مؤيد البدري ” أرث وفكر وتجليات..!
بقلم الكابتن مجيد الدليمي
أستهلال : قراْت مقالا واعيا ومهنيا عن الاستاذ مؤيد البدري كتبه الاعلامي والكاتب المتاْلق علي رياح واْحسب انه من المقالات الصحفية القليلة التي تلامس هم ووجع الكثيرين وتدخل في عمق معاناتهم . اليوم تذكرت تاريخه واعتز كثيرا ببداياته المرهقة والمتعبة والنضالية.
واسجل فيه اولا ” أننا نحتفي اليوم ونحتفل بكل مفكر ومبدع رياضي تقوده مسئوليته الاجتماعية، ومشاعره الإنسانية، وأحاسيسه الوطنية ليقدم عملاً رياضيا مبهجاً من أجل الوطن، وإنسان الوطن. ويمارس هذا العمل كوعي، وثقافة ينطلقان من خلال إيمانات بضرورة المشاركة والاسهام في نشر الثقافة الرياضية، ومشاركة الآخرين الهموم، والمتاعب، والاحباطات، والهزائم الرياضية ومحاولة التخفيف من تراكماتها التي قد تدمر حياتهم الرياضية ومستقبلاتها لو وجدوا أنفسهم وحيدين في مواجهة شرسة وغير متكافئة مع الظروف، والتحديات، والهزائم. سيما وأن أوضاعهم جعلتهم مثخنين بالجراح، منكسرين إلى حد يصعب عليهم المواجهة، وتحقيق الانجازات مع الظروف، وضد الزمن. واسجل ثانيا ” غالبا ما تاْتي الاعمال الرياضية المبهجة مواكبة لتطلعات ذوق المشاهد الذي يريد ان يستمتع لما يشاهده ويسمعه من احداث واخبار رياضية ؛ بالتالي فان تلك الاعمال الرياضية المبهجة قد خرجت من كونها للسلطنة والمتعة الى تعبير جمالي عن الشعور والاحساس للفرد بل انها ذهبت الى زرع ذوق المشاهد .
من هنا فالمدرسة الفنية الاسبوعية الرياضية التي يقدمها المفكر الرياضي الاستاذ مؤيد البدري كل يوم ثلاثاء لم تعد ترفا او تسلية اذ انها تهدف الى التعبير الجمالي والملموس عن الشعور العام فهي تؤثر مباشرة في الجماهير بمختلف مستوياتهم اضافة الى ذلك فهي تختلف عن الفنون الاخرى التي تعكس ثقافة نخبوية مثل فنون الادب . لقد طال الاستهلال ” وحان وقت التدارك لنفتح اوراق المبدع الخلاق وصاحب الفكر الرياضي الحضاري المفكر العملاق الاستاذ مؤيد البدري كي ينموا لدينا احساس بعظمته وعظمة منتجه الحضاري ” الرياضة في الاسبوع ” إذا أقرأ، أو أسمع أو أشاهد الاستاذ مؤيد البدري أجد نفسي أمام رجل وعي، وفكر، وتجارب، وثراء رؤيوي، وعقل رياضي مميز بالإمساك بكل أطراف وخفايا وأبعاد الأحداث الرياضية ، ومشاكلها، بحيث يثري المتلقي ، قارئاً أو مستمعاً ، بأفكار، وحلول، واستشرافات، وتشخيص، ورؤى عقل، ومسؤولية، وفهم ، ويغوص إلى أعماق الأحداث الرياضية، ويشرحها ويضع حلولها، أو يقترب كثيراً من محاصرتها.
والاستاذ مؤيد البدري بهذا التوصيف – وهو توصيف أكتسبه كحق من خلال السلوك والممارسة – هو في المفهوم المجتمعي العراقي والنظرة العربية العامة مفكر وخبير رياضي من طراز متفوق ، ورجل أدارة وقيادة وقرار، كما أنه الأستاذ الأكاديمي الأول الذي لم تتكرس ثقافته الرياضية والادارية من خلال الممارسات السلطوية ، وثقافة التهميش والاقصاء ومصادرة الآراء كما هو في بعض الأدارات التي تعاقبت على أدارة مؤسساتنا الرياضية والكروية ، وإنما كانت ثقافته نابعة من الإيمان بالإنسان والوطن أولاً، والإرث الرياضي والثقافي والحضاري للكيان فهو مسؤول ورمز ومفكر وخبير واعلامي يزرع الحب في كل يوم ثلاثاء، وينثر الود والاحترام لكل الناس من خلال عمله كمسؤول أداري وقائد مؤسسة رياضية أو من خلال برنامجه الاسبوعي ( الرياضة في الاسبوع )، وإذا ما رأى خطأ أداريا ، أو تجاوزاً فإنه يُخضعه لحسن الظن، ويلتمس لصاحبه العذر، لا أن يستخدم الأحكام المسبقة، والاتهامات الجاهزة. في حديثه العاقل والمتوازن والحكيم لبعض الصحف آنذاك يقول ( فليكن امامنا العقل. فالعقل هو الثروة ) ليؤكد حضرته بأن كل الأخطاء التي يتم ارتكابها تسبقها فكرة منحرفة تمكنت من العقل وسيطرت على الحواس، وربما استثمرت بعض الظروف والمتغيرات لتبرير تحولها من مجرد فكرة إلى عمل يعرقل مسيرتنا الرياضية .
