العراق يحدد هوية 78 ضحية قتلهم "داعش" بعد 7 أعوام من مجزرة سجن بادوش
في المؤتمر الصحافي الذي كُشفت فيه هوية بعض من ضحايا تنظيم داعش بالعراق (تويتر)
أعلنت دائرة الطب العدلي التابعة لوزارة الصحة العراقية أنّها تمكّنت من تحديد هوية 78 شخصاً من ضحايا سجن بادوش، ثاني أكبر سجون البلاد الواقع على بعد نحو 30 كيلومتراً إلى الغرب من مدينة الموصل مركز محافظة نينوى شمالي العراق. وكان هذا السجن قد شهد في صيف عام 2014 مجزرة قُتل فيها أكثر من 600 شخص على يد عناصر تنظيم داعش.
وقال مدير عام الدائرة زيد علي، في مؤتمر صحافي عُقد في مبنى وزارة الصحة في بغداد، إنّ "مختبرات الطب العدلي تمكّنت من تحديد هوية 78 مفقوداً كوجبة (دفعة) أولى من ضحايا سجن بادوش، بعد جمع عيّنات من 1570 شخصاً من ذوي 524 مفقوداً" في السجن. أضاف أنّه "بعد استكمال قاعدة البيانات، تمّ فحص الرفات".
وأشار علي إلى أنّ الضحايا سوف يُشيَّعون بعد غد الثلاثاء، برعاية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مع تخصيص "مقبرة مركزية" لرفات هؤلاء.
وفي سياق متصل، أوضح مدير عام دائرة المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء ضياء كريم، في المؤتمر الصحافي نفسه، أنّ "عناصر داعش كانوا قد اقتادوا سجناء بادوش إلى منطقة تبعد بعض الكيلومترات من السجن"، ليصار إلى "قتل نحو 600 سجين بالقرب من مجرى المياه". أضاف أنّ "عملية فتح المقابر والتنقيب فيها تمّت بدعم من اللجنة الدولية لشؤون المفقودين وفريق التحقيق الدولي بعد صدور قرار فتح المقابر".
وتابع كريم أنّ عملية فتح المقابر استغرقت أكثر من عامَين، وقد أسفرت عن رفع 605 رفات، بواقع 401 جزء من الرفات و204 من الرفات الكامل، لافتاً إلى أنّها كلّها سُلّمت إلى دائرة الطب العدلي لتحديد هويات أصحابها، علماً أنّها تعرّضت للسيول وعوامل مناخية عدّة. وأكمل أنّ دائرة الطب العدلي حدّدت بالفعل هويات عدد من تلك الرفات.
وكانت الحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2014 قد تعرّضت لانتقادات كبيرة من قبل ذوي الضحايا ومن قبل منظمات معنيّة بحقوق الإنسان، بسبب إهمال الملف وعدم السعي إلى فتح المقابر وتحديد هويات الضحايا على الرغم من مناشدات كثيرة أطلقها ذووهم.
ويقول الناشط الحقوقي ضياء الشمري لـ"العربي الجديد" إنّ "الحكومات كلّها مقصّرة في الجانب الإنساني، فالملفات الإنسانية ومن بينها فتح المقابر الجماعية وانتشال الجثث من تحت أنقاض الموصل كانت في أدنى قائمة اهتماماتها، الأمر الذي تسبّب في تأخّر الحسم في تلك الملفات".
يضيف الشمري أنّه "بعد سبعة أعوام على ارتكاب المجزرة، لم تكشف الجهات المسؤولة إلا عن هوية 78 شخصاً فقط، وهذا يُعَدّ فشلاً كبيراً في إدارة الملف الذي قد يستمرّ لأعوام إضافية". ويشدّد على أنّ "مئات من عائلات الضحايا الذين سقطوا في مجزرة سجن بادوش ما زالت تجهل مصير أبنائها المصنّفين في عداد المفقودين".
تجدر الإشارة إلى أنّ تنظيم داعش كان قد سيطر على سجن بادوش في 14 يونيو/ حزيران من عام 2014، وارتكب مجزرة كبيرة بحقّ الحراس والسجناء على حدّ سواء، أسفرت عن مقتل نحو 600 حارس وسجين دُفنوا في مقابر جماعية. وقد تمّت عمليات الإعدام على أسس طائفية، بعدما أطلق عناصر "داعش" سراح أتباع التنظيم أو الذين هتفوا باسمه لحظة اقتحام السجن، ويُقدَّر عددهم بنحو 200 سجين، من بينهم المتحدّث الإعلامي باسم تنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين" آنذاك أبو ميسرة العراقي. يُذكر أنّ الأخير من بين المعتقلين الذين سلّمتهم القوات الأميركية إلى حكومة نوري المالكي بعد انتقال ملفّ السجون من الاحتلال الأميركي إلى سلطة الحكومة العراقية.