اخبار العراق الان

عاجل

"أنا عراقي حتى النخاع وان كنت صهيونيا".. كركوكلي يروي سيرته: هكذا صار العراق خاليا من "اليهود"

"أنا عراقي حتى النخاع وان كنت صهيونيا".. كركوكلي يروي سيرته: هكذا صار العراق خاليا من "اليهود"

2017-04-17 00:00:00 - المصدر: الزمان برس


يعقوب كركوكلي، اليهودي العراقي البالغ من العمر 88 عاما صمد في أقبية تحقيقات المخابرات العراقية، ودرس في كلية الشريعة الإسلامية، ليصبح من أحب الإسرائيليين إلى رئيس السلطة الفلسطينية.

بدأت القصة سنة 1928، حيث ولد يعقوب في بغداد لوالده عبد الله أوسي، وكان مستوردا لمنتجات التبغ، ولوالدته سيمحا قوجمان، وله 3 أشقاء وشقيقة، وكان أكثرهم أهمية بالنسبة له أخوه من أبيه شلومو الذي مثل له شخصية الأب، حيث رباه على حب الدين والصهيونية، ليصبح في سن الخامسة ملما بنصوص الصلاة ويتطلع للوصول إلى أورشليم القدس. وقد هاجر شلومو إلى أرض إسرائيل، ولكنه لقي حتفه في اعتداء إرهابي بشارع بن يهودا بأورشليم القدس سنة 1948.

ومنذ صباه اعتبر يعقوب بطلا، إذ كان في سنة 1941 وعمره لا يتجاوز إلى 13 عاما، في عداد ركاب الحافلة التي أوقفها المشاغبون عند أحد الحواجز إبان الاعتداء الجماعي على اليهود في حي “الفرهود”. وقد أجاب يعقوب بالسلب وبجرأة ودون تردد على سؤال لأحد المسلحين عما إذا كان هناك يهود في الحافلة، لينقذ بذلك حياته وحياة 11 يهوديا كانوا معه. وقد تواصل اضطهاد اليهود، والذين أصبحوا يخشون على حياتهم، ما جعل العديد منهم يغادرون مسقط راسهم ليهاجروا إلى أرض إسرائيل. وقد هاجرت والدة يعقوب وشقيقته إلى إسرائيل، ثم وصل والده أيضا بعد عدة سنين. وفي تلك السنوات التي كان العراق يخلو تدريجيا من أبناء الطائفة اليهودية، تبنى يعقوب اسم “كركوكلي”، إشارة إلى مدينة كركوك التي آوت وكالة التبغ التابعة للأسرة.

وفي سنة 1958، وبعد وقوع الانقلاب العسكري بقيادة عبد الكريم قاسم، أخذت العلاقات بينه وبين يعقوب تتوثق، حيث تمكن يعقوب بفضل عبد الكريم قاسم من دخول كلية الشريعة الإسلامية في بغداد، ليمضي فيها 4 سنوات ونصفا بل نال شهادة البكالوريوس بتفوق، ليمنحه عميد الكلية تقديرا له مصحفا فاخرا أرفق به رسالة من رئيس الوزراء. ومما كتبه عبد الكريم قاسم رئيس الجمهورية في الرسالة: “إنها المرة الأولى التي يحظى فيها طالب من أبناء الأقليات، ولا سيما من الطائفة اليهودية بمثل هذا التقدير”، مضيفا: من دواعي الشرف دعوة أبناء الأقليات الأخرى إلى السير على خطاك”.

وعندها حل ما كان أروع من أي شيء آخر، إذ حل العام 1968، ليغمر الخوف والتوتر شوارع العراق الذي كان يقف على حافة الانقلاب العسكري الذي كان سيتولى بعده مقاليد الحكم أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين. وقد شدد الحكم الجديد قبضته على المواطنين، وبلغت قسوته ذروتها حيال أبناء الأقليات، رغبة منه في ترسيخ مركزه، حيث تعرض عشرات اليهود للاعتقال لتفرض عليهم سلسلة من القيود، ومنها منعهم من مغادرة العراق وسحب المبالغ الكبيرة من البنوك والدراسة في الكليات المرموقة. وكان يعقوب عندها يعتبر من المستوردين الأغنياء وكان يقيم في حي المسبح المرموق، وتم اعتقاله بتعليمات من الأجهزة السرية بتهمة مساعدة المخابرات الأمريكية في تهريب عميل يهودي لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA ولإسرائيل إلى طهران. وقد زج يعقوب في أقبية تحقيقات المخابرات العراقية، وبعد تعرضه للتعذيب القاسي حكم عليه بالإعدام.

وعن التعذيب الذي خضع له يروي يعقوب في مقابلة لصحيفة “معاريف” الإسرائيلية: “بدأ المحقق يعذبني أشنع التعذيب، وكانوا يملكون أساليب من الصعب مجرد التحدث عنها، إذ كانوا يعلقونك على مروحة كبيرة تتدلي من السقف ويشغلونها، كما كانوا يضربونك بشدة بكابل كهربائي، ويضعون على راسك تاجا معدنيا، ويربطون يدك ثم يكهربون التاج. وإذا لم تكن تغيب عن الوعي بعد خمس دقائق كنت تصاب بالجنون”. وقد طالت مدة اعتقاله 9 شهور، ثم تم الإفراج عنه، ليعاد اعتقاله من قبل المخابرات العراقية بعد أربعة أيام من إطلاق سراحه، إلا أنه زج آنذاك في “قصر النهاية” والذي كان يعتبر أسوأ السجون العراقية، إذ لا يعود منه أحد، والعقوبة الوحيدة التي تنزل بمسجونيه هي الإعدام. وقد صمد يعقوب لمدة سنتين في زنزانة “قصر النهاية” وعانى من التعذيب الشديد، الذي جعله يحاول إقناع أحد السجانين بإطلاق النار عليه لينقذه من العذاب، ولكن دون جدوى. وفي عام 1973 أفرج عن يعقوب نهائيا من السجن ليلتئم بعائلته في إسرائيل، ولكن الكوابيس التي مر بها في العراق ما زالت تطارده في الليالي.

وفي سنة 2016 وصل يعقوب إلى “المقاطعة” في رام الله، حيث أبلغ أبو مازن والمحيطين به بروايته. وقد أصغى مستشارو أبو مازن المقربون والإسرائيليون الذين حضروا اللقاء باهتمام بالغ. ويقول يعقوب: “قلت لأبو مازن إن الشعب الفلسطيني تمكن من انتخاب أفضل رئيس له، فلم لا تعلن عن استعدادك لزيارة الكنيست والتحدث عن السلام، إنها خطوة ستوفر عليك مسيرة من آلاف الكيلومترات”.

ويصف يعقوب هويته بأنها  مزدوجة إسرائيلية وعراقية، ولكنه يقول إنه لن يعود إلى العراق رغم الحنين والشوق، حيث يعلن: “أنا عراقي حتى النخاع، وإن كنت صهيونيا بامتياز، إلا أنني عراقي يهودي طوال حياتي وأنا بذلك فخور”.