بالإسباني | جمود، ثقة وسلطة رابعة: خطايا لويس إنريكي
طه عماني يتحدث عن أبرز خطايا إنريكي مع برشلونة
ارتفعت حدة الأصوات المُطالبة برحيل لويس إنريكي عن برشلونة مع نهاية الموسم الحالي، خاصة منذ الخسارة المدوية التي تعرض لها الفريق في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا أمام باريس سان جيرمان، والتي وُصفت في كثير من المنابر الإعلامية بكونها أسوأ خسارة يتعرض لها الفريق في العصر الحديث...اللاعبون والإعلاميون والجماهير حمّلوا المسؤولية للمدرب وحده دون غيره، ويبدو أنه قد بات يلعب أوراقه الأخيرة في الإدارة الفنية للبرسا.
لكن خسارة حديقة الأمراء لم تكن سوى النقطة التي أفاضت الكأس، إذ أن إنريكي اقترف مجموعة من الخطايا منذ الموسم الماضي والتي تراكمت ليصل الفريق للحالة التي عليها اليوم، وإن كان النادي قد أفلت في السابق من وقع خطاياه وظفر بلقب الدوري الإسباني رغم التراجع الكبير الذي حدث، فإن الحال يبدو مغايرًا تمامًا هذه المرة كون البرسا أصبح قاب قوسين أو أدنى من مغادرة دوري الأبطال منذ ثمن النهائي في سابقة لم تحدث منذ سنوات طويلة.
الحديث عن الأخطاء التي ارتكبها إنريكي لا يعني بأي شكل أنني أحمله المسؤولية وحده فيما يحصل لبرشلونة، لكنه سيكون تحليلًا لما لم يُوفق فيه المُدرب، والذي يبقى في رأيي بعيدًا على أن يكون المسؤول الوحيد عن تراجع الفريق، وتشخيص مشكلة البرسا في رجل واحد سيكون خطيئة أكبر من كل الخطايا التي سنتحدث عنها في موضوعنا هذا.
الثقة المبالغ فيها باللاعبين
من بين مشاكل لويس إنريكي التي لطالما دفع الفريق ثمنها وهي الثقة الكبيرة في اللاعبين الذين يعتمدون عليهم بانتظام...فهو على سبيل المثال لا الحصر يعتقد أن ثلاثي المقدمة الـMSN قادر على قيادة الفريق نحو الفوز في كل مباراة وتحت كل الظروف، وهو أمر تطور مع مرور الوقت ليُصبح الفريق بحلول هجومية قليلة في خط الوسط مثلًا.
وبغض النظر عن ذلك المثال، فإنك تجد إنريكي يُنيط مهامًا قد تفوق مؤهلات لاعبيه اعتقادًا منه أنهم قادرون على تلبية طلباته مهما كان حجمها...الأمر تكرر بالتحديد مع أندريه جوميش وراكتيتش...فالأول ظهر بصورة سيئة جدًا بعد أن أصبح يؤدي أدوارًا دفاعية لم يسبق له أن لعبها في فالنسيا أو بنفيكا، أما راكتيتش فقد تآكل مع مرور الوقت بعد أن استنزفه إنريكي في كثرة المهام التي يُعطيه إياها.
وضع الثقة في اللاعبين أمر جيد، لكن الاعتماد عليهم بشكل مبالغ فيه والاعتقاد أن كل لاعبيه هم الأفضل في العالم (كما يصرح بذلك في كثير من خرجاته الإعلامية) أمر سلبي جدًا، وانعكس سلبًا على خياراته وأحيانًا على طريقة إداراته للمباريات.
ارتكاب الأخطاء ثم الإصرار عليها
من الأمور التي قد تُغيض جماهير برشلونة بخصوص إنريكي هي تماديه في الأخطاء التي يرتكبها، وأحيانًا أشعر شخصيًا وأنه يُحاول معاندة الصحافة التي تنتقده باستمرار ويرفض تصحيح الأخطاء التي يتم التطرق لها في أعمدة بعض الصحفيين الكتلان.
