جائحة كورونا والعلاقات الدولية
كتب / بدر أبو نجم
دخلت جائحة كورونا عامها الثاني، دون أن نجد بين أوراق الخريف المتناثرة ما يمكن أن نزرعه ليأتي أكله، حتى ينتهي هذا الكابوس الذي اجتاح العالم، وشل حركتها بشكلٍ كامل في بداية ظهور فيروس لا يُرى بالعين المجردة، أطلق عليه كوفيد-19، يهاجم الجهاز التنفسي للإنسان.
في أواخر العام 2019، ظهر فيروس كورونا في أحد أسواق مدينة ووهان الصينية، بحسب معظم المصادر المتوفرة، وانتشر فيها كالنار في الهشيم، وبدأت مستشفيات المدينة تستقبل الحالات المرضية بالأعراض ذاتها، ليدق الأطباء هناك ناقوس الخطر بظهور وباء عالمي.
في بداية ظهور المرض، تكتمت السلطات الصينية عن فحوى هذا الوباء، والتزمت الصمت، ولم تعر دول العالم اهتماماً كبيراً بهذا الفيروس. لكن وبعد ظهور حالات مرضية في دول مختلفة، أصبحت الحاجة ملحة لأخذ الأمور على محمل الجد.
بدأ فيروس كورونا ينتشر رويداً رويداً في دول العالم، حتى أعلنت منظمة الصحة العالمية في الرابع من مارس عام 2020، أن المرضى في العالم وصلوا إلى أكثر من 92 ألف حالة.
مع تكتم الصين، وتأخر منظمة الصحة العالمية بالإدلاء بطبيعة هذه الجائحة، أدى إلى تفاقم سرعة انتشار الوباء، بين الدول والأفراد.
بحلول مارس (آذار) عام 2020، بدأت معظم دول العالم بإجراءات الإغلاق الداخلي والخارجي، لتبدأ معركة شرسة مع هذا المرض من جهة، ومع توفير المستلزمات الطبية، من جهة أخرى.
لم يفرق الوباء بين دولة ضعيفة أو قوية، فتكبد العالم خسائر اقتصادية ومالية فادحة، نتيجة هذه الجائحة التي أثرت على الاستيراد والتصدير، وفرص العمل، وساهمت في انتشار الفقر والبطالة.
خلفت جائحة كورونا كوارث اقتصادية هائلة، وتوقعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، أن تصل خسائر الاقتصاد العالمي جراء جائحة كورونا بداية العام 2021، إلى 28 تريليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.
كان وباء كورونا اختبارا كبيرا لمدى نجاعة النظم الصحية للدول، لكن حصلت المفاجأة التي لم يتوقعها أحد، فمن سوء حظ الدول المتقدمة أن الفيروس بدأ بالانتشار فيها، وأصبحت أرقام الوفيات تتصدر المؤشرات، وهنا طفت على السطح مفاهيم أصبح العالم يحاول تفسيرها.. أين كانت تُوظف موارد وخزائن تلك الدول العملاقة؟؟
كشف المستور:
حصد فيروس كورونا ملايين الأرواح في العالم، وامتلأت المستشفيات بالمرضى، ولم تتوفر الأسرة لهم ى في غرف المشافي، ونفدت أجهزة التنفس، وحتى على مستوى توفير الكمامة التي تقي نوعا ما من انتشار الوباء، أصبحت تُخاض من أجلها حربٌ ضروسٌ في البحار للحصول عليها، وظهرت المساومات التجارية لشراء المستلزمات الطبية البسيطة، التي لم تستطع الدول المتقدمة توفيرها لمواطنيها، ووضحت الصورة أكثر فأكثر، لتُبين ضعف وهشاشة هذه الأنظمة التي شُبهت ك “بيت العنكبوت”.
عندما نتفحص مبادئ ومهام الاتحاد الأوروبي، فإن المواطن الذي يعيش في قطر عربي مثلاً، سوف يحسد هذا الأوروبي الذي منحه إتحاده حرية التنقل بين كافة أقطاره. ليس ذلك فحسب، بل إن دول الإتحاد تعتبر كتلة واحدة في وجه التحديات الخارجية، فهي دولة واحدة من المنظور العام. إلى أن تسلل هذا الفيروس، وحطم كل تلك المبادئ التي أُنشئ من أجلها الاتحاد.