شوماخر الغائب الحاضر في الفورمولا وان
أحاطت عائلة السائق المتوج بلقب بطولة العالم سبع مرات (رقم قياسي) والمقربون منه، بالسرية التامة، الوضع الصحي الفعلي للسائق الذي يستعد في الثالث من كانون الثاني/يناير للاحتفال بعيد ميلاده الخمسين.
لم تكشف عائلة شوماخر مطلقاً كيف أصبح، على رغم أن أطباء الأعصاب يرجحون أنه خرج من حالة الغيبوبة التامة، وبات في حالة "إنباتية" (بحسب التعبير المعتمد من منظمة الصحة العالمية)، والتي تتمثل بضرر دماغي يبقي على بعض الوظائف الأساسية (مثل التنفس وحرارة الجسم وفتح العينين)، لكن يقضي على أي إدراك حسي للشخص بمحيطه أو القدرة على التكلم والتصرف الإرادي.
مطلع كانون الأول/ديسمبر الحالي، كشفت صحيفة "بيلد" الألمانية أن رئيس الاتحاد الدولي للسيارات (فيا) الفرنسي جان تود، زار شوماخر في مقر إقامته في سويسرا، و"تابع" وإياه عبر شاشة التلفزيون، سباق جائزة البرازيل الكبرى، المرحلة العشرين ما قبل الأخيرة من موسم 2018.
تود ليس فقط مسؤول الاتحاد المشرف على رياضة الفئة الأولى. كان مدير فريق فيراري في عصر هيمنة شوماخر على بطولة العالم بخمسة ألقاب متتالية بين العامين 2000 و2004.
جمعت بين الرجلين علاقة وطيدة وصداقة حميمة، وما العناق الحار المؤثر بينهما في يوم وداع شوماخر، سوى دليل على رابط لم ينقطع.
وكان تود قد قال في أواخر عام 2016 "ميكايل كان وما زال صديقاً مقرباً لي. عائلته مقربة مني. أرى شوماخر دائماً وبإمكاني أن اقول لكم: ميكايل ما زال يقاتل. عائلته ما زالت تقاتل إلى جانبه".
لم ينف الفيا حصول اللقاء الحديث، إلا أن حصوله من عدمه لا يقدم أي إجابات على أسئلة عدة تتعلق بالسائق السابق: هل هو واعٍ أم غائب عن الوعي؟ قادر على الجلوس أم في حالة تمدد؟ يتكلم، يتحرك؟...
لم تُغيّر العائلة موقفها المعتصم بالصمت حيال الأسئلة المحيطة بسائق جذب الآلاف لمتابعة الفورمولا وان، بشخصيته القوية ومهارته الاستثنائية وسطوته على الحلبات. بالنسبة إلى كثيرين، انطفأ ضوء في الرياضة بعد شوماخر، ولم تتمكن المحركات من توليد سائق يملأ فراغه.
ورداً على سؤال لوكالة فرانس برس، قالت المتحدثة باسم عائلة شوماخر سابين كيهم "نحن على تواصل مع العديد من المشجعين بفضل وسائل التواصل الاجتماعي. العائلة ترغب في التحدث عن الحضور القوي لميكايل وعيد ميلاده الخمسين، بدلاً من تاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر".
تحية من فيراري
في اليوم المشؤوم، تعرض شوماخر الذي كان برفقة نجله ميك (البالغ يومها 14 عاماً)، لحادث تزلج في جبال الألب الفرنسية، تسبب له بإصابة بالغة في الرأس وضع على إثرها في غيبوبة مصطنعة لستة أشهر.
وعلى رغم غيابه عن الظهور، يحافظ محبو شوماخر على أسطورته حية، وفي مقدمهم فريق فيراري الذي نال معه لقب "البارون الأحمر".
ويعتزم الفريق الإيطالي إحياء عيد شوماخر بمعرض في متحف فيراري في بلدة مارانيلو الإيطالية بعنوان "ميكايل 50"، يفتح أبوابه الخميس المقبل.
وأوضح الفريق "هدفنا هو في الوقت ذاته الاحتفال وإظهار امتناننا للسائق الذي حقق أكبر نجاح في تاريخ الحصان الجامح (لقب فيراري)".
كما سيطلق في يوم ميلاده، تطبيق خاص بالهواتف الذكية يتضمن كل تفاصيل مسيرته باللغتين الألمانية والإنكليزية، وذلك بحسب مؤسسة "كيب فايتينغ" ("واصل القتال") التي أطلقتها عائلته قبل عامين.
ترك شوماخر فيراري في العام 2006 واعتزل الرياضة التي أحب، قبل أن يعود إليها في 2010 ليقود لعامين لصالح فريق مرسيدس.
وفي إشارة إلى التأثير البالغ الذي حظي به السائق الأسطوري الذي لم يحقق مع الفريق الفضي نجاحا يقارن بما قام به مع فيراري، قال عنه مدير مرسيدس النمساوي توتو وولف هذا الشهر لـ "بيلد"، "ميكايل حاضر دائماً في حياتي الخاصة وفي مرسيدس. بالنسبة إلي، هو أبرز سائق على مر العصور (...) نفتقده كثيراً كمستشار ومعلم".
الوريث
المفارقة أن الفريق يجد نفسه قادراً على "تطويب" سائق آخر على عرش الفورمولا وان، هو البريطاني لويس هاميلتون الذي توج في 2018 بلقبه العالمي الخامس، وبات على بعد لقبين من إنجاز شوماخر.
لا يزال أمام هاميلتون الكثير من العمل لمعادلة ما حققه شوماخر، أكان على صعيد الألقاب أم عدد الانتصارات في السباقات (91 مقابل 73).
وفي حين يُبقي فريقا فيراري ومرسيدس على إرث شوماخر حياً في عالم الفئة الأولى، تستعد الرياضة في الأعوام المقبلة على الأرجح، للترحيب بـ "الوريث الشرعي" للاسم الهادر على الحلبات.
ميك شوماخر البالغ حالياً 19 عاماً، سيبدأ في الموسم المقبل المشاركة في سباقات الفورمولا 2، بعد مسيرة في الفورمولا 3 توجها بلقب بطل أوروبا.
يخوض "شوماخر الصغير" المسار الطبيعي للانتقال إلى عالم الفورمولا وان، حيث سيسير على خطى سائقين آخرين ورثوا الرياضة عن آبائهم، مثل البريطاني دامون هيل والكندي جاك فيلنوف والألماني نيكو روزبرغ، والذين حققوا جميعا لقب بطولة العالم...