بن سلمان.. شراء عرش في مملكة للبيع*
هدف ارنا هو توسیع العمل الاعلامی والخبر المنشور لایعبر بالضرورة عن موقفنا
ورغم ذلك، أبرمت رئيسة الوزراء البريطانيه تيريزا ماي مع بن سلمان اتفاقيات ناهزت المئة مليار دولار، وهذا أمر طبيعي أن تُقدِم عليه بريطانيا، لأنها منذ إعلان انسحابها من الإتحاد الأوروبي تبحث عن أسواق للتبادل التجاري، وتجارة الأسلحة بشكلٍ خاص، لا أسواق لها إلَّا في أماكن الصراعات، ولدي الأنظمة الغنيَّة التي تُشعِل حروب الشرق الأوسط.
مُجمل التحليلات السياسية اعتبرت أن زيارة بن سلمان أنتجت صفقات لمصلحة بريطانيا ليس فقط مادياً، بل سياسياً أيضاً لإعطاء بريطانياً دفعاً معنوياً في مفاوضات الخروج من الإتحاد، وأن بن سلمان بدوره، اشتري بموجب هذه الصفقات رضا التاج البريطاني عليه في طريقه الي التاج السعودي، خاصة أن أشرس المُعارضين السعوديين للنظام الحاكم يعيشون في بريطانيا، إضافة الي “الأخوان المسلمين” الذين استوطنوها منذ أكثر من نصف قرن، وأن بن سلمان الذي استطاع إخماد ثورة الأمراء المُعارضين له في الداخل عبر الإستيلاء علي جزء من ثرواتهم، هو بحاجة لإسكات من يسكنون في الخارج بعيداً عن قبضته، واعتبر المراقبون أن بن سلمان خلال عامٍ واحد أبرم صفقات لصالح الغرب توازي الموازنة السنوية للمملكة البالغة 500 مليار دولار، وأن مجموع صفقات ترامب مع السعودية مُضافة إليها الصفقة الأخيرة مع بريطانيا تتعدي كثيراً رقم هذه الموازنة.
وبهدف امتصاص نقمة المعارضة ونواب البرلمان والمنظمات الحقوقية البريطانية، دافع وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون عن علاقة بلاده بالسعودية، وإدَّعي أن الناس لا يفهمون بأن السعودية تقود الحرب في اليمن لإعادة الحكومة الشرعية، وأن من حقها الدفاع عن أمنها، وأن بلاده ستسعي لعقد اجتماع بالأمم المتحدة للبحث عن حل سياسي في اليمن، لكن كل التبريرات التي ساقها جونسون، لم تُقنِع الآلاف من البريطانيين والمقيمين العرب للخروج في مظاهرات احتجاجية بالتزامن مع زيارة بن سلمان، وجابوا شوارع لندن وصولاً إلي مقر الحكومة البريطانية رافعين عشرات اللافتات التي كُتب علي بعضها عبارة “محمد بن سلمان مجرم حرب”، ويافطات تطالب الحكومة البريطانية بوقف تصدير الأسلحة الي السعودية، والضغط لوقف الحرب علي اليمن، ورُفِعت خلال المُظاهرات صُوَر الأطفال والنساء الذين سقطوا بغارات التحالف السعودي علي اليمن!
وزيارة بن سلمان الي الولايات المتحدة أواخر آذار الماضي جاءت لإستكمال عقد الصفقات، ومن ضمنها إتفاقية مع شركة صيانة تابعة لـ “بوينغ” بهدف تأسيس مشروع مشترك مع الشركة السعودية للصناعات العسكرية، لتوطين أكثر من 55% من الصيانة والإصلاح للطائرات الحربية ذات الأجنحة الثابتة والطائرات العمودية في السعودية تحقيقا لرؤية المملكة 2030، لكن وكما كان هدف بن سلمان كسب رضا بريطانيا عبر الصفقات لضبط معارضيه المُقيمين لديها، كان هدفه في الولايات المتحدة التأكيد علي دورها في سوريا لتقويض نظام الأسد، الي أن جاء التصريح الصادم من الرئيس ترامب بعد أيام من انتهاء زيارة بن سلمان: “أنه حان الوقت لانسحاب القوات الأمريكية من سوريا”، لكن وسط ذهول الكونغرس من تجاهل ترامب لدوره، سارع مسؤول أميركي بارز الي القول، أن المهمة الأمريكية لمحاربة “تنظيم الدولة” في سوريا لم تنتهِ وأميركا ستُكمل هذه المهمة، وبالفعل تراجع ترامب وأعلن بقاء قواته في سوريا لفترة أطول، لكن المُلفت في تصريحه قوله: “المملكة العربية السعودية مهتمة جداً بقرارنا، وقلت لهم حسناً، إذا أردتم أن نبقي فيتعين عليكم أن تدفعوا”.
هكذا وبكل بساطة يتعاطي ترامب مع السعودية، منذ أعلن خلال حملته الإنتخابية أنها البقرة الحلوب التي تدرّ ذهباً ويجب حلبها حتي يجفّ ضرعها، وعملية الإبتزاز مستمرة، وإذا كان محمد بن سلمان قد “جني” 107 مليارات دولار كشرطٍ لتحرير الأمراء الذين اعتقلهم، فإن شراء العرش عبر استرضاء بريطانيا وأميركا وحتي فرنسا يُكلِّفه وسوف يُكلِّفه مئات المليارات من الصفقات والرشاوي، وارتضاءه الذلّ الذي يلقاه من ترامب تحديداً، محاولة لتبييض سمعة المملكة كشريك للإرهاب من جهة، والإستقواء بالغرب علي من يُعارضون وصوله الي العرش من أمراء العائلة المالكة من جهة أخري، وهذا الرجل الذي يتَّصف بالذئب الكاسر كما وصَّفه أمير الكويت، مُستعدٌّ لشراء العرش عبر دفع الأثمان للغرب حتي ولو باع المملكة.
*بقلم: أمين أبوراشد
**المصدر: موقع المنار
انتهي ** 1718