، وطالب عبّاس بوضع المفاتيح والذهاب للبيت. وأضاف أنّ الحديث هو عن عضو المكتب السياسيّ للجبهة الشعبية رباح مهنا.
ما أغضب مهنا، أضاف بن مناحيم، كان مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا لترامب ونتنياهو في البيت الأبيض، حيث يرمز، حسب وجهة نظره، لفشل سياسات عبّاس بالمفاوضات مع إسرائيل وفشل اتفاق أوسلو. لذلك، نشر في 19 فبراير بيانًا طالب فيه عباس و”فريق أوسلو” بالذهاب للبيت بعد أنْ فشل مشروعهم بالمفاوضات مع إسرائيل، وتمهيد الطريق لمنظمة التحرير لتقود خطّةً مصاغةً بشكلٍ ديمقراطيٍّ لتحرير الشعب الفلسطينيّ.
وأضاف أنّ رجل معارضة آخر، البروفسور عبد الستار القاسم من جامعة النجاح في نابلس، قال في 20 فبراير إنّ عبّاس يفقد شرعيته ولا يُمثل أبناء شعبه، وطالب بمحاكمته على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطينيّ في الضفّة الغربيّة وخارجها.
وبرأي المُستشرق الإسرائيليّ، فإنّ المطالبة من داخل منظمة التحرير باستقالة عباس فورًا من منصبه، رغم أنّها جاءت من قبل منظمة معارضة، هي تجاوز للخط الأحمر، وظاهرة من شأنها أنْ تقود لتصعيدٍ طالما أنّ رئيس السلطة غير قادر على تحقيق أهدافٍ سياسيّةٍ واقتصاديّةٍ لشعبه.
وشدّدّ المُستشرق على أنّه ما من شك بأنّ ما ساعد في ذلك هي التطورّات الأخيرة، وخصوصًا انتخاب حكومة أمريكيّة جديدة داعمة لإسرائيل ولا تصر على خيار “حل الدولتين”، وتُحاول صياغة تفاهمات مع إسرائيل حول استمرار سياسات الاستيطان بالضفّة الغربيّة.
وأكّد أيضًا على أنّه في صفوف الفلسطينيين، هناك قلق حقيقي من أنّ احتمال إقامة دولة فلسطينيّة مستقلّة في الضفة والقطاع قد ينتهي قريبًا، في ظلّ الأنباء التي نفتها مصر وإسرائيل حول احتمال إقامة دولة فلسطينيّة في شبه جزيرة سيناء. لذلك، قال بن مناحيم، إنّه في قطاعات محددة هناك اعتراف بأنّه ليس هناك مفر من عزل عبّاس، وصياغة خطة بديلة تقودها منظمة التحرير الفلسطينيّة.
ووفقًا للمُستشرق الإسرائيليّ فإنّه حتى لو كانت فرص عزل عبّاس ضعيفة، فإنّ تلك التطورات تشكل خطرًا، من ناحيةٍ سياسيّةٍ، ومن ناحية الرأي العام الفلسطينيّ، على رئيس السلطة الفلسطينيّة، وتمسّ بشرعيّة حكمه.
خلال الأشهر الأخيرة، تابع المُستشرق، قام عبّاس بسلسلة إجراءاتٍ تُرسّخ موقفه داخل حركة فتح كزعيمٍ، مُوضحًا أنّ تقوية موقفه في فتح أدّى لموجة سخط من قبل الجمهور الفلسطينيّ في أعقاب إبعاد دحلان والبرغوثي من جميع أماكن النفوذ، الأمر الذي لم يحّل مسألة معركة الخلافة على منصب رئيس السلطة، وفي الوقت نفسه منح عباس هدوءً مؤقتًا فقط.
وبرأيه، فإنّ عبّاس يُسيطر على الضفة منذ 12 عامًا، لكن خلال فترته حدث الفشل التاريخيّ الأكبر بالنسبة للشعب الفلسطينيّ، فقد انقطعت أيّ علاقة كانت تجمع بين قطاع غزة والضفة الغربيّة بسبب سيطرة حماس العسكريّة. كما أنّ عبّاس فشل منذ ذلك الحين وحتى اليوم بكلّ محاولات التصالح مع حماس، لافتًا إلى أنّ الانطباع لدى الفلسطينيين هو أنّ عبّاس غير معني حقًا بتحقيق مصالحةٍ وطنيّةٍ، ولذلك يقوم بعرقلتها من أجل الفوز ببقائه بالحكم وبسبب قلقه من انتخابات تؤدي لاستبداله، بحسب قول المُستشرق. وخلُص إلى القول إنّ حماس، من جانبها، تُدرك أمر ضعف عباس وتُحاول تصعيب الأمر عليه، فقد أعلنت هذا الأسبوع أنّها لن تسمح بإجراء انتخاباتٍ بلديةٍ في قطاع غزة، الانتخابات المفترض أنْ تجري في 13 مايو، لكنّ حماس تضع بعض الشروط ومطالب من السلطة كشرطٍ للموافقة على إجراء الانتخابات.