هل سيعيدان "تقاسم" خارطة الوطن العربي؟.. 4 ملفات في قمّة الرياض بين الملك سلمان والسيسي
وصل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى مدينة الرياض في زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية، لإجراء مباحثات رسمية. وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إنّ "الملك سلمان بن عبدالعزيز، كان في مقدمة مستقبلي السيسي، لدى وصوله مطار قاعدة الملك سلمان الجوية في الرياض".
وعقب الإستقبال، توجه خادم الحرمين والرئيس المصري في موكب رسمي إلى الديوان الملكي.
وكان المتحدث باسم الرئاسة المصرية، علاء يوسف، قال في بيان الجمعة الماضي، إنّه "من المقرر أن تُعقد خلال الزيارة قمة مصرية سعودية". وأضاف المتحدث الرئاسي، أنّ القمة "تتناول سبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب".
فيما قال سفير مصر بالسعودية، ناصر حمدي، في تصريحات سابقة لصحيفة الشرق الأوسط السعودية إن "زيارة السيسي تستمر يومين، يرافقه فيها وفد رفيع المستوى، لمناقشة قضايا السياسة، والإرهاب، والتعاون الإستراتيجي، وعقد لقاءات وزارية بين الجانبين".
وتُعد زيارة السيسي للسعودية الثامنة، منذ وصوله للسلطة في حزيران 2014، والسادسة في عهد الملك سلمان.
وكان السيسي التقى الملك سلمان على هامش أعمال القمة العربية، التي عُقدت نهاية الشهر الماضي في البحر الميت بالأردن، في لقاء هو الأول بين الجانبين بعد تباينات في وجهات النظر حول عدد من قضايا المنطقة.
استرداد العلاقات
"لاسترداد العلاقات الإستراتيجية"، تأتي قمة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والعاهل السعودي سلمان عبدالعزيز، في ضوء بحث 4 ملفات عاجلة تحمل ترجيحات باتفاق سعودي مصري حول الأزمة السورية، وفق خبراء عرب.
الخبراء وهم متخصصون في العلوم السياسية والعلاقات الدولية اتفقوا في أحاديث منفصلة على أن الزيارة ومباحثاتها تأتي في ظل "مباركة أميركية ودعم لا محدود لإتمامها".
وفيما يرجح خبير مصري بارز أنّ الزيارة سترتكز على تدعيم العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، دون التوسع في تفاصيل "ملفات التجاذب"، يرى خبيران أحدهما سعودي والآخر إماراتي أنها ستناقش 4 ملفات بشكل رئيسي هي التمديد الإيراني وأزمتا سوريا وفلسطين، بخلاف إقامة حوار استراتيجي بين البلدين.
زيارة أولى بعد عام "ضبابي"
زيارة السيسي للسعودية اليوم تعد الثامنة، منذ وصوله للسلطة صيف 2014، والسادسة في عهد الملك سلمان، والأولى بعد عام شهد تبايناً في وجهات النظر بين البلدين، وهجوماً متبادلاً في وسائل الإعلام وتأكيداً رسمياً على متانة العلاقات.
والقمة التي تجمع الرئيس المصري بالعاهل السعودي هي الثانية لهما خلال نحو شهرين بعد إتمام أخرى خاطفة لتنقية الأجواء على هامش القمة العربية نهاية آذار الماضي بالبحر الميت في الأردن على هامش القمة العربية الـ28.
وتستمر زيارة السيسي الأحدث ليومين، يرافقه فيها وفد رفيع المستوى، لمناقشة قضايا السياسة والإرهاب والتعاون الاستراتيجي، وعقد لقاءات وزارية بين الجانبين، وفق تصريحات سابقة لسفير مصر بالمملكة، ناصر حمدي.
وحسب بيان الرئاسة المصرية الصادر أمس أول الجمعة، تبحث القمة المصرية السعودية 3 ملفات هي: "تعزيز العلاقات الاستراتيجية، والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، والتباحث بشأن سبل التعامل مع التحديات التي تواجه الأمة العربية"، دون تحديد قضايا بعينها.
ومنذ عام واحد زار العاهل السعودي القاهرة، وعقد اتفاقيات عديدة تتضمن تدشين جسر بري دولي، والإقرار المصري بأحقية المملكة في جزيرتي "تيران وصنافير" الواقعتين في البحر الأحمر.
وخرجت احتجاجات شعبية مصرية رافضة للاتفاقية واعتبرتها "تنازلاً" عن الجزيرتين، وسط محاولات حكومية مؤيدة لمناقشتها في البرلمان المصري، في وقت أقرها مجلس الشوري السعودي العام الماضي.
ومنتصف تشرين الأول المنصرم، نشبت أزمة بين مصر والسعودية عقب تصويت القاهرة في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار روسي، لم يتم تمريره، متعلق بمدينة حلب السورية، وكانت تعارضه دول الخليج والسعودية بشدة.
وعلى وقع التوتر أبلغت المملكة السعودية، مصر، في تشرين الثاني الماضي، بوقف شحنات منتجات بترولية شهرية بموجب اتفاق مدته 5 سنوات، تم توقيعه خلال زيارة الملك سلمان لمصر في نيسان 2016، قبل أن تعلن القاهرة، منتصف الشهر الماضي، استئناف الشحنات مرة أخرى.
استرداد علاقات ودعم أميركي
الأكاديمي المصري طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، يرى أن القمة المصرية السعودية "ستكون قمة استرداد العلاقات ووضعها في إطارها بعيداً عن أية تطورات سلبية، بما يمسّ نمط العلاقات الثنائية ومناخها المستقبلي".