دعونا مثلًا نتحدث عن مثال سيرجي روبيرتو وأليش فيدال...منذ متى والكل يُطالب بضرورة منح فرصة أكبر لفيدال على حساب روبيرتو المتراجع؟ أعتقد أن الأمر أصبح متداولًا عند الجميع على الأقل من 4 أشهر، لكن إنريكي ظل مُصرًا على روبيرتو لا لشيء إلا لأنه وعده في الصيف بالمشاركة بشكل أكبر إن هو قبل بالتحول بشكل نهائي لمركز الظهير الأمين، وذلك علمًا أن فيدال كان يبصم حينها على مستويات مميزة جدًا كل ما أتيحت له الفرصة. الإصابة جاءت في النهاية لتُجهز على لاعب ألميريا وإشبيلية السابق، وهو ما جعل إنريكي يعترف ضمنيًا بخطئه عندما طالب الإدارة بالتعاقد مع بديل له، علمًا أن فيدال لم يخض هذا الموسم برمته سوى 475 دقيقة في الدوري الإسباني.
مثال آخر على تمادي إنريكي في أخطائه نجده في طريقة استخدامه لأندريه جوميش داخل رقعة الميدان. اللاعب البرتغالي أثبت فشلًا كبيرًا في مركز الارتكاز الدفاعي خلال المباريات القليلة التي لعبها في ذلك المركز، لكنك تجد إنريكي مثلًا يُشركه في ذلك المركز يوم الأحد الماضي أمام ليجانيس...نفس الأمر ينطبق على إشراكه بدل راكتيتش رغم مستواه المتدني، في وضع لا أجد له تفسيرًا سوى أنه يريد تبرير تعاقده مع اللاعب في الصيف الماضي.
الجمود التكتيكي
أشدنا كثيرًا بلوريس إنريكي عند وصوله لبرشلونة، وهي فترة حاول فيها تطعيم أسلحة الفريق بأمور إضافية كإجادة الهجمات المرتدة، أو حل مشكل التقدم الهجومي لداني ألفيش بجعل راكتيتش يتحرك مكانه أو حتى بتطويره للفريق بشكل واضح في نقطة استغلال الكرات الثابتة، لكن إضافات الفريق أصبحت شبه معدومة في آخر موسمين.
كل الفرق أصبحت تعرف كيف تضايق البرسا بالاعتماد على الضغط المتقدم، وهو ما كان عائق البرسا الأكبر في حديقة الأمراء على سبيل المثال لا الحصر ولم يجد له إنريكي حلًا واضحًا منذ أكثر من موسم ونصف على الأقل...وما قد يُضايق المتتبعين أكثر هو أن الفريق لم يتطور أبدًا في قدرته على الخروج بالكرة جيدًا تحت الضغط، وهو أمر يُلام فيه إنريكي بشكل كبير.
وفوق ذلك، أصبح من الناذر أن نُشاهد تغييرات تكتيكية حقيقية لإنريكي...قد يُغيّر الخطة من 4-3-3 إلى 3-4-3 أو 4-3-2-1، لكن دون أي تغيير واضح في فلسفة الفريق أو طريقة قراءته للمباريات. فاللعب بثلاثة مدافعين لم يزد مشكل الخروج بالكرة من الخلف سوى حدة، كون عدد اللاعبين المتاحين في عمق الوسط يتناقص من ثلاثة لاعبين إلى لاعبين، أما التحول لـ4-2-3-1 أمام باريس لم يكشف سوى مناطق الفريق أكثر أمام باريس مثلًا، وذلك ببساطة لأن الضغط المتقدم للاعبي البرسا في الربع الأخير من الملعب سيء جدًا ولم يفد الفريق في افتكاك أية كرة.
