الديمقراطية زلاطة!!
2018-11-04 00:00:00 - المصدر: شبكة اخبار العراق
بقلم: صادق السامرائي
الزلاطة معروفة في الموائد العراقية والعربية , وهي خليط من الخضراوات , خصوصا الخيار والطماطم والخس والبصل وغيرها العديد من أنواع الخضراوات التي يمكن وضعها في وعاء مع ما تشتهيه من التوابل والمقبلات , وأطباق الزلاطة تتنوع وتتعدد بحسب مكوناتها , لكنها لذيذة وأظن الجميع يحبها ويبدأ بها عند الأكل.
وفكرة الزلاطة خلاصتها التنوع والتمازج والقبول بما يُضاف إليها من الخل والحوامض والتوابل بأنواعها , وكلما تنوعت مكوناتها إزدادت طيبتها ورغب الآكل بالمزيد منها , والزلاطة ركن مهم وأساسي من وجبات الطعام في معظم المطاعم والمطابخ.
والديمقراطية عبارة عن زلاطة بكل ما تعنيه كلمة زلاطة , والذين لا يجيدون تحضير طبق زلاطة لا يمكنهم بناء تجربة ديمقراطية , فإذا توهموا أن الخِيار لوحده يمكنه أن يكون زلاطة فهذا طبق خيار وليس زلاطة , بمعنى لا يمكن القول بأن الديمقراطية يمكن أن تعبر عنها فئة أو كتلة أو غيرها من المكونات التي عليها أن تتفاعل وتتمازج لكي تكوّن طبق الزلاطة.
وما يحصل في الواقع العربي أن مفهوم الزلاطة يغيب عن وعي الذين يسمون أنفسهم ساسة , ويمضون في الثرد حول الصحون , وفي هذا إنحراف سلوكي خطير يؤدي إلى تصارعات داخلية تقضي على الحياة في البلاد التي من المفروض أن تعبر عن سلوك الزلاطة , لكي تبني الديمقراطية بمعناها الجوهري والنافع للجميع.
بينما مفهوم الزلاطة يعني التفاعلات ذات الطعم المتنوع المشارك في تنمية طيب مذاقها والرغبة بالمزيد منها , لأنها لذيذة وتفتح الشهية , وتمنح الشعور بالرضى والسعادة والإمتنان والقدرة على التمتع بالحياة الهانئة على مائدة الطعام.
ولكي نبني ديمقراطية حقيقية , ونتمتع بمباهج الحياة ونعمتها علينا أن نستحضر فكرة الزلاطة , ونعمل جاهدين على تنويع مكوناتها والإجتهاد بإضافة ما يزيد من لذة طعمها , وقيمتها الغذائية الكفيلة بالحفاظ على الصحة والحياة السليمة القادرة على مجابهة الصعاب.
فآليات الزلاطة تعني أن جميع مكوناتها متكاتفة متآلفة متلاحمة للتعبير عن ذاتها الكلية وإرادتها الفعلية , فمكونات الزلاطة ذات هدف واحد وهي متشابكة وغايتها أن ينتعش الذي يتناولها , لطيبة طعمها ولذة مذاقها وقدرتها على فتح شهيته لمزيد من الطعام.
فهل لدينا القدرة على إستيعاب مفهوم الزلاطة لكي تكون ديمقراطيتنا ناجحة؟!!
زلاطة: سَلطة