هذه حقيقة لم يوارب الأستاذ مؤيد البدري فيها، ولم يسع إلى تغليفها، أو الدوران حولها، أو محاولة ملامستها، بل ذهب إليها مباشرة ؛ فالأفكار الخاطئة إذا استولت على العقل وتكرست في النفس، فإن العقل في هذه الحالة يكون في حالة غياب كامل بحيث تعمل النزوات، والحماقات التي يتضخم من خلالها الوهم بصوابية الأفكار رغم أنها لا تستند إلى مسوغ، أو مبرر بل هي حالة جهل يرفضها المجتمع . وشواهد الأخطاء والأخفاقات الرياضية كثيرة ؛ هي نتاج ثقافة جاهلة متصدية أقصائية تريد ان تكون جميع مؤسساتنا الرياضية في درك التخلف والجهل ؛ بحيث عطل العقل وصودرت المفاهيم والأفكار التنويرية ؛ وصار أقصاء المفكرين وتهميشهم ومصادرة حقهم في الفهم والوعي نمطا عند فئة تريد فرض أجندتها على الكل وأن كانت اجندة تستهدف مصلحة الوطن . اليوم نتذكر الأستاذ مؤيد البدري وبرنامجه ( الرياضة في الأسبوع )، ونتذكر عبره جيلاً رياضياً ملتزماً، مناضلاً، أحتضن الأرث الرياضي كموقف، واستشراف، وفعل إيمان، وإخلاص، وشعور بالهم الوطني ، والأخلاقي، نتذكر عبره كل من أطلقنا عليهم برياضيي العصر الذهبي، ونتذكر العشرات من المثقفين الذين أخلصوا وآمنوا برياضة الوطن سلوكاً وممارسة .
نتذكره في هذا الزمن الرديء الذي انتج القبح، والظلام، والمتاجرة بالرياضة الوطنية بحيث وظفوها من أجل المناصب، والامتيازات الاجتماعية، والحصول على الثروات ، وغير ذلك أصبحت منابرهم الاعلامية والبرامج الرياضية التلفزيونية للتأجير ، إن لم نقل إرهاب استهدف أخوة له في الفكر والكلمة والحرف والأيمان. الاستاذ مؤيد البدري ،أيها الرائع في فكرك، ووعيك ونضالاتك ؛ نتذكرك ايها الجميل المفكر المناضل الواعي وانت في غربتك وسقمك وشيخوختك ونحزن في زمن أصبحت قضيتك الرياضية التي ناضلت من أجلها، مسخاً فكرياً، بين قيادات الظلام والتكهف والعفن ، بحيث أصبحت مفاهيمك وثقافتك وأرثك هامشاً صغيراً جداً في أجندتهم، وفي وعيهم وفي سلوكهم. وأصبح المحرك لها ثقافة رياضية منحرفة أخرى. تعمل على إلغائها، وانبعاث هذه الثقافة المنحرفة لتسود كل وعي جمهورك ومحبيك . ما الذي يدفعهم الى هذا التعري الخلقي والعمل بطرق مسيئة للذوق الجماهيري العام .؟؟
ومن يتحمل مسؤولية ذوق هذا الجمهور وبالتالي التاثير في خياراته ؟؟ وهل عجز الاعلام العراقي بثروته الطيبة التي لاتستثمر وفقا لخطط جماهيرية رائدة ” في التعبير عن آمال وهموم المشاهد العراقي ؟؟ وأسئلة كثيرة تتداعى ..” ايها الجميل المهذب الاستاذ مؤيد البدري نذكرك دائما كرمز من رموز العمل الرياضي الأبداعي وندعوا لك بالتوفيق والشفاء .