فشل التعاقدات
إنريكي أصرّ في الصيف الماضي على الحصول على مهاجم مميز داخل منطقة الجزاء، قادر على إنهاء الهجمة ولا يحتاج بالضرورة لأن يكون متحركًا خارجها (وهي عبارات قالها في تصريحاته في الصيف الماضي)، فكان له ما أراد وتعاقد مع باكو ألكاثير والكل يعرف كيف كانت نهاية لاعب فالنسيا السابق.
لا أتحدث هنا عن اسم اللاعب بعينه، بل أتحدث عن مواصفاته...فلو أراد البرسا مُهاجمًا بمواصفات مغايرة لما وقع الاختيار أبدًا على ألكاثير والذي فشل بشكل طبيعي لأنه ببساطة لا يتناسب مع أسلوب البرسا...فإبراهيموفيتش نفسه لم ينجح مع البرسا لأنه مهاجم غير متحرك وكان يأخذ حيزًا كبيرًا من المساحة التي يحتاجها ميسي داخل منطقة الجزاء، أما سواريز فلم ينجح سوى لأنه مهاجم متحرك ويُجيد تبادل المراكز مع بقية زملائه في خط المقدمة.
نفس الأمر قد ينطبق على أندريه جوميش الذي ربما لم يكن يعرف عنه شيئًا قبل التعاقد معه...فأكبر نقاط ضعف جوميش مع فالنسيا كانت عدم إجادته للمهام الدفاعية لدرجة جعلت نونو سانتو مثلًا يُشركه كصانع ألعاب متقدم أمام باريخو وخابي فويجو. إنريكي يسيء اليوم استعمال جوميش، ولو ربما عرف جيدًا ما كان يحتاجه لوجّه أنظاره للاعب آخر تمامًا على غرار روكي ميسا مثلًا والذي كان ليفيد البرسا كثيرًا.
سوء علاقته بوسائل الإعلام
من المعروف أن علاقة لويس إنريكي بوسائل الإعلام قد باتت تخلق ضجة كبيرة حول الفريق، وهو الأمر لا يخدم أبدًا لا مصالحه ولا مصالح النادي...فللإعلام اليوم قدرة كبيرة على التأثير على الرأي العام، وإن أجمع الإعلام على إنريكي هو مشكل البرسا الأول، فإن الجماهير ستنساق وراء ذلك وستُطالب برحيله سواءً عاجلًا أو آجلًا.
مشكلة إنريكي توجد في سوء تدبيره مثلًا لمؤتمراته الصحفية، والتي كثيرًا ما سخر فيها من أحد الصحفيين أو رفض الإجابة على الأسئلة، أو قلل من الصحفيين وعملهم حينما قال «لا أستمع لكم أبدًا، ولن أتغير سواءً هذا الأسبوع أو في الأسبوع المقبل. لم يسبق أن اقتربت من التلفاز أو المذياع للسماع لكم، ولن أقرأ ما تكتبونه. العمل الذي قمت وأقوم به كافٍ للحديث عني. لا يُهمني إن أعجبكم ما أقوله أو لا»
اسألوا جوزيه مورينيو عن وقع سوء علاقته بوسائل الإعلام على عمله، واسألوا بينيتيز قبله، فالأمر قد يبدو سطحيًا في بادئ الأمر، لكن السطلة الرابعة دائمًا ما كان له أثرها، وامتلاك علاقة جيدة معها أفضل بكثير من إعلان الحرب عليها كما يفعل إنريكي.
وبالإضافة إلى كل ذلك، قد نتطرق إلى تدبيره غير المثالي لغرفة الملابس. لن أقول أن علاقته باللاعبين سيئة رغم الإشاعات التي دارت في وسائل الإعلام مؤخرًا...لكن إن لم تكن علاقته باللاعبين سيئة، فهي بالتأكيد ليست جيدة، وجزء كبير من اللاعبين لن يُمانع رحيله نهاية الموسم.