حراك عراقي لاحتواء الغضب الإيراني بعد التلويح باستئناف قصف كردستان
من قصف تعرض له "الديمقراطي الكردستاني" الإيراني في نوفمبر 2022 (صافين حاميد/فرانس برس)
يُنتظر أن يزور مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، العاصمة الإيرانية طهران، خلال الأيام المقبلة، لبحث ملف ضبط الحدود المشتركة ونشاط الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة المتواجدة في إقليم كردستان العراق، وفقاً لما أكدته مصادر عراقية رفيعة في بغداد لـ"العربي الجديد"، وذلك بعد تلويح مسؤولين إيرانيين بمعاودة قصف أهداف تابعة لتلك الجماعات داخل العراق.
ووفقاً لمسؤول في مستشارية الأمن القومي العراقية بالعاصمة بغداد، يجري "حراك واسع من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مع مسؤولي إقليم كردستان، بهدف إبعاد الجماعات الإيرانية عن الحدود مع إيران بمسافة كافية، ووقف تحركاتها على الشريط مع إيران، ونشر الوحدات الأمنية التابعة لحرس الحدود العراقي بين البلدين".
قيادات داخل "الحرس الثوري" تدفع للتصعيد مجدداً
وبيّن أن قيادات داخل "الحرس الثوري" الإيراني تدفع إلى التصعيد مجدداً ضد أنشطة الأحزاب الكردية، وتؤكد وجود تراخٍ من بغداد في تنفيذ تعهداتها بمنع أنشطة تلك الجماعات، بما فيها الإعلامية الموجهة باللغة الكردية للمحافظات الإيرانية المجاورة للعراق، والمحرّضة ضد النظام الإيراني".
وكشف المسؤول نفسه عن زيارة مرتقبة لمستشار الأمن القومي إلى طهران "من أجل عرض آخر منجزات الحكومة على مستوى تأمين الحدود وكذلك الدفع إلى الحفاظ على التهدئة ومنع عودة القصف مجدداً على الأراضي العراقية الحدودية".
من جهته، قال مسؤول كردي في حكومة إقليم كردستان العراق، في اتصال مع "العربي الجديد" إن مسؤولين من إربيل سيتواجدون ضمن الوفد العراقي الذي سيرافق الأعرجي.
سيرافق مسؤولون من أربيل الأعرجي في زيارته إلى طهران
وأوضح أن "الإيرانيين يتحدثون عن استمرار التسلل، لكن لم تقدم أي أدلة حول ذلك، والعراق مستمر بعملية تشكيل لواء مسلح يتبع حرس الحدود لإكمال انتشاره على طول الحدود وبمسافة تصل إلى 160 كيلومتراً بين العراق وإيران من جهة إقليم كردستان".
وكان قائد القوات البرية في "الحرس الثوري" محمد باكبور، قال السبت الماضي: "طالبنا العراق بطرد الجماعات المسلحة المعارضة لإيران والمتمركزة على أراضيه، ومنحنا وقتاً لذلك، وإلا فإن هجماتنا ستستمر، وتم التوصل إلى اتفاق مع الحكومة العراقية بنزع سلاح الجماعات الإرهابية المتواجدة على أراضي هذا البلد ومغادرتها، ونحن ننتظر وفاء الحكومة العراقية بالتزاماتها".
تهديدات القيادات الإيرانية محاولة ضغط جديدة
في هذا السياق لفت وفاء محمد كريم، القيادي في الحزب "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "عودة التهديدات من قيادات إيرانية باستهداف قرى في إقليم كردستان محاولة ضغط جديدة أو رسائل تذكير للعراق".
وأشار إلى أن "الأحزاب الكردية المعارضة لإيران داخل إقليم كردستان ليست لها أي أنشطة مسلحة داخل العراق حالياً. نرى أن التهديد غير جدي لأن إيران لا تريد إحراج حكومة السوداني، وبنفس الوقت ستُبقي على الضغط لدفع العراق إلى مزيد من الإجراءات ضد تلك الجماعات".
من جانبه، قال عضو تحالف "الإطار التنسيقي"، علي الفتلاوي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك "تواصلا أمنيا بين بغداد وطهران بشأن ملف الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة، ولغاية الآن هناك تعهد إيراني بوقف قصف تلك الجماعات وترك التصرف للعراق حيالها".
وأضاف الفتلاوي أن "حكومة السوداني تعمل مع حكومة إقليم كردستان على منع انتقال أحزاب المعارضة إلى داخل إيران، حتى لا يكون هناك أي مبرر للاعتداء على الأراضي العراقية".
وفاء محمد كريم: عودة التهديدات محاولة ضغط أو رسائل تذكير
في المقابل، أوضح الباحث في الشأن الأمني العراقي، سرمد البياتي في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "المناطق التي تتواجد فيها الأحزاب الكردية المعارضة لإيران حالياً، هي المناطق الجبلية الوعرة، ويمكن أن يكون من خلالها تسلل لبعض العناصر للداخل الإيراني من العراق، ولهذا من المرجّح جداً تنفيذ الحرس الثوري الإيراني ضربات جديدة خلال الفترة المقبلة ضد تلك الأحزاب، إذا ما تم فعلاً رصد تسلل جديد".
الملف يحتاج لمفاوضات مطولة بين الجانبين الإيراني والعراقي
وأشار البياتي إلى أن "هذا الملف يحتاج إلى مفاوضات مطولة ما بين الجانبين الإيراني والعراقي، لحسم أزمة تواجد الأحزاب الكردية الإيرانية، لكن حالياً فإن "الحرس الثوري" الإيراني يريد التعامل عسكرياً معه عبر ضربات داخل الأراضي العراقية بحجة استهداف تلك الأحزاب المعارضة".
وتعرض إقليم كردستان نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى قصف بـ73 صاروخاً، بالإضافة إلى طائرات مسيّرة، استهدفت مقار الأحزاب الإيرانية المعارضة في الإقليم، وقد تسبب القصف بمقتل 13 شخصاً وإصابة 58 آخرين.
وكانت وسائل إعلام إيرانية، ذكرت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن الحرس الثوري الإيراني أعلن عن توقف هجماته بعد تدمير الأهداف المحددة، وأن استمرارها سيكون منوطاً بالسلوك المستقبلي لسلطات إقليم كردستان العراق، مضيفاً أنه "إذا اتخذ الإقليم قراراً معقولاً وأوقف شرور الجماعات الانفصالية والمناهضة لإيران، فإن وقف إطلاق النار هذا سيستمر، وإذا لم يحدث ذلك، فإن الحرس الثوري سيستأنف عملياته".