اقليم كردستان.. بيانات وأزمات وانقسامات
كتب سامان نوح:
مع حلول “العيد” قادة أحزاب الاقليم الغني الفقير، القوي الضعيف، يطلقون سلسلة بيانات مستنسخة عن بياناتهم السابقة، تكرر ذات العبارات: نحن اليوم أحوج ما نكون الى تجاوز الخلافات ووحدة الصف.. لنتخذ جميعا من هذا العيد فرصة للتفاهم والتعاون والمصالحة وحل المشاكل ومعالجة الأزمات من أجل المصالح العليا للشعب والوطن وحماية المكتسبات المهددة بالضياع.
لا جديد.. مجرد انشاء لغوي وشعارات تضاف الى الأرشيف القومي الضخم من البيانات والخطابات والتعهدات، فقد تجاوز القادة منذ زمن دائرة المصالح القومية وباتوا أسرى المصالح الشخصية والحزبية التي أضحت فوق كل رؤية واعتبار.
القادة الذين تواصل قنواتهم الاعلامية، شن الهجمات الاعلامية ضد بعضهم البعض، لا يملكون منذ سنوات مشاريعا أو خططا لاصلاح الأوضاع التي يقرون بتدهورها، ولا برامج او حتى رؤية عامة للنجاة بقارب الاقليم في بحر الأزمات المحلية والتحديات الاقليمية المتلاطم الأمواج، ولا حتى تحركات لاطلاق مبادرات حوار تزحزح كتل الانسدادات… لا شيء غير خطط لتضخيم الامتيازات وتمتين حلقات المصالح الضيقة، وترك مشاكل وأزمات الاقليم تحل نفسها بنفسها ربما عبر مزيد من الأزمات، أو يحلها الحلال!.
قادة القوى الحاكمة يتصرفون وكأنهم أحزاب معارضة صغيرة او منظمات مجتمع مدني، ترصد الأحداث وتصدر مواقفاً وبيانات تتطلع فيها لقيام الجهات المسؤولة بأداء دورها في حل الأزمات. الأزمات التي تضرب الاقليم طولا وعرضا:
– شمالا تهاجم تركيا بطائراتها ومدفعيتها ومُسيراتها بل وبآلاف من جنودها أرض الاقليم، وتضرب يسارا ويمينا وتتوغل لعمق 30 كلم موزعة مراكزها العسكرية والأمنية حتى في محيط المدن الكردية وليس القرى الحدودية وحسب، والقادة غائبون او مغيبون ولا حتى بيان “إبداء قلق”.
– شرقا تهاجم ايران عاصمة الاقليم بالصواريخ وتتوعد أحزابه بتصريحات هجومية صريحة مباشرة، وتُفاخر بأن صواريخها الباليستية ستواصل هجماتها ما لم يغير قادة الاقليم مواقفهم من ملفات سياسية واقتصادية وأمنية. ولن يردعها رادع، فحتى الأمريكيون سيلوذون بالصمت وربما يبررون كما فعلوها بالأمس قائلين: الصواريخ لم تستهدف قنصليتنا!.
– وفي الداخل الكردي، قبالة الأبراج التجارية التي تزداد ارتفاعا كل يوم، ومع وصول سعر برميل النفط الى ما فوق الـ100 دولار، تؤكد الحكومة عجزها عن توزيع رواتب موظفيها في أوقاتها، فالبكاد أكملت أربيل دفع رواتب موظفيها لشهر آذار، فيما لم يحصل بعد بعض موظفي السليمانية عليها وسط موجات من تبادل الاتهامات وحجة كارثية تتكرر مفادها أن الأموال لا تكفي فـ 60% من عائدات النفط تذهب الى جيوب الشركات وغالبية عائدات المعابر الحدودية لا تنتهي “بقدرة الأحزاب” الى خزينة الحكومة.
– يقولها مراقبون بمزيج من الأسف والتحذير، ويقر بها ساسةً، على ارض الواقع لم تعد هناك حكومة موحدة في الاقليم الصغير، بل ادارتان شبه مستقلتين تتصراعان ماليا وامنيا واداريا وربما غدا عسكريا فلاجيش موحد ولا جهاز أمني واحد.
– اقليم بلا برلمان حقيقي فأبوابه مغلقة، ولا يستطيع نوابه حتى عقد اجتماعات شكلية.. اقليم بلا مؤسسات جامعة، ولا موازنات مالية عامة منذ ثماني سنوات ولا ارقام صرف دقيقة ولا رقابة ولا حساب.
– اقليم تتفاقم مشاكله يوما بعد آخر، وينام مواطنوه على اخبار مشاريع الاصلاحات الطنانة، ويستيقظون على ارتفاع الأسعار وتزايد الضرائب وموجات تصاعد البنزين وفقدان الغاز وانقطاع المياه من جهة وفيضانها من جهة أخرى.
– اقليم “أطراف حكومته” يتبادلون منذ أشهر صباحاً مساءً اتهامات الفساد على منصاتهم الحزبية، مراكمين أزمة فوق أخرى، بدءاً من أزمة “الصراع على رئاسة الجمهورية” التي لم تبق للكرد وحدة صف وموقف ورؤية ومصالح مشتركة في بغداد، مرورا بأزمة “اجراء الانتخابات البرلمانية” الكردية وقانونها الخلافي ومفوضيتها المنتهية الصلاحية، وانتهاءً بأزمة مباحثات ولقاءات تصدير غاز الاقليم الى أوربا، والتي تحولت الى معركة “كسر ارادات” ألقت بتداعيات ثقيلة على “اوضاع السليمانية”، يقول الحزب الديمقراطي عنها بأنها أزمة فساد وسوء ادارة في مناطق الاتحاد، فيما يصفها الأخير بانها مشروع سياسي كامل المواصفات لـ”تجويع السليمانية”.
شارك هذا الموضوع: