اماكن سياحية "مغيبة" في العاصمة.. هكذا قتل "الفساد" الترفيه عن العوائل البغدادية! (تفاصيل)
في الطريق إلى جزيرة بغداد السياحية الواقعة في شمال العاصمة بغداد، يمكنك أن تكون شاهدا على حجم الدمار الناجم عن حوادث التفجيرات الإرهابية، ولا يمكن للمارة إلا أن يشعروا بالتغيير الحاصل في هذا الطريق الذي كان يمتد وسط بساتين وأشجار كثيرة.
وبعدما كانت بيوت الطين تملأ المكان، يبرز الآن حطام بقايا المخلفات المعدنية وقد تحولت إلى أكشاك عشوائية يسكنها الفقراء والنازحين.
وتقول هناء سهيل، 43 عاماً، إنّ الوصول إلى هذا المرفق السياحي بعد مرور العديد من السنوات على إغلاقه وتحوليه لثكنة عسكرية، ليس بالسهولة التي كانت متوقعة قبل العام 2003.
وتضيف هناء وهي من سكنة بغداد وتعمل في وظيفة حكومية "حاولنا زيارتها في العام 2011، انتظرنا في نقطة تفتيشية واحدة لأكثر من ساعة بسبب حادث انفجار سيارة مفخخة كان قد حدث بوقتها قريباً من المكان".
وتتمتع جزيرة بغداد السياحية التي افتتحت في العام 1983 بموقع مهم، إذ تقع في وسط نهر دجلة وعلى بعد 20 كم شمالي بغداد في منطقة الفحامة.
وقد تعرضت الجزيرة للنهب والسرقة والدمار عام 2003 كحال أي مرفق سياحي في البلاد، ودمرت العديد من معالمها من بينها الكثير من المطاعم وصالات العرض واللعب ودور العرسان الجدد وغيرها. وتم تأهيلها وافتتاحها لاستقبال روادها، لكنها لم تعد كالسابق، كما يقول حازم مكي في حديثه لأحدى وسائل الاعلام المحلية.
ويتذكر حازم الذي يعمل في التدريس الأوقات الممتعة التي كانوا يقضونها في زيارتها وخاصة في الرحلات والسفرات المدرسية، وكيف أنّ الوضع الأمني غير المستقر والإرهاب والفساد المالي الذي بسببه أُهملت الخدمات المقدمة لزوارها، الأمر الذي حرمهم منها طيلة السنوات الماضية.
ومن المرافق التي أغلقت بعد العام 2003 ساحة الاحتفالات الكبرى التي تقع في المنطقة الخضراء.
ولساحة الاحتفالات قيمة حضارية كبيرة لضمها متاحف ونصباً تذكارية كثيرة ومسرحا ودار عرض سينمائي ومطاعم وألعابا ترفيهية وحدائق كثيرة وبيوتا مصنوعة من القصب والبردي ومجهزة بطريقة تجعلك تعيش أجواء سكان أهوار الجنوب العراقي.
تقول زينب العبودي ، 47 عاماً، إنّ إهمال وإغلاق الكثير من المرافق السياحية في البلاد "يكشف عن النية الحقيقية للحكومة في حرماننا من أنّ نعيش مثل باقي شعوب العالم".
تضيف السيدة أن معظم زوّار ساحة الاحتفالات كانوا يأتون إليها في مساء كل يوم من أيام الصيف، ليشاهدوا ما حوت من أجواء ريفية جميلة، "لكن كل شيء تغير لم نعد نعرفها، يمكنك أن تشاهد الكثير من رجال الأمن حول أسوارها، ولا يمكن لأي واحد منا أن يدخلها".
وإذ يؤكد الخبير الأمني سعد اللامي أن المخاوف الأمنية تحدّ من إقبال الناس على المرافق السياحية، والإغلاق المتكرر لبعض الشوارع الرئيسة، وتهديدات التفجيرات الإرهابية، لكن الخبير الاقتصادي باسم التميمي يرى أنّ الأسباب الأمنية ليست وحدها مسؤولة عن تراجع السياحة. "الجهات الحكومية المسؤولة عن الأماكن السياحية والترفيهية لم تهتم بمسألة تأهيلها وترميمها بعد التدمير والحرق والسلب الذي لحق بها عام 2003 بشكل واضح".
ويضيف أنّ "تصريحات الجهات الحكومية المسؤولة كانت في كل مرة تعلن عن مشاريع تأهيل وأعمار لكنها تعود وتعلل بشكل – غير مقنع – بأن عدم إتمام هذه المشاريع كان بسبب تلكؤ عمل الشركات المتعاقد معها".
وبحسب التميمي، هذا ما يثير الشكوك حول "استشراء الفساد المالي والإداري".
لكنّ حكيم عبد الزهرة مدير إعلام أمانة بغداد يؤكد أنّ "الأمانة تهتم كثيرا بتأهيل الكثير من المرافق الترفيهية والسياحية، وتعمل على تنفيذ مشاريع استثمارية لإعادة أعمارها وتطويرها وفق خطط استراتيجية مدروسة، بالتنسيق مع قيادة عمليات بغداد للأماكن السياحية والترفيهية التي تستقبل زوارها".