ويرجح أنّ "الجانب الأميركي لعب دوراً في إطار تواجد جديد بالمنطقة لتقريب وجهات النظر بين البلدين"، موضحاً أن "زيارة وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، كانت هامة للمنطقة لاسيما للسعودية ومصر وشملت هذا الغرض، دون ضغط على البلدين لكن في إطار المصالح المشتركة".
وبدأ ماتيس، الثلاثاء الماضي، جولة تتضمن زيارة السعودية، وبعدها مصر فإسرائيل وقطر وتنتهي اليوم الأحد في جيبوتي، هي الأولى له في المنطقة منذ أن تسلم مهامه، في كانون الثاني الماضي، وذلك لمناقشة ملفات عدة، على رأسها مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، ونفوذ إيران، حسب إعلان البنتاغون.
ومتفقاً مع طرح فهمي يقول الأكاديمي السعودي، أنور عشقي، الذي شغل سابقاً أكثر من موقع رسمي: "هذه بالفعل قمة استرداد العلاقات الاستراتيجية بين مصر والسعودية، ومن المتوقع أن تبحث تعزيز تلك العلاقات التي تعرضت لتباين في وجهات النظر وخلاف لم يؤثر".
ويضيف: "هذا الخلاف تبدد مع زيارة وزير الدفاع الأميركي، الذي عرض خطة لحل الأزمة في سوريا لم تكشف تفاصيلها بعد"، مؤكّداً أنّ هذه الخطوة الأميركية "لابد أن تجمع مصر والسعودية لدراستها وليس في إطار فرضها ولكن في إطار مصالح مشتركة يجتمع عليها الجميع".
على هذا الطرح، يسير الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية البارز بأبوظبي، قائلاً: "الزيارة تمثل نقلة للعلاقات المصرية السعودية على خلفية دعم أميركي لا محدود للقاهرة والرياض، وتدخلهما في مرحلة جديدة قد تتلوها نقلة للعلاقات العربية-العربية".
ويضيف: "المباركة الأميركية لهذا التقارب والتوافق المصري السعودي تأتي لأن الإدارة بواشنطن حالياً أكثر انشغالاً بالشأن العربي من سابقتها، خاصة لمواجهة التمدد الإيراني، لأنها لن تستطيع مواجهته بدون هذا التقارب".
4 ملفات عاجلة على الطاولة
4 ملفات تناقش بشكل عاجل ورئيسي هي ملفا سوريا وفلسطين، والتمدد الإيراني في ظل الاهتمام الأميركي بالمنطقة، بخلاف إقامة حوار استراتيجي بين البلدين، وفق الخبراء.
الأزمة السورية هي القضية الأولى البارزة، حسب رأي أنور عشقي الذي يترأس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية (غير حكومي مقره جدة)، موضحاً أنها "وفق زيارة وزير الدفاع الأميركي لابد أن تتضمن اتفاقاً مصرياً سعودياً حولها، إلى جانب القضية الفلسطينية التي تهم الطرفين حاليا في ظل متغيرات المنطقة".
ويستبعد أن يطرح ملف جزيرتي "تيران وصنافير" على القمة، موضحاً أن "هذا ملف محسوم بين مصر والسعودية لكن الاختلاف قضية مصرية داخلية ستحلّ".
على مسافة قريبة، يرى الأكاديمي المصري طارق فهمي أن "القمة ستذهب مستقبلاً لسيناريو واحد لا غير، وهو دخول القاهرة والسعودية في اتصالات مباشرة بشأن الملفين السوري والفلسطيني في سياق الدور الأميركي، والزيارة الأخيرة لوزير الدفاع الأميركي والمصالح المشتركة". ويعتقد فهمي أن القمة "لن تتطرق لتفاصيل قضايا محل تجاذب أو تباين في الرؤى".
الملف الثالث البارز وفق الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبد الله، هو مواجهة التمدد الإيراني، وما يأتي في سياق مواجهة تحديات الإرهاب والاضطرابات بالمنطقة.
وطارحاً ملفاً رابعاً، يؤكّد عبدالله أنّ "ملف العلاقات المصرية السعودية سيكون حاضراً بقوة وسيناقش تأسيسها على أسس تفاهمات وحوار استراتيجيين"، متوقعاً أن "تخرج تفاهمات جديدة بحوار مصري سعودي حول المنطقة في ضوء التواجد الأميركي باعتبار أن مصر والسعودية هما العمود الفقري بالمنطقة".
وفي السياق ذاته، يذكر زهير الحارثي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى السعودي، في تصريحات متلفزة لفضائية مصرية خاصة، أمس السبت، أن "مصر والسعودية العمود الفقري لنظام إقليمي عربي، ونحن بحاجة لتحالف استراتيجي بين البلدين".
ويوضح أنه "لابد من اتفاق سعودي مصري يخدم استقرار المنطقة مع تصريحات أميركية بدعم البلدين، وستكون تلك الزيارة واللقاءات المباشرة إضافة مهمة للعلاقات وتنقلها لمرحلة التكامل بدلاً من التعاون وستساهم في حلحلة الملفات التي لا تتطلب بالضرورة تطابق الرؤيتين المصرية والسعودية خاصة مع تموضع أميركي جديد بالمنطقة".
وتتهم الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج العربي إيران بتهديد أمن المنطقة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، منها البحرين واليمن والعراق وسوريا ولبنان، وهو ما تنفيه طهران.
وبخلاف تلك الملفات العاجلة والرئيسية، فهناك ملف ثابت وفق الأكاديميين السعودي والإماراتي، وهو مرتبط بمناقشة العلاقات الإقتصادية بين البلدين ودفعها للأمام، في ضوء مرافقة السيسي بوفد عالي المستوي.
وكشف البنك المركزي المصري في آب الماضي أنّ السعودية قدمت مساعدات لمصر بواقع 8 مليارات دولار أميركي منذ عام 